تتصدر أزمة الجزر اليونانية المنزوعة السلاح في بحر إيجة، قائمة القضاياالخلافية بين تركيا واليونان، حيث تتهم أنقرة الحكومة اليونانية بتسليح الجزر، فيحين تنفي أثينا الاتهامات التركية.
وحذر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، اليونان وطالبها بالابتعاد عن"التصرفات والأحلام التي ستؤول إلى الندم"، داعيا إياها للتخلي عن تسليحالجزر غير العسكرية في بحر إيجة.
وأثارت تصريحات الرئيس التركي ردود فعل في اليونان، ونشرت وزارةالخارجية اليونانية 16 خريطة حول مزاعم تركيا في بحر إيجة في حسابها على "تويتر"، معتبرةأن "أنقرة تشكل تهديدا للسلام والأمن الإقليميين".
وبعد ساعات قليلة من بيان الخارجية اليونانية، شارك الرئيس رجب طيبأردوغان في حسابه على "تويتر" تغريدة باللغات اليونانية والإنجليزية والتركية، جاءفيها أن تركيا لا تنتهك حقوق وقوانين أي بلد، لكنها لن تتنازل عن حقوقها.
لا يوجد عدوانية تركية
وقالت مصادر رسمية تركية قريبة من الموضوع، إن أنقرة لن تتبع سياسةعدوانية في ما يتعلق بقضية جزر بحر إيجة، مؤكدة أن تركيا ليس لديها نية لإنزال قواتعسكرية على الجزر، وفق "بي بي سي" تركيا.
وأضافت المصادر: "سيكون من الجنون أن تهاجم اليونان تركيا بسببالجزر التي سلحتها، ولا نتوقع منهم أن يتخذوا مثل هذه الخطوة. ولا نخطط لاتخاذخطوة عسكرية، حيث لا توجد إمكانية هجوم عسكري على تركيا، أي ليس لدينا مثل هذاالشعور بالتهديد".
وتعتبر تركيا أنه من غير المعقول أن تبقى محاصرة بعشرات الجزر الصغيرةالتي تحرمها من مد منطقتها الاقتصادية في عمق البحر الأبيض المتوسط، فضلا عنتشكيلها تهديدا استراتيجيا.
لكن أثينا رفضت إعادة النظر في أي من المعاهدات أو بترسيم الحدودالبحرية، فضلا عن رفضها التوقف عن نشر قدرات عسكرية على تلك الجزر.
اقرأ أيضا: ما أسباب تصاعد التوتر بين تركيا واليونان في بحر إيجة؟
أسباب التوتر
ورأى أخصائي السياسة الخارجية والهجرة اليوناني، ماكيس ميلوناس، أنالتوترات الأخيرة ناتجة في الغالب عن الأسباب الكامنة للتوترات السياسيةوالاقتصادية الداخلية في تركيا، وليس بسبب التطورات الخارجية الهامة في دينامياتالعلاقات اليونانية التركية.
وأضاف في تصريحات نقلتها صحيفة "ملييت" التركية: "أعتقدأن هناك أشخاصا على كلا الجانبين يفهمون أن صراعا محتملا لن يؤدي إلا إلى الفوضىواليأس في البلدين.. الصراع في بحر إيجة لا يخفض سعر الخبز في أثينا أو أنقرة، ولايزيد رواتب العاملين في سالونيك أو إسطنبول".
بدوره، اعتبر عضو هيئة التدريس في جامعة إسطنبول أيدين، نعيمبابوروغلو، أن أثينا نجحت في تحويل المشاكل مع أنقرة إلى مشاكل بين تركيا والاتحادالأوروبي خلال السنوات العشر الماضية.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة تخلت عن سياسة التوازن بين تركياواليونان في السنوات الأخيرة، وأظهرت قربها من أثينا، وهذا أحد العوامل التي دفعتاليونان إلى اتخاذ خطوات بشأن تسليح الجزر منزوعة السلاح في بحر إيجة.
وشدد على أن تركيا ستستخدم حق الدفاع عن النفس الممنوح لها بموجبالمادة 51 من الأمم المتحدة، وستفعل كل ما هو ضروري للقضاء على خطر السجن في بحرإيجة.
المعاهدات الدولية
ونصت المعاهدات الدولية المتعلقة بالجزر في بحر إيجة [لندن(1913) ولوزان (1923) وباريس (1947)]، على أن الجزر يجب أن "تظل في وضعغير عسكري في المستقبل".
وتنازلت تركيا في اتفاقيتي لوزان عام 1923 وباريس عام 1947، عن جزربحر إيجة لصالح اليونان، بشرط ضمان عدم تسليح الجزر وأن تبقى الجزر منزوعة السلاحمستقبلا.
ووضعت تركيا شروط نزع السلاح، بهدف منع إمكانية تكرار حملة الأناضول (1919- 1922) التي أدت إلى هزيمة قوات الحلفاء والجيوش اليونانية أمام القواتالتركية بقيادة مصطفى كمال أتاتورك، بتاريخ 30 أغسطس/ آب 1922.
وتنص المادة 13 من معاهدة لوزان عام 1923، على نزع السلاح من جزرليسفوس وخيوس وساموس وإيكاريا، كما أنها فرضت بعض القيود المتعلقة بوجود القواتالعسكرية وإقامة التحصينات التي تعهدت بها اليونان كالتزام تعاقدي بالمراعاةالنابعة من هذه المعاهدة.
وسيطرت ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية على أرخبيل الجزر، وبعدهزيمة هتلر في الحرب تسلمت بريطانيا الجزر، وقامت بتسليمها لليونان، وفق ما تمتثبيته في معاهدة باريس للسلام عام 1947، والتي أنكرت حق تركيا في سيادة الجزر رغمانتزاعها من الدولة العثمانية، وكونها تشكل امتدادا جغرافيا طبيعيا للأناضول.
وتبعد بعض الجزر التي تسيطر عليها اليونان ومنها"كاستيلوريزو" عن البر التركي نحو كيلومترين فقط، مقابل أكثر من 550كيلومترا عن نظيره اليوناني، وترفض أثينا تنقيب تركيا عن النفط في المياه التيتليها لآلاف الكيلومترات، رغم أن مساحة الجزيرة لا تتجاوز الـ12 كيلومترا مربعا،وهو ما تعتبره أنقرة منافيا لـ"القانون والمنطق".
مزيد من التفاصيل