لا تبدو حلول نادي باريس وجدولة الديون مستبعدة في تونس، بعد إبداء مسؤولين فرنسيين اهتماما بالوضع المالي للبلاد التي لم تتمكن من توقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، فيما تزداد يوميا الضغوط المالية على الحكومة التي تواجه صعوبات في توفير النفقات الأساسية، بما في ذلك رواتب الموظفين.
ومن جانبها، قالت وزيرة المالية التونسية، سهام بوغديري، أمس، إنها تأمل في الوصول لاتفاق تمويلي مع صندوق النقد الدولي في شهر إبريل/نيسان هذا العام، مضيفة أن الحكومة قادرة على دفع أجور الموظفين في القطاع العام كالعادة.
يأتي هذا التأكيد وسط مخاوف خبراء من إفلاس الدولة بعد تأخير كبير في صرف رواتب الموظفين هذا الشهر. وقالت بوغديري في كلمة نقلتها "رويترز": "أؤكد لكم أن الأجور ليست مهددة خلال الشهور المقبلة".
وأدى المدير العام للخزينة الفرنسية ورئيس نادي باريس، إيمانوال مولان، زيارة إلى تونس أول من أمس، التقى خلالها محافظ البنك المركزي مروان العباسي ووزيرة المالية سهام البوغديري نمصية، حسب موقع "أفريك إنتلجينس" أمس الأربعاء، غير أنّ السلطات التونسية لم تعلن عن هذا اللقاء.
وذكر الموقع أنّه تم استقبال المسؤول الفرنسي بسرية من مسؤولين تونسيين، إذ تطرق إلى الإصلاحات التي يتعين على تونس إجراؤها للتوصل لإبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وتأتي زيارة رئيس نادي باريس بعد صعوبات واجهتها حكومة نجلاء بودن لتأمين رواتب الموظفين لشهر يناير، وتفاقم نقص تموين الأسواق بالمواد الأساسية، ومنها الدقيق والزيت النباتي والأرز نتيجة ضعف المخزونات. ورغم صعوبات المالية العمومية لا تزال الحكومة تؤكد قدرتها على تأمين النفقات الأساسية للدولة مستبعدة اللجوء إلى جدولة الدين أو طلب المساعدة من نادي باريس.
لكنّ الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي، يقول إن تونس لن تكون قادرة على الإيفاء بالتزاماتها المالية الداخلية والخارجية ما لم توقع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وأفاد الشكندالي في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه على الحكومة توضيح مصادر تمويل الموازنة وتوفير 12.6 مليار دينار (الدولار = 2.9 دينار) من الموارد الخارجية طبقاً لقانون الموازنة.
واعتبر الخبير الاقتصادي أنّ الوضع التونسي مفتوح على كلّ السيناريوهات، بما في ذلك اللجوء إلى جدولة الدين الخارجي وحلول نادي باريس، مؤكداً أنّ المساعدة المالية الفرنسية لتونس لن تتجاوز 200 مليون يورو في أقصى الحالات.
ولفت إلى أنّ المناقشات مع الصندوق لم تتقدم إطلاقاً منذ إعادة إطلاق المفاوضات رسمياً منذ شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وهو ما يؤكد صعوبة تحصيل اتفاق مع مؤسسة القرض خلال الربع الأول من السنة وفق ما أعلنته وزيرة المالية في وقت سابق.
وتكشف بيانات رسمية لوزارة المالية أنّ الدين العام المستحق على البلاد ارتفع إلى حوالي 102.2 مليار دينار في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2021، بزيادة 12% مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، وبما يعادل 81.5% من الناتج المحلي الإجمالي.
الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي، يقول إن تونس لن تكون قادرة على الإيفاء بالتزاماتها المالية الداخلية والخارجية ما لم توقع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي
فيما كشفت وثيقة حكومية عن حاجة تونس إلى قروض بقيمة 103 مليارات دينار (35.9 مليار دولار) خلال السنوات الخمس المقبلة، وهو ما يتجاوز إجمالي الديون التاريخية المستحقة على الدولة، والتي قدرها تقرير حديث صادر عن وزارة المالية بنحو 102.2 مليار دينار.
ويرجح المشرف على المخبر الاقتصادي لاتحاد الشغل، عبد الرحمن اللاحقة، أن تكون زيارة المسؤول الفرنسي مرتبطة ببحث حلول لتوفير تمويلات خارجية سريعة لفائدة تونس، مستبعداً أن تكون المباحثات غير المعلنة حول جدولة الدين التونسي والذهاب إلى نادي باريس.
ويقول اللاحقة في تصريح لـ"العربي الجديد" إنّ باريس يمكن أن تقدم مرافقة تقنية لتونس من أجل تسريع الحصول على قروض ثنائية، مؤكداً أنّ أغلب ديون تونس الخارجية من الأسواق العالمية ومتعددة الأطراف ما يجعل حلول الجدولة عبر تدخل نادي باريس المتخصص في الديون الثنائية مستبعدة وفق تقديره.
مزيد من التفاصيل