بماذا انتشر الإسلام؟ من شهاداتهم نديهم
انتشار الإسلام .. أكان بالقسر والإجبار أم بالمعاملة والاختيار!؟
انتشر الإسلام بالإقناع الذي قام به دعاة وتجار مخلصون، سلاحهم الوحيد إيمانهم العميق،وأخلاقهم الحسنة وتعاملهم الرفيع..
كما قيل: ( الحق ما شهدت به الأعداء)
جولة ماتعة نشر فيها طائفة من شهادات مفكري الغرب، ومقتطفات من مذكرات الرحالة الغربيين، وهم يصفون المسلمين وأخلاقهم وطريقة تعاملهم، علها تكون من أكبر الدلائل على أن الإسلام دين فطرة!.. لا لبس فيه ولا تعقيد، وأنه متى سمح للبشر الاحتكاك به والإطلاع عليه دون تشويه أو تغيير انجذبت له النفوس، وتاقت لاعتناقه الأرواح دون إكراه أو إجبار.
الإسلام دين الفطرة
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( كل مولود يولد على الفطرة – وفي رواية (على هذه الملة)- فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل ترون فيها من جدعاء)، فنحن نعتقد ونوقن أن أولاد اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم من الوثنيين والمشركين، يولدون على ملة الإسلام ولذا لم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم: ( أو يسلمانه) لكون الإسلام دين الفطرة!..
وشبه الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك بالبهيمة التي لا تولد مقطوعة الأذن، أو عليها علامات مميزة، إنما تولد جمعاء!.. فالذي يشترط ويقطع الأذن ويجعل عليها علامة معينة، هو صاحب البهيمة تأثراً بتربية معينة أو عقيدة باطلة. فالأصل أن الإنسان يولد مسلماً فيصرفه أبواه أو من حوله من التوحيد إلى الشرك، ومتى سنحت الفرصة لهؤلاء المنتكسين في الاحتكاك بالمسلمين والإطلاع على دينهم وعقائدهم وشرائعهم فإن الفطرة تعمل عملها العجيب في سرعة انقيادهم ودخولهم الإسلام..
يتحدث الكاتب النصراني هوبير ديشان الذي كان حاكماً للمستعمرات الفرنسية بإفريقيا سنوات طويلة حتى عام 1900م، وشهد بنفسه تقدم الإسلام وانتشاره، فيقول:
إن انتشار دعوة الإسلام بإفريقيا لم تقم على القوة والقسر، وإنما قامت على الإقناع الذي كان يقوم به دعاة متفرقون لا يملكون حولاً ولا طولاً، إلا إيمانهم العميق بدينهم، وكثيراً ما انتشر الإسلام بالتسرب السلمي البطيء من قوم إلى قوم.. وقد يسر انتشار الإسلام أنه دين فطرة طبيعته، سهل التناول لا لبس ولا تعقيد في مبادئه، سهل التكييف والتطبيق في مختلف الظروف، ثم إن وسائل الانتساب إليه أيسر وأسهل.. وقد حبب الإسلام إلى الإفريقيين شعائره ومظاهرة الجميلة البعيدة عن التكلف، والكتابة العربية والوقار الديني، وشعائر الصلاة، مما يضفي على المسلم مكانة مرموقة، وجاذبية ساحرة ويجعله موصوفا بالصدق والأمانة..
كتب جابرييل هانوتو وزير خارجية فرنسا الأسبق مقالاً سنة 1900م تعرف فيه لانتشار الإسلام في ربوع المعمورة، فقال:
ليس هذا بالأمر الغريب، فإنه لا يوجد مكان على سطح المعمورة إلا واجتاز الإسلام حدوده، منتشراً في الآفاق فهو الدين الوحيد الذي دخل فيه الناس زرفات ووحدانا، وهو الدين الوحيد الذي تفوق شدة الميل إلى التدين به كل ميل إلى اعتناق الإسلام دين سواه ( وهي الإشارة منه وبدون قصد إلى الفطرة الكامنة في قلوب البشر).
قال المؤرخ دورزي عن إقبال الشعوب على اعتناق الإسلام:
إن هذه الظاهرة تبدو لأول وهلة لغزاً غريباً، ولاسيما متى علمنا أن الدين الجديد لم يفرض فرضا على أحد..
ويقول الدكتور مراد هوفمان وهو دكتور ألماني في القانون بعد إسلامه في كتابه (يوميات مسلم ألماني):
إن الانتشار العفوي للإسلام هو سمة من سماته على مر التاريخ، وذلك لأنه دين الفطرة المنزل على قلب المصطفى صلى الله عليه وسلم.
الإسلام دين الأخلاق الحسنة والخصال الحميدة
مما ساعد على نشر الإسلام واستجابة أصحاب الديانات الآخرى له ودخولهم فيه، التفوق الفكري والخلقي الذي كان يتحلى به المسلمون، وهذه ما لاحظه الرحالة الأوربي روبيل خلال رحلته في بلاد الحبشة فيقول:
عندما يراد شغل منصب من المناصب التي تتطلب أن يكون الشخص أميناً كل الأمانة، موثوقا به تماما الثقة، كان الاختيار يقع دائماً على شخص مسلم!..
ونقل المؤلف جوزيف تومسون عن ملاحظات أحد الرحالة الغربيين لإفريقيا فقال:
بينما كانت الباخرة تسير بي صعداً في مياه النهر (يعني النيجر)، لم أجد إلا قليلاً من التغيير في الأميال المائتين الأولى ، لأن الوثينة وأكلة لحوم البشر وتجارة الخمور قد ظهرت كلها في وحدة مؤتلفة! ولكني لما تركت ورائي المنطقة الساحلية المنخفضة، وألفيتيني على مقربة من الحدود الجنوبية لما يسمونه (السودان الأوسط) (يعني نيجيريا)، لاحظت تحسناً مطرداً في المظهر الأخلاقي عند الأهلين، واختفت الوحشية، وتبعتها الوثنية، وزالت تجارة الخمور، على حين صارت ملابس الناس أكبر وأكثر احتشاماً، وأصبحت النظافة عندهم عادة، وقد دل مظهرهم الخارجي على وقار زائد وأدب جم، كما دل كل شيء على أن هناك نواة لمذهب أكثر رقياً، كان يؤثر تأثيراً عميقاً في طبيعة الزنجي ويجعل منه إنساناً جديداً!.. ولعلك تدهش حين تعلم أن هذا المذهب هو الإسلام!!.. بالطبع هذا الكاتب يدهش لكونه يكره الإسلام أو لا يعرف شيئا عنه!.. أما الذين يعرفونه ويعرفون حقيقته فهم لا يندهشون!.. لأنهم يعرفون تطور هؤلاء والتزامهم بالوقار والسماحة والتعامل الراقي شيئاً طبيعياً يقره الإسلام ويأمر به..
كتب المستشرق الأمريكي ( لوثروب ستودارد) في كتابه حاضر العالم الإسلامي، فقال:
لم يمض سوى اليسير من الزمن حتى كان السواد الأعظم من الأمم المغلوبة قد دخل في دين النبي العربي أفواجاً، إيثاراً له.. على ذينك الدينيين الذين صار غاية في الانحطاط والتدني.. ولم يكن العرب قط أمة تحب إراقة الدماء وترغب في الاستلاب والتدمير، بل كانوا على الضد من ذلك، أمة موهوبة جليلة الأخلاق والسجايا.. وعند اعتبار شأن انتشار الإسلام هذا الانتشار يجب أن تعلم العلم اليقين أن كل مسلم هو بغريزته وفطرته داعياً إلى دينه، ناشراً له بين الشعوب غير المسلمة ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وعلى ذلك فإن نشر الرسالة المحمدية لم يقم به الدعاة وحدهم.. بل شاركهم فيه جماعات عديدة من السياح والتجار والحجاج على اختلاف الأجناس.. وهذه الأعمال التي قام به المسلمون في غربي أفريقية وأوسطها خلال القرن التاسع عشر إلى اليوم لعجيب من العجائب الكبرى، وقد اعترف عدد كبير من الغربيين بهذا الأمر فقد قال أحد الانكليز في هذه الصدد منذ عشرين سنة: إن الإسلام ليفوز في أواسط أفريقية فوزاً عظيماً حيث الوثنية تختفي من أمامه اختفاء الظلام من حلول الصباح، وحيث الدعوة النصرانية باتت كأنها خرافة من الخرافات.
قال منصر بروتستنتي فرنسي:
ما برح الإسلام يتقدم منذ نشوئه حتى اليوم فلم يعثر في سبيله إلا القليل، ومازال يسير في جهات الأرض حتى بلغ قلب إفريقية مذللاً أشق المصاعب ومجتازاً أشد الصعاب، غير واهن العزم، فالإسلام حقاً لا يرهب في سبيله شيئاً، إذ بينما كان النصارى يحلمون بفتح أفريقية في نومهم، فتح المسلمون جميع بقاع القارة في يقظتهم..
الإسلام دين العقل
مما أثر عن السلف الصالح أن العقل السليم لا ينافي ولا يتعارض مع النقل الصريح، ولذا كان من أعظم الأسباب دخول الناس في هذا الدين ، وتقبلهم له موافقته العقل السليم، حتى من الناس البسطاء الذين لم يترقوا في مراتب العلم ومدارج الثقافة!.. وكم هو جميل رد ذلك الأعرابي الذي سُئل عن سبب إسلامه وإيمانه بمحمد صلى الله عليه وسلم؟ فقال: آمنت به لأنه لم يأمر بشيء قال العقل ليته ما أمر به، ولم ينه عن شيء قال العقل ليته ما نهى عنه).
يقول المؤرخ كروبر:
لقد انتشر الإسلام في العالم كله في زمن يسير، كما ينتشر شعاع الشمس في لحظات، وكان انتشاره دليلاً على سمو مبادئه وغاياته وعقائده وتشريعاته، هذه المبادئ التي كانت ولا تزال تشع النور والهداية والمعرفة والعلم على الناس.
ويقول غوته:
درست تاريخ الأديان على مدى خمسين عاماً، وأن العقيدة التي يُربى عليها المسلمون لتدعو لأعظم دهشة!! إذ تقوم على أساس الإيمان بأنه لن يصيب الإنسان إلا ما كتب الله له، وإنه ما من شيء ينقص هذه العقيدة، ولن يكون بإمكان أي امرئ أن يتجاوزها.. إن الإسلام هو الدين الذي سنقر به جميعاً إن عاجلاً أو آجلاً.. وأنا لا أكره يقال عني أني مسلم.