ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن تركيا مقبلة على مرحلة جديدة تتسم بالصعوبة, بعد الانتخابات البرلمانية, التي أنهت 13 عاما من السيطرة المطلقة لحزب العدالة والتنمية الحاكم, الذي قد يضطر لأول مرة منذ عام 2002 لتشكيل حكومة ائتلافية.
وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 9 يونيو أن التحدي الذي تواجهه تركيا الآن هو مدى النجاح في تشكيل حكومة ائتلافية قادرة على الاستمرار وقيادة مجتمع متعدد الألوان والعقائد السياسية والعرقية.
وتابعت " المرحلة الجديدة في تركيا ليس كما أرادها الرئيس رجب طيب أردوغان, الذي كان يسعى لفوز مطلق لحزبه الحاكم يؤهله لتعديل دستوري يعزز من سلطات الرئيس".
وفي تعليقها على فوز حزب الشعوب الديمقراطي الكردي بنسبة تؤهله لدخول البرلمان التركي لأول مرة، قالت الجارديان :"إن زعيم الحزب صلاح الدين ديميطراش تمكن من دس أنفه بقوة في نادي صناعة السياسة التركي".
وكانت النتائج غير الرسمية للانتخابات البرلمانية التي أجريت في تركيا في 7 يونيو أظهرت فوز حزب العدالة والتنمية الحاكم بنسبة 40.8% من الأصوات وحصوله على 258 مقعداً من مقاعد البرلمان الـ550، بينما حصل حزب الشعب الجمهوري على 25% بواقع 132 مقعدا, من إجمالي عدد نواب البرلمان البالغ 550 نائبا.
وحل حزب الحركة القومية ثالثا بنسبة 16.33% وبواقع 81 مقعدا، في حين حل حزب الشعوب الديمقراطي الكردي رابعا بنسبة 13%، وحصل على 79 مقعدا في البرلمان, مما يعني تخطيه العتبة الانتخابية التي تؤهله لدخول البرلمان التركي ليكون أول حزب كردي يدخل البرلمان في تاريخ البلاد.
وفقد حزب العدالة والتنمية الحاكم أغلبيته المطلقة في البرلمان حسب هذه النتائج, بينما استبعد حزب الشعوب الديمقراطي الكردي التحالف مع الحزب الحاكم لتشكيل حكومة ائتلافية، في وقت دعا فيه حزب الحركة القومية إلى إجراء انتخابات مبكرة إذا فشلت محاولات تكوين هذه الحكومة.
وهذه النتيجة قضت على مشاريع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتعديل الدستور لإقامة نظام رئاسي قوي في تركيا، وكان يلزمه من أجل تمرير هذه الإصلاحات التي نددت بها كل الأحزاب الأخرى باعتبارها "ديكتاتورية دستورية"، الفوز بـ330 مقعدا لكي يمكن لحزبه اعتماد هذه التعديلات بمفرده.
وفور إعلان النتائج, خرج أنصار حزب الشعوب الديمقراطي إلى الشوارع في ديار بكر -التي تقطنها أغلبية كردية جنوب شرقي تركيا- للاحتفال، وقال مراسل "الجزيرة" أحمد الزاويتي إن مناصري الحزب تفاجأوا بالنتائج، فبعد أن كانوا يأملون في تجاوز عتبة 10% التي تؤهلهم لدخول البرلمان، بات الحزب قريبا من دخول البرلمان بنحو 80 مقعدا.
ونقلت "رويترز" عن زعيم الحزب صلاح الدين ديمرتاش قوله إن الحزب لن يتحالف مع حزب العدالة والتنمية لتشكيل حكومة ائتلافية، واعتبر أن نتيجة الانتخابات في تركيا وضعت حدا للنقاش بخصوص النظام الرئاسي.
ومن جهته, دعا زعيم حزب الحركة القومية دولت بهجلي إلى إجراء انتخابات جديدة إذا لم يستطع حزب العدالة والتنمية الحاكم الاتفاق على ائتلاف مع حزبين معارضين آخرين في البرلمان.
ويُنظر إلى حزب الحركة القومية على أنه الشريك الأصغر المحتمل في حكومة ائتلافية مع حزب العدالة والتنمية.
ولكن بهجلي استبعد ذلك تقريبا قائلا إنه يجب بحث خيارات أخرى أولا، وأوضح أن "الاحتمال الأول بالنسبة لتشكيل ائتلاف يجب أن يكون بين حزب العدالة والتنمية وحزب الشعوب الديمقراطي (المؤيد للأكراد). والنموذج الثاني يمكن أن يتألف من حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطي.
وشدد على أنه في حال فشل كل هذه السيناريوهات، يجب حينئذ إجراء انتخابات مبكرة.
وبدوره, اعتبر رئيس حزب الشعب الجمهوري مراد كارايالجين أن نتائج الانتخابات تعبر عن رفض واضح من الناخبين لمسعى الرئيس رجب طيب أردوغان لنيل صلاحيات واسعة والتحول باتجاه نظام رئاسي تنفيذي.
وفي المقابل, قال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو إن حزب العدالة والتنمية هو الفائز الواضح في الانتخابات، وتعهد باتخاذ كل الإجراءات الضرورية لمنع أي ضرر يلحق بالاستقرار السياسي للبلاد.
وأضاف داود أوغلو للصحفيين من شرفة مقر الحزب في أنقرة "يجب على الجميع أن يفهم أن حزب العدالة والتنمية هو الفائز وأنه زعيم هذه الانتخابات.. يجب ألا يحاول أحد بناء انتصار من انتخابات خسرها".
وتراوحت التنبؤات بعد فوز حزب العدالة والتنمية الحاكم بنسبة لا تمكنه من مواصلة الحكم منفردا, بين التكهن بعودة الحياة السياسية المختلطة من جديد إلى تركيا عبر تشكيل حكومات ائتلافية عقب عجز كافة الأحزاب عن الحصول على الأغلبية المطلقة منفردة أو الذهاب للانتخابات المبكرة
مزيد من التفاصيل