لطالما أحاطت التساؤلات بشخصية Hawkeye، وقيمة دوره ضمن فريق "أفينجرز"، خصوصاً أن كلينت بارتون، رب الأسرة، لا يمتلك أي قوى خارقة، بل يجيد إطلاق الأسهم التي تختلف خطورتها عن تلك التي تحوي شباكاً وفخاخاً، وتلك التي تنفجر وتطيح كل ما حولها.
كما أن المشكلات التي يواجهها بارتون، تختلف عن تلك التي يختبرها باقي أفراد الـ"أفينجرز": فهو متعلق بأسرته وحريص على عدم توريطهم في عالمه، إذ لا نرى أسرته إلا بضع مرات في سلسلة أفلام "مارفل"، تلك الأسرة التي لا يعرف عنها أحد، تشكل ملاذه الآمن بعيداً عن العالم الذي ينهار.
بثت شبكة ديزني، أخيراً، مسلسل Hawkeye (عين الصقر)، الذي نتعرف فيه بشكل واسع على بارتون، ومأساته الشخصية إثر فقدانه لأسرته على يد ثانوس، الذي قضى على نصف البشريّة، ثم علاقته القلقة معهم بعد أن "عادوا" للحياة بعد خمس سنوات، إثر تمكن الأفينجرز من عكس ما قام به ثانوس.
كذلك نتعرف على تعلقه بذكرى صديقته "الأرملة السوداء" التي ضحت بحياتها في سبيل إنقاذ البشرية. كما نتلمس في المسلسل موقفه الذاتي من الـ"أفينجرز"، كونه يرى نفسه شخصاً عادياً ومنسياً لا يأخذه أحد بعين الاعتبار، في حين أن زملاءه هم الأشد شهرة وقدرة على تغيير العالم بسبب قواهم الخارقة. يحاول بارتون، طوال المسلسل، أن يعود إلى أسرته في الوقت المناسب لعشاء الميلاد، لكنه يجد نفسه في مأزق مريب؛ فكايت بيشوب الشابة، التي لا يعرفها، والتي شاهدته في طفولتها أثناء غزو الكائنات الفضائيّة، يقفز من أعلى بناء ينهار في نيويورك، تمكنت من الحصول على بزته الأخرى، وقررت أن تلعب دوره الذي تخلى عنه منذ سنوات.
المميز في تلك البزة، أن بارتون كان يرتديها للعب دور "رونان"، الشخصية المقنعة التي هددت المافيا وقضت على الكثير من رجالها. يحوي المسلسل كثيراً من الشخصيات التي تقدم للمرة الأولى، كـ"صدى"، والسياف جاك دوكينسي، ورجل المافيا فينسين أونوفريو، المنتظر منهم لعب أدوار أوسع في إنتاجات مارفل المقبلة. لكن المثير للاهتمام في المسلسل هو الجانب الإنسانيّ، ومحاولة الإجابة عن سؤال: "هل يمكن لشخص عادي أن يكون بطلاً خارقاً؟".
هذا السؤال يتكشف أكثر حين تأتي يلينا، أخت "الأرملة السوداء" التي تريد الانتقام من بارتون، كونها تظن أنه المسؤول عن موت أختها، من دون أن تعلم أنها ضحت بذاتها. يبدو بارتون ضمن هذه الصراعات "البشريّة"، كشخص يحاول أن يفي بالتزاماته نحو من هم حوله؛ أسرته، وأصدقاؤه القدامى، وأصدقاؤه الجدد... كل هذا من دون أن يفقد تواضعه؛ فهم بالنهاية مثله، أشخاص عاديون يحاولون أن يقوموا بما يظنون أنه "مصيب"، حتى لو كان ذلك على حساب اتزانهم النفسي، ناهيك عن تساؤلات تحقيق الذات التي تضرب رأس بارتون دائماً، فهو البطل المنسي، الإنساني، المستعد لأن يتوارى في الظلّ حتى لو عنى ذلك تخييب أمل من يحبونه، تلك الفئة التي نتعرف عليها في المسلسل من رجال شرطة متقاعدين، وشبان يحلمون بتغيير العالم، وغيرهم من أولئك الذين لا يحتلون الصدارة، بل يتحركون في الخلفية، كبيشوب نفسها، التي لا تخفي مفاجئتها حين التقت بارتون أول مرة بوصفه بطلها، في حين كان الأمر بالنسبة له لا يتعدى لقاء عادياً، فهو نفسه لا يقدّر قيمته الذاتيّة.
أكثر ما يلفت الانتباه في المسلسل، هو مهارة بارتون وبيشوب في استخدام القوس والنشاب، والحركات الاستعراضية التي تزداد تعقيداً من حلقة لأخرى. كما أن المسلسل يجيب عن الأسئلة التي طالما طرحت حول "الأسهم" التي يستخدمها بارتون، إذ نشاهد كيف يصنعها، وكيف يوزعها في حقيبته.
والأهم، أننا نكتشف أنواعاً جديدة لم يستخدمها من قبل، إلى جانب اكتشافنا مهارة خاصة يمتلكها هو وحده، وهي القدرة على رمي قطعة نقود من مسافة بعيدة وإصابة أي هدف يريده، المهارة التي ينقلها إلى بيشوب كجزء من علاقتهما الجديدة كشركاء في مكافحة الجريمة.
مزيد من التفاصيل