تُطابق شكل وحجم العين السليمة
فلسطينيان من 27 بالعالم يصنعان عيونا للمصابين
الأربعاء, 11 سبتمبر, 2013, 09:08 بتوقيت القدس
غزة- خالد كريزم- صفا يتحسس محمود الأشقر بين حين وآخر عينه اليمنى الصناعية التي وضعها بعد أن أصيب بطلق مطاطي في الانتفاضة الفلسطينية الأولى، علّها تنتهي من إخراج إفرازاتها لعدم تناسقها شكلاً وحجمًا مع حجم محجر العين والجفون.
تستمر عينه الصناعية بوخزه ويتواصل الألم ويتورم جفن العين، فلا تهدأ إلا بعد أن يدخل البيت ويقوم بإزالتها ليشعر بعدها براحة تدريجية.
الأشقر (34 عامًا) حالة من المئات الذين أصيبوا في قطاع غزة في عيونهم جراء اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي أو أثناء مشاجرات أو حوادث طبيعية، ففقدوا إحدى أعينهم ويستعيضون عنها بأعين صناعية زجاجية لتحمي مكان العين من الالتهابات والاحمرار.
ومن المتوقع أن تنتهي معاناة هذا الرجل وغيره بعد أنّ تمكن أول فريق عربي ووحيد في الشرق الأوسط يضم أربعة من المختصين العرب في علم العيون الاصطناعية المتحركة, من صناعة العيون بخمس طرق مختلفة.
وهؤلاء الأربعة من بينهم فلسطينيان من غزة تلقوا عدة تدريبات في العاصمة الأردنية عمان وأجروا عشرات العمليات التي تكللت بالنجاح، وهم من أصل 27 أخصائي عيون اصطناعية على مستوى العالم.
مواصفات مُطابقة
ووفقًا لأخصائي العيون الاصطناعية الدكتور صبري حجاج فإنّ تصنيع العين المُصابة يقوم على مبدأ تفصيل هذه العيون الاصطناعية وفق خطوات تبدأ بأخذ طبعة من محجر العين وهو المكان الذي استأصلت منه العين, وبناء على هذه الطبعة يتم تصنيع العين الاصطناعية بإبعادها كاملة بما يتلاءم مع مواصفات العين الخاصة بالمريض.
ويوضح لـ"صفا" أنّه يتم تصميم العين عن طريق البصمة لتكون مثل العين السليمة تمامًا شكلاً وحجمًا، "ويأخذ وقت صناعة العين وتركيبها ما يُقارب 35 ساعة، كما أنها تعد بمثابة عملية تجميل تُخفف من الآثار النفسية للمريض".
واحتضن مركز الرضوان الطبي أحد مرافق جمعية الأيدي الرحيمة لرعاية الجرحى بمدينة غزة المختصين الفلسطينيين ليفتتحا قسمًا لصناعة وتركيب العيون بدأ يعج بالمرضى والمصابين الذين أرهقتهم الأعين التجارية الجاهزة التي لا تتناسب مع حجم عيونهم.
أهمية هذا الأمر في غزة –والحديث لحجاج- أنّ الفريق الغزي الذي تلقى تدريبات وأجرى عدة عمليات في العاصمة الأردنية عمان، يعود إلى أنّ قطاع غزة مُحاصر وأنّه لن يلزم بعد اليوم أن يضطر المُصابون للسفر إلى الخارج لصناعة عين مُشابهة للعين الأصلية.
التفوق الذي حققه الأطباء جعلهم يستطيعون جعل العين المُصابة تتحرك مع العين السليمة في نظرها للاتجاهات المختلفة، وهو أمر يعتمد على الدقة في زرع "الكرة المرجانية" التي يجب أن تُربط بعضلات العين الصناعية قبل وضعها، وفق حجاج.
مميزات وأضرار
بدوره، يقول أخصائي العيون الاصطناعية وأحد أعضاء الفريق يوسف حسين إنّ ما يميز العيون المصنوعة لكل شخص على حدة، أمان المادة المصنعة منها وأخذ البصمة من الفراغ الحجاجي ليتم عمل شكل العين عن طريق البصمة ويتم أخذ مكان الحدقة والقزحية مقارنة بالعين الأخرى.
يتابع لـ"صفا": "ما يميزها أيضًا أنها مناسبة للأنسجة ولا تلتصق بالرموش ولها حركة رائعة، كما للمريض قدرة على الاستمرار في وضعها وعدم إزالتها، والتشابه بين العينين وقدرته على إغلاق الجفون بشكل مريح".
واستعرض أضرار العيون التجارية الجاهزة بعكس المصنوعة لكل مريض على حدة حسب ما يُناسبه، قائلاً "تؤدي إلى حدوث التهاب متكرر وذلك بسبب نوع المادة غير الآمنة المصنعة منها, وظهور إفرازات على العين وبكميات كبيرة، وفقدان التشابه مع العين الأخرى للمريض من ناحية لون الصلبة ولون القزحية وحجمها".
فيما يقول مدير مركز الرضوان الطبي حسن الهنداوي إنّ قسم العيون الصناعية الذي افتُتح بداية سبتمبر الحالي أجرى حتى الآن ثلاث عمليات تكللت بالنجاح، تخللها صناعة وتركيب عيون للمرضى تُشابه عيونهم الأصلية السليمة.
ويُشير في حديثه لـ"صفا" إلى أنّ ثمن صناعة وتركيب العين يُبلغ ما يُقارب ألفي دولار، "وتوفر جمعية الأيدي الرحيمة التي يتبع لها المركز جزءًا من هذا المبلغ للمريض، وجزء يدفعه هو، وذلك للتخفيف عن جميع فئات المجتمع المُصابين في أعينهم".
ووفقًا لإحصائية لدى المركز، فإنّ عدد المُصابين في عيونهم وقاموا بتركيب عيون صناعية تجارية قبل ذلك، يبلغ ما يُقارب 700 حالة، مبينًا أنّ هناك إقبالا ملحوظا منذ الإعلان عن وجود صناعة وتركيب عيون لدى المركز.