في الوقتالذي يحتفل فيه العالم باليوم العالمي للمرأة في الثامن من آذار/ مارس من كل عام، تعانيالمرأة المصرية من أوضاع حقوقية واجتماعية واقتصادية صعبة، وذلك على الرغم من محاولةالسلطات المصرية رسم صورة مغايرة من خلال خطاب إعلامي يحمل الكثير من الشعارات الرنانةوالقليل من الأفعال الحقيقية.
وقالتحقوقيات مصريات إن المرأة المصرية منذ ثورة 25 يناير 2011 خرجت من أجل "العيشوالحرية والكرامة"، ولم تفقدهم جميعا إلا بعد الانقلاب العسكري في تموز/ يوليو2013 وقيام السلطات بانتهاك حقوق المرأة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وتجاوز كل الخطوطالحمراء.
وأكدنفي تصريحات لـ"عربي21" أن النظام المصري الحالي قمع كل الحركات النسوية الداعيةللحقوق والحريات والإفراج عن المعتقلين والمعتقلات، ومواجهة المشاكل الاجتماعية والإنسانيةمثل التحرش وزيادة حالات الطلاق والعنوسة وارتفاع نسبة الفقر، وفق أرقام الحكومة المصريةالرسمية.
وأعلنالجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، ارتفاع عددحالات الطلاق إلى 255004 حالات عام 2021 مقارنة بعام 2020، حيث كان 222036 حالة بنسبةزيادة 15%، وبلغت مساهمة المرأة في قوة العمل 15.2% من إجمالي قوة العمل فقط، كما بلغمعدل البطالة للإناث 16%.
وكشفنأن نظام السيسي حرص على إبراز صورة المرأة ودورها من أجل أخذ "اللقطة" منخلال زيادة عددهن في المجالس النيابية ووزارات الحكومة بنسبة 25% والجلوس على منصاتالقضاء، من أجل تصدير الصورة للغرب الذي يهتم بوضع المرأة وقضاياها وحقوقها، ولكن مايجهله الغرب أن أوضاع المرأة تدهورت وساءت سواء من حيث زيادة حالات التحرش والانتحارأو الفقر والطلاق.
في نهايةالعام الماضي، أصدرت منظمة (نحن نسجل) الحقوقية بيانا وثقت من خلاله وجود 203 نساءمحتجزات على ذمة قضايا سياسية، وتَعَرُض ما لا يقل عن 58 امرأة وفتاة مصرية للعنف والإيذاءفي عام 2021 فقط، على أيدي ضباط وزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني.
وفيانتهاك غير مسبوق لكرامة المرأة المصرية في العصر الحديث، أحصت المنظمة 86 أمّا فيالسجون المصرية بينهن خمس مخفيات قسريا، و26 سيدة تقضي محكوميتها بعد أحكام سياسيةوفقا لحقوقيين، كما تظل 44 أمّا رهينة الحبس الاحتياطي، كذلك تم تدوير 9 سيدات في قضاياجديدة بعد تجاوزهن فترة الحبس الاحتياطي، بينما صدر بحق 2 من الأمهات المحتجزات قرارانبإخلاء سبيلهما، لكنهما لم ينفذا بعد.
"صوربراقة وواقع قبيح"
وصفتالناشطة السياسية المصرية نانسي كمال، الصورة التي يرسمها السيسي في محافله ومؤتمراتهعن المرأة "بالصورة المزيفة"، وقالت: "هذه الصور البراقة مثلها مثلالعديد من الإنجازات المزيفة التي يروج لها في الإعلام ولا يشعر بها أحد إلا هو ونظامهوإعلامه وحاشيته وبطانته من حوله فقط".
وأضافتكمال لـ"عربي21"، التي تعرضت للاعتقال والاحتجاز في مراكز شرطة النظام المصري:"المرأة المصرية الحرة إما في السجون، أو غير قادرة على إكمال تعليمها بسبب غلاءكل شيء، حتى المرأة التي رقصت أمام اللجان الانتخابية للسيسي أصبحت تصرخ من الأوضاعالاقتصادية المتأزمة في البلاد".
وجدد"المؤتمر الدائم للمرأة العاملة"، بالتزامن مع اليوم العالمي للمرأة، مطالبتهللسلطات المصرية بالتصديق على الاتفاقية رقم 190 الصادرة عن منظمة العمل الدولية فيعام 2019، بشأن القضاء على العنف والتحرش في مواقع العمل.
أمهاتوجدات خلف القضبان
وعلقتفدوى خالد ابنة الحقوقية المصرية الستينية هدى عبد المنعم بالقول: "إنه في مثل هذااليوم وفي اليوم العالمي للمرأة قبل أربع سنوات كانت أمي الأستاذة هدى عبد المنعم المحاميةتحاضر في عدة مؤتمرات دولية حائزة شرف تمثيل مصر في يوم المرأة العالمي".
وأضافتفي منشور لها على صفحتها الشخصية على "فيسبوك": "ماما التي طالما مثلتمصر في محافل ومؤتمرات دولية وكانت عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، مر عليها 3 سنواتو5 شهور في الحبس مع استمرار منع زياراتها والاطمئنان على صحتها، 1224 يوما ونحن محرومونمن الأم والصحبة والحضن والسند والظهر وكل شيء لنا في الدنيا".
وطالبتفدوى بإطلاق سراح والدتها بالتزامن مع عيد الأم الذي يحل بعد أيام، ومع اقتراب دخولشهر رمضان المبارك، مؤكدة أن هذا كل ما تطلبه أسرتها أن تكون والدتها وسط أبنائها وأحفادها.
"مناصبدون تأثير"
من جهتها،قالت المديرة التنفيذية للتنسيقية المصرية للحقوق والحريات هبة حسن، إنه "على الرغممن الشعارات والمبادرات والبرامج المعلنة، وما يسمى بتمكين المرأة في مصر الذي يصرحبه مرارا في السنوات الأخيرة، إلا أن وضع المرأة المصرية - بل والمجتمع كله - في تدهورمستمر على جميع الأشكال اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا".
مضيفةلـ"عربي21": "في حين يتحدث النظام المصري وإعلامه عن تمكين المرأة وزيادةعدد الوزيرات أو عضوات البرلمان، يتراجع التأثير الفعلي لأي منهن أمام هيمنة النظامالعسكري على الدولة، فلا الوزيرات لهن قرار أو دور خارج ما يقرره النظام فهن مجرد أدواتتنفيذية، ولا البرلمان يمارس دوره على الحقيقة وقد تحول لتابع للسلطة التنفيذية، وعلىالجهة الأخرى نجد الواقع الحقيقي للنساء في مصر هو الأسوأ ربما منذ عقود".
تتزايدمعدلات التحرش، بحسب حسن، لتحتل مصر المرتبة الأولى عربيا في نسب تعرض النساء للتحرشفي ظل غياب للثقافة الضابطة أو القانون المحاسب والذي تفرغ للتصدي للمعارضين للنظامدون حفظ الأمن في الشارع، ونجد كذلك مصر الأولى عربيا في معدلات الانتحار التي نالتالنساء فيها نسبة ليست بالقليلة بما يقارب الأربعين بالمئة من المقدمين على الانتحار.
وتابعتالحقوقية المصرية: "مع تزايد التدهور الاقتصادي وضعف دخل الأسر المصرية تضيع المرأةبين ضغط احتياجات الأسرة وواقع حياتها، كل هذا بالطبع بعيدا عن الواقع السياسي المنحدربين قمع الحريات وتزايد عدد المعتقلات في سجون النظام وتدهور أحوالهن وما يتعرضن لهمن أحكام وسوء معاملة تخطيا لكل القوانين والأعراف المجتمعية التي كانت تعتبر المرأةخطا أحمر في معادلات قمع الأنظمة السابقة".
واختتمتحسن حديثها بالقول: "لذلك مهما حاول النظام المصري تلميع نفسه وتقديم بعض النساءفي إعلامه للمجتمع الدولي دليلا على صورة براقة مختلقة فالواقع سيظل يفضح هذه الادعاءات".
مزيد من التفاصيل