شكرا حماس
2015-07-07 13:01:32
بقلم: احسان الفقيه
أماقبل:
(العدوّ يعتبرُناكلّنا ارهابيين ولو قدِر سيغتال الشعب الفلسطيني كاملا.. فهو يريد أرضا بلا شعب..فلا يهمُنا أي تصنيف..)..
كُلّما تذكّرت هذهالعبارة التي صدع بها الشيخ الشهد أحمد ياسين ..كلّما زاد عنادي وإصراري على أن لاأكون عونا للعدوّ وأعوان العدوّ في حربهم وتكالُبهم على الجهاد والمُجاهدينالمُخلصين (ولو بكلمة) بمعزل عن أي أخطاء وتجاوزات (خشية وقوعي تحت طائلةالتصنيف).
رحم الله المجاهد الشهيدعبدالله عزام الذي قال:
(إن المبادئ أثمن منالحياة وإن العقائد أغلى من الأجساد وإنّ القيَم أعظم من الأرواح .)..
أما بعد:
ابتهجتُ والكثيرون منأبناء الأمة للقرار التاريخي الذي اتّخذته حركة المقاومة الإسلامية حماس، بحلّووقف نشاط حركة الصابرين الشيعية في قطاع غزة.
وكانت إشكالية تواجد هذهالحركة في غزة وممارسة أنشطتها في ظل حكومة حماس، تتمثل في أنها تُعتبر ذراعًالإيران في القطاع، وهو ما يعني أن إيران قد وجدت لها موطأ قدم في غزة، وهو ما يمثلبدوره خطورة حقيقية على مسار المقاومة الفلسطينية.
عن حركة الصابرين أتحدث:
هي حركة أسّسها مُنشقّونعن حركة الجهاد الإسلامي بزعامة هشام سالم، ولكن تمّ العمل لها في الخفاء منذ فترة بعيدة.
وانطلقت الحركة تحت اسم"الصابرين نصرا لفلسطين"، ويُطلق عليها اختصارا "حصن".
وثمّة تطابق بين برامجالحركة وبرامج حزب الله، وتتشابه معه في الخطاب، وحتى في العَلَم والشعار، والأهممن ذلك كله، أن الحركة والحزب يدينان بالولاء لإيران عن طريق ولاية الفقيه.
كما أنها تتبنى ذاتالمواقف الإيرانية تجاه الأزمات القائمة في المنطقة، على سبيل المثال: تنديدهابعاصفة الحزم التي قادتها السعودية، بزعم أنها اعتداء على الشعب اليمني.
وقد بدأت الحركة فيالظهور على مطيّة العمل الاجتماعي الخيري، الذي حقق لها انتشارا نوعيا، مع استغلالفقر السكان في ظل الحصار على القطاع.
وظهرت نوايا حركةالصابرين بإنشاء عدد من الجمعيات الخيرية بأموال إيرانية، واستغلت تلك الجمعيات فينشر التشيّع في قطاع غزة، كما أظهرت لافتات الحركة هويتها، حيث ورد اسم الخمينيوخامنئي إضافة إلى إشارات إلى الثورة الخمينية عام 1979.
ازدادت خطورة هذه الحركة،عندما أصبحت حركة مسلحة، علما بأنها لم يُعرف عنها أي مقاومة للعدو الصهيوني علىأرض فلسطين.
باختصار، كانت هذه الحركةتُمثل اتجاها جديدا لإيران والكيان الصهيوني والمتاجرين بفلسطين، لكي تكون هيالبديل للمقاومة الفلسطينية مستقبلا، لتصبح القضية الفلسطينية أسيرة المفاوضاتالخاسرة الرخيصة، والتي تباع فيها فلسطين بثمن بخس للصهاينة.
قلت:حماس لم تخن القضية
لطالما قلت وأكرر: حماسهي القوة الوحيدة على وجه الأرض التي تناجز الاحتلال الإسرائيلي، ومن العار أننُخوِّنها وهي تنوب عن الأمة في أخطر قضاياها المحورية.
فحكومة حماس التي تديرالقطاع كانت لها رؤيتها – التي قد نختلف معها بشأنها- في السماح للحركة الشيعيةبممارسة أنشطتها داخل القطاع، وتسامحت معها، من أجل الإبقاء على فتح القنوات معإيران للحصول على الدعم.
وفي هذا لا ألوم إلاحكومات بلادنا الإسلامية والعربية، التي تخلت عن المقاومة في ظل الحصار المفروضعلى القطاع، فألجأتها للتقارب مع إيران.
كان حلما وتحقق:
كتبتُ في منتصف يونيوالمنصرم، عن خطر حركة الصابرين في غزة، وتأثيره على مسار المقاومة الفلسطينية، ومنجُملة ما ذكرت من هذه الأخطار، أن وجود مثل هذه الحركة الموالية لإيران في قطاعغزة الذي تتواجد فيه جماعات سلفية سوف يشعل القطاع، ويتحول اهتمام الفصائل منالصراع مع العدو الصهيوني إلى الالتفات للصراع الداخلي.
كما أنَّ استمرار أنشطةهذه الحركة الشيعية الموالية لإيران من المحتمل أن يدفع التنظيمات الجهادية لدخولالقطاع لتكون بديلا عن المقاومة القائمة بعد استشعار النفوذ الإيراني.
والأخطر من ذلك أن الحركةيتم تجهيزها لتكون بديلا عن المقاومة، وفي هذه الحالة سوف تضيع القضية الفلسطينيةالتي تمنحها المقاومة وقود المسير.
وقد أرسل لي أحد الشرفاءوهو من الشخصيات البارزة في غزة والقريبة من دوائر صناعة القرار، أن ما كتبتُهبهذا الشأن تم تداوله وتعميمه، وكان له أثرٌ في القطاع، وأضاف أن حكومة حماس تتخذإجراءات لتحجيم حركة الصابرين بشكل كامل.
فأثلجت كلماته صدري، إلاأنه سرعان ما جاء الواقع بعدها مطابقا لما ذكر، حيث أعلنت وسائل الإعلام نبأ قيامحماس بحل حركة الصابرين ومنع أنشطتها.
ولم تكن سعادتي برؤية أثرلجهدي المتواضع في تلك البقعة المُحاصرة التي نُحبّها ونحبّ أهلها، ليضاهي سعادتيبحركة حماس، والتي صحّحت المسار، ولم تخذلنا أو تُخيّب حسن ظننا بها.
الحدث.. إشارات ودلالات:
بالرغم من أن حركة حماسأقامت علاقات ثنائية جيدة مع إيران، إلا أنَّها رفضت التماهي مع إيران وتبنّي نفسموقفها من الأزمتين اليمنية والسورية، فلم تتجه الحركة لإدانة عاصفة الحزم فياليمن، ولم تؤيد بشار الأسد في سوريا.
ترتب على موقف حماس، أنشنت الصحف الإيرانية حملة من الهجوم على الحركة بالتزامن مع إعلان المتحدث باسمحركة الجهاد الإسلامي عن قيام إيران بقطع الدعم رسميا عن هذا الفصيل المقاوم، وكشفأن السبب هو عدم تبنّي حركة الجهاد مواقف إيران في ذات القضيتين.
*إقدام حماس على هذهالخطوة الجريئة يعني أن العلاقة بين حماس وإيران سوف تدخل مرحلة جديدة تتسمبالفتور، فإيران لا تقدّم الدعم دون الحصول على مقابل.
والقول بأن إيران تسعىلاستغلال دعم المقاومة في الترويج لدورها المحوري المزعوم في الأمة الإسلامية، قدعفا عليه الزمن، بعد أن أشعلت إيران المنطقة بطائفيتها، وأحدثت القلاقلوالاضطرابات في البلدان الإسلامية عبر أذنابها تحت راية ولاية الفقيه، فظهر الوجهالقبيح لإيران.
كما سقط وَهْم أسطورةالعداء للكيان الصهيوأمريكي بعد هذا التقارب الأمريكي الإيراني الذي بدأ يأخذ صورةعلنية بعد أن كان يتم في الخفاء، ولم يعد خافيا على ذي بصر، أن إيران لا تعادي سوىالعالم السني.
وأكاد أجزم أن القيادةالسعودية الجديدة كانت عاملا أساسا في التطورات الأخيرة، وأن حماس قد اتخذت هذهالخطوة، بعد أن احتوتها المملكة التي تدرك بدورها خطر المشروع الإيراني فيالمنطقة، والذي تفاقم بعد الاتفاقية التي عقدتها إيران وأمريكا بشأن النوويالإيراني، والتي خلت من ضمانات حقيقية لأمن الخليج.
حتما هذه الخطوة سوف ترفعمن شعبية حماس، حيث أن السماح لتلك الحركة الشيعية بممارسة أنشطتها داخل القطاع،قد أثار استياء الكثيرين، ما تسبب في إثارة العديد من الشُبهات حول الحركةالمُقاومة.
لفتة مُحِب:
لا شك أن العدوالإسرائيلي يُجهّز لحرب أخرى ضد قطاع غزة، وأن أوجب الواجبات على حماس في هذهالمرحلة، تكثيف العمل على وحدة الصف واللحمة الداخلية، والالتفاف الشعبي، والذيظهر بوضوح في العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، والذي كان أبرز عوامل انتصارالمقاومة.
ولذا ينبغي على حكومةحماس استيعاب الشباب في القطاع من أصحاب الأيديولوجيات والاتجاهات المختلفة، وفتحالحوار مع شباب السلفية الجهادية، لاحتوائهم، وأعلم أن حركة حماس بدأتها بالفعل،لكن ننتظر منها المزيد.
ولا يسعني في ختام كلماتيإلا أن أقول بعد حمد الله تعالى:
شكراحماس....
المصدر : خاص - شؤون خليجية
https://alkhaleejaffairs.org/c-22096