قالت وزارة التجارة العراقية، السبت، إنها قدمت مقترحا إلىتركيا لتشكيل تكتل اقتصادي يضم أيضا إيران، ليكون قوة اقتصادية على غرار تكتلات موجودةفي أنحاء العالم.
وأثار المقترح العراقي تساؤلات عن واقعيته، خاصة في ظل ضعفالاقتصاد العراقي، وشح الإمكانيات الإنتاجية وضعف الإنتاج في البلاد، التي تمر الآن بأزمةسياسية خانقة نتيجة رفض بعض الأحزاب لنتائج الانتخابات.
"أهداف سياسية لا اقتصادية"
ولا يقتصر الضعف الاقتصادي على العراق فقط، حيث تعاني إيرانكذلك الأمر من أزمات اقتصادية متلاحقة، وذلك نتيجة للحصار المفروض عليها على إثر برنامجهاالنووي.
بالمقابل، تعاني الليرة التركية من انخفاض شديد هذه الأيام،حيث وصل سعر الدولار إلى 11 ليرة تقريبا، الأمر الذي أشغل الحكومة التركية، في محاولاتمنها لحل هذه المشكلة.
كذلك جاء طرح وزارة التجارة العراقية لهذا المقترح، في وقتيعاني العراق فيه من أزمة سياسية نتيجة رفض أحزاب لنتائج الانتخابات، أيضا تعتبر الحكومةالحالية حكومة تصريف أعمال، وستبقى حتى يتم تشكيل حكومة جديدة، بالتالي هذه الأسبابكلها تدفع للتساؤل عن إمكانية نجاح العراق في إقناع تركيا وإيران بالانضمام لتكتلاقتصادي يجمع الدول الثلاث.
أشار الأكاديمي والمحلل الاقتصادي من إسطنبول، فراس شعبو،إلى أن "بعض الدول تحاول عمل تكتلات اقتصادية، ويكون بعضها ضد أمريكا وبعضها ضدأوروبا".
واستدرك بالقول: "لكن أغلب هذه التكتلات تكون ضعيفةاقتصاديا، بمعنى أنه لن يكون لها أي مردود اقتصادي جيد، وتكون فيها الاستفادة لدولعلى حساب دول أخرى، بالتالي تكون الغاية من التكتلات سياسية لا اقتصادية".
وحول احتمالية نجاح العراق بإقناع الدولتين بتشكيل التكتل، قال شعبو لـ"عربي21": "في الأساس الدولتان مخترقتان العراق اقتصاديابشكل كلي، ومع ذلك يبقى السؤال: ما هي الميزات التي يمكن أن يقدمها العراق لهذه الدولللموافقة على إنشاء التكتل؟ بالتالي فكرة اقتناع الدولتين مرتبطة بما سيقدمه من مميزاتومحفزات تدفعهما للانضمام".
واستدرك بالقول: "لكن أيضا عملية تشكيل أي تكتل اقتصاديتخضع لحسابات معينة، بالتالي نتيجة ضعف اقتصاد العراق وإيران، ولوجود خلافات سياسيةمعقدة بين هذه الدول، لا أعتقد أن هذا التكتل سينجح".
وتوقع أن "يكون هذا التكتل في حال تشكل ضعيفا، ولن يكونله أثر اقتصادي قوي، والغاية منه تكون سياسية أكثر منها اقتصادية".
اقرأ أيضا: العراق يدعو لتكتل اقتصادي مشترك مع تركيا وإيران
"العراق غير مهيأ لأي شراكة"
من جهته، أكد الخبير الاقتصادي العراقي أسامة التميمي، أن"العراق في الوقت الحالي غير مهيأ للدخول بأي شراكة اقتصادية وتجارية، خاصة فيظل عدم وجود إنتاج عراقي كبير، وانعدام التوازن في الميزان التجاري بينه وبين إيرانوتركيا".
وتابع التميمي في حديث لـ"عربي21": "حتى تقومالشراكة والتكامل على أسس صحيحة، يجب أن تكون مبنية على قواعد حقيقية وصحيحة، وأهمقاعدة هي المصلحة الوطنية لكل دولة، وما يمكن أن تحققه من نتائج إيجابية تنعكس على اقتصادالدول المشتركة".
وأضاف: "قبل الدخول في موضوع الشراكة الاقتصادية، يجبتوفر مسالة مهمة في الدول المشتركة، وهي موضوع توفر الخطط التنموية، وتوفر الإنتاج فيدولة دون وجوده في دول أخرى، حتى يحقق الفائدة المرجوة لجميع الأطراف المشتركة، وهذاما لا نجده في العراق، وفي إيران متعثر، أما تركيا فما زالت تعيش حالة اقتصادية منالمميزات، بالرغم من بعض التعثرات في مجال الانهيار الحالي للعملة".
وأردف: "بالمحصلة الاقتصاد العراقي غير مهيأ حاليا للدخولبمثل هذه الشراكات، وقبل الدخول في مثل هذه الشراكات يجب على الحكومة إحياء الاقتصادالعراقي بموجب نظريات اقتصادية حديثة؛ لمعالجة المشكلات التي يعاني منها؛ حتى لا يكونبلدا يعيش على هامش الشراكة".
من المستفيد الأكبر؟
ويبقى السؤال الأهم من هي الدولة التي ستكون المستفيد الأكبرمن هذه الشراكة الاقتصادية لو تمت فعلا؟
عبر الخبير الاقتصادي فراس شعبو، عن اعتقاده بأن "تركياستكون المستفيد الأكبر، كونها تمتلك حجم إنتاج أكبر وتنوعا أكثر في منتجاتها، وتمتلكبنية تحتية قوية جدا، كذلك في ظل انخفاض العملة التركية ستزيد صادراتها، بالمقابل اقتصادالعراق منهك، كذلك الأمر إيران تعاني من عقوبات وأيضا اقتصادها منهك".
واتفق التميمي مع شعبو في رأيه بأن تركيا هي المستفيد الأكبر،وقال: "تركيا تتمتع بموقع اقتصادي عالمي، بالرغم من الانهيار الذي نلاحظه في عملتهامقابل الدولار، لكنها مع ذلك تمتلك تكنولوجيا حديثة وفكرا اقتصاديا واعدا وسريع التأقلممع التحولات الاقتصادية العالمية، بعكس إيران التي تعاني من عقوبات مفروضة عليها، والتيتجعلها غير مستفيدة من هذه الشراكة بدرجة مرضية".
وأضاف: "أما بالنسبة للعراق، فحتى لو تشكل هذا التكتل فإنه لن يستفيد، بل على العكس سيتضرر، لعدم وجود الكفاءة الاقتصادية من ناحية الإنتاج، ولعدم تفعيل الفعاليات الاقتصادية العراقية، بالتالي هذا المقترح هو مجرد دعاية سياسيةلا أكثر".
مزيد من التفاصيل