في نسبة مغايرة عن الدورات السابقة، أظهرتنتائج الانتخابات البرلمانية العراقية، تراجعا واضحا بعدد مقاعد المكون السني فيالعراق، وفقدانهم الكثير من المقاعد بالعاصمة بغداد، خلافا للتوقعات التي كانت ترجحازدياد حجم الكتلة السنية لأكثر من 10 مقاعد.
وكان لافتا خلال هذه الانتخابات، التي جرت فيالعاشر من الشهر الجاري، حصول التيار الصدري لوحده على 73 مقعدا، الأمر الذيجعله أعلى نسبة من جميع مقاعد السنة في عموم العراق، والتي تصل إلى 58 مقعدا، بحسبإحدى القوى السنية.
وفي العاصمة بغداد حصل التيار الصدري لوحده على27 مقعدا من مجموع 69، فيما حصلت القوائم السنية مجتمعة على 16 مقعدا فقط، حيثكانت خسارتهم المدوية في أكبر معقلين لهم هما دائرتا المنصور (غربا)، والأعظمية(شمالا).
أسباب التراجع
من جهته، قال محمد نوري العبد ربه المرشحالفائز عن تحالف "عزم" بقيادة السياسي خميس الخنجر، إن "التنافسبين الكتل السنية ونزولهم بأكثر من مرشح، أدى إلى التشتت في الأصوات، وجعل القوىالشيعية تستغل الأمر وتحصل على مقاعد في مناطق السنة".
وأوضح العبد ربه لـ"عربي21" أن"السنة في منطقة الأعظمية لم يحصلوا إلا على مقعد واحد وكانت امرأة، وكذلك فيمنطقة المنصور"، لافتا إلى أن "عدم خروج السنة للانتخابات بشكل كبير،أدى إلى ذهاب مقاعدهم إلى القوى والأحزاب الشيعية".
ورأى النائب أن "مقاعد السنة في عمومبغداد ازدادت نوعا ما عن الدورات السابقة، لكن في بعض المناطق خسروا مقاعد عدة،والتي كان بالإمكان إضافة 10 مقاعد أخرى على أقل تقدير لما حصلوا عليهحاليا".
وتابع: "بعض المقاعد السنية ذهبت إلىقوائم شيعية لأن انتماءات المرشحين كانت مع تلك القوائم، لكن في عموم العراق، فقدالمكون السني نحو 15 مقعدا، فحسب الإحصائيات بلغ عدد مقاعدهم 58 مقعدا وهذا رقممتدن جدا نسبة إلى الدورة السابقة التي كانت تتخطى الـ 70 مقعدا".
وفي السياق ذاته، رأى المرشح الفائز فيالانتخابات، مشعان الجبوري، خلال حوار تلفزيوني، الاثنين، أن "سنة بغدادبكسلهم وعنجهيتهم، لم يذهبوا إلى الانتخابات، فمنطقة المنصور مجتمعهم ومعقلهمالتاريخي، لم يفوزوا فيها لأنهم لم يذهبوا للانتخاب".
ولفت إلى أن "المرشحين في الأعظمية منالسنة لم يحصلوا إلا على مقعد، مع أن عدد المقاعد للسنة في عموم العراق ربما يكونمقاربا لما حصلوا عليه خلال الدورة الانتخابية السابقة عام 2018".
وأرجع الجبوري ذلك إلى أن "تراجع مقاعد السنة،ولا سيما في بغداد سببه هو محمد الحلبوسي رئيس البرلمان، كونه ترك تقسيم الدوائرالانتخابية في مناطق بغداد وجنوب العراق إلى التيار الصدري، وفي المقابل هم تركوهيقسم دوائر الأنبار مثلما يريد حتى يمكّن مرشحيه من الفوز".
زيادة بالمحافظات
وفي المقابل، قال الخبير القانوني والسياسيالعراقي، طارق حرب لـ"عربي21" إن "المكون السني كان أمامه فرصةللحصول على مقاعد أكثر تعزز حضورهم، وهذا ما قدرناه قبل الانتخابات، لكن عزوفهم فيبغداد تحديدا أضر بحجم مقاعد السنة بشكل كبير".
وأشار حرب إلى أن "أغلبية من قاطعالانتخابات في بغداد هم من المكون السني، وللأسف هذه المرة المتعلم والمثقف منهمعزف عن المشاركة في الانتخابات، ناهيك عمن يجهل العملية الانتخابية، الذي حسم أمرهمنذ البداية بعدم الذهاب".
ونوه إلى أن مشكلة التحالفين السنيين"تقدم" بزعامة محمد الحلبوسي، و"عزم" بقيادة خميس الخنجر، هي أنتنسيقهما كان سيئا للغاية، لأن التنازع بينهما شتت الأصوات، ولا سيما في منطقتي الأعظميةوالمنصور، فلو اتفقا منذ البداية على دعم مرشحين معينين، لكان الأمر اختلفتماما".
وتابع حرب، قائلا: "كذلك الحال فيالمحافظات الجنوبية والوسطى في البصرة وبابل، وغيرها من المحافظات لو كانوا قدركزوا على مرشحين قليلين، وحتى لو كان مرشحا واحدا أو اثنين، لحصدوا عدد مقاعدأكثر".
واستدرك الخبير القانوني، بالقول: "لكن فيمحافظتي ديالى وكركوك، ارتفعت مقاعدهم على خلاف الدورات السابقة في الانتخاباتالبرلمانية، حيث حصلوا على أغلبية المقاعد في الأولى، أما في الثانية فقد زادوامقعدا واحدا".
وفي السياق ذاته، رأى السياسي العراقي، غيثالتميمي، خلال حوار تلفزيوني، الخميس، أن "الكتلة الصدرية أصبحت أكبر من كل مقاعد السنة في العراق، وذلك لو جمعنا كل مقاعدهم بعموم البلد. هذا الشيء لايقبله العقل، فهل من المعقول كل السنة- وهم مكون كبير- أقل من حزب شيعيواحد؟".
وأشار إلى أن "الموضوع ليس له علاقةبالمقاطعة، فالمحافظات السنية فيها عدد مقاعد، لكن هذا يوحي وكأن هناك مكونا عراقيا جديدا اسمه التيار الصدري، أكبر من السنة وحتى الأكراد في العراق".
وبيّن التميمي أن "التيار الصدري حصل على600 ألف صوت في عموم العراق، فليس من المعقول أن تكون هذه أكبر من الأصوات السنية في نينوىوصلاح الدين والأنبار، فالموضوع باعتقادي غير واقعي، ومن غير المعقول أن الصدريينيفوزون في منطقة المنصور السنية ببغداد".
وزاد، قائلا: "حصول حزب واحد على 70 مقعداشيء غير معقول، لأن القانون الانتخابيالجديد يفضي إلى حصول الحزب على مقاعد لا تتعدى الـ35 مقعدا، فلو كانت الكتلةالصدرية تحالفا لقبلنا بهذا الرقم الذي حصلت عليه في الوقت الحالي".
مزيد من التفاصيل