جاء الإعلان الأمريكي بعقد مؤتمر دولي في البحريننهاية الشهر المقبل لعرض الجانب الاقتصادي من خطة "صفقة القرن"، منافيالما صرح به البيت الأبيض مؤخرا بأنه سيتم عرض الخطة كاملة بعد شهر رمضان وتشكيلبنيامين نتنياهو لحكومته الخامسة.
وأعلن بيان بحريني أمريكي مشترك الأحد الماضي، أنالمنامة ستستضيف ورشة عمل اقتصادية تحت عنوان "السلام من أجل الازدهار"يومي 25 و25 من الشهر المقبل، بهدف جذب استثمارات إلى المنطقة بالتزامن مع تحقيقالسلام الفلسطيني الإسرائيلي، وذلك في أول فعالية أمريكية ضمن خطة "صفقةالقرن".
ولم يتغير الموقف الفلسطيني الرافض بشكل قاطع للخطةالأمريكية، لقناعتهم بأنها تأتي في إطار تصفية القضية الفلسطينية، وهو ما أكده رئيسالوزراء الفلسطيني محمد اشتية، أن "حل الصراع في فلسطين لن يكون إلا بالحل السياسي"،إلى جانب مطالبة حركة حماس إحدى الحركات الفلسطينية الأكبر في الشارع الفلسطيني، للدولالعربية بعدم تلبية دعوات المشاركة في الورشة الاقتصادية بالبحرين.
فرض الخطة
وأمام هذا الموقف، يتبادر للأذهان تساؤلات عدةأبرزها، حول آليات الولايات المتحدة لتنفيذ مخرجات المؤتمر، وما الذي تعول عليهلتنفيذ خطتها دون وجود شريك فلسطيني؟ ولماذا اختارت واشنطن البحرين لعقد أولىمحطات "صفقة القرن" فيها؟
الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل يجيب على هذهالتساؤلات بالقول إن "الإدارة الأمريكية متوقعة هذا الرفض، وهو ما تمثل حينمااتخذت قرار نقل سفارتها إلى القدس، فلم تنتظر موافقة الفلسطينيين"، معتقدا أن"واشنطن تطرح خطة تعكس السياسة الأمريكية الإسرائيلية وليس صفقة".
وأوضح عوكل في حديث لـ"عربي21" أن"الصفقة تحتاج لموافقة الطرفين، وفي ظل غياب الطرف الفلسطيني، فإن أمريكاستتابع فرض هذه الخطة بمفاصلها على الواقع الفلسطيني"، مضيفا أنها "ستقومبتشجيع شركات واستثمارات وأفراد وتطوير الوضع الاقتصادي، من خلال مؤسسات دوليةوبلدان عربية بحمايتها".
اقرأ أيضا: هكذا علقت البحرين على اتخاذها محطة لانطلاق "صفقة القرن"
ورأى أن "اختيار البحرين يأتي كونها دولة ضعيفةوثانوية، والإدارة السياسية فيها تمتلك تصريحات تخالف القرار العربي فيما يتعلقبالعلاقة مع إسرائيل والاعتراف بها والتطبيع معها"، مشيرا إلى أن"المنامة تجرأت على فتح الطريق أمام التطبيع، وهذا يسمح بحضور إسرائيليللمؤتمر دون ردود فعل غير متوقعة".
وشدد عوكل على أننا "أمام خطة أمريكية إسرائيليةترتكز على السلام الاقتصادي، وما سيخرج عن المؤتمر سيكون خطط اقتصادية ذات بعدسياسي في سياق مصادرة الحقوق الفلسطينية".
وحول ما يملك الفلسطينيون أمام هذه الخطة الأمريكية،قال عوكل إنهم "يملكون الرفض الفعال من خلال تحقيق المصالحة الفلسطينية ووحدةالصف الفلسطيني، وكذلك تنفيذ قرارات المجلس المركزي، وإعادة النظر في كل أشكالالعلاقة مع إسرائيل، وأيضا إعادة النظر في الاتفاقيات الموقعة مع واشنطن".
الخطوط الحمراء
وتابع: "يجب على الفلسطينيين أن يضعوا خطوطاحمراء للعرب وغير العرب، وعليهم أن لا يجاملوا أحدا في حال تجاوز هذهالخطوط"، معتبرا أن "البحرين اجتازت هذه الخطوط، ولكن الفلسطينيون حتىاللحظة اكتفوا باتخاذ بيانات وتصريحات لا تخرج عن إطار الإدانة الضعيفةوالنظرية"، وفق رأيه.
في المقابل، رأى الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيبأن مشروع "صفقة القرن" لن يرى النور على الإطلاق، واصفا أن ما يجريالحديث عنه بما فيه مؤتمر البحرين هو "مجرد ضجيج نتيجة للفشل"، مبينا أنالولايات المتحدة أعلنت سابقات أنها ستطرح الصفقة كاملة، لكنها تراجعات لأسبابكثيرة.
وبحسب حديث حبيب لـ"عربي21" فإن"واشنطن لجأت إلى الجانب الاقتصادي ولعقد مؤتمر البحرين، لتمرير وتبرير فشلخطتها، لأنها في الحقيقة لم تلتزم بطرح خطة ناضجة"، مشددا على أنه "دونوجود شريك فلسطيني من المؤكد أن مثل هذه الصفقة لن تمر لا شكلا ولا مضمونا، حتى لوجمعت الكثير من الأموال".
وفسر حبيب ذلك بالقول إن "الفلسطينيين يمتلكونقناعة بأن هذه الخطة تهدف لتصفية قضيتهم"، منوها إلى أن "الحديث مجدداعلى أن الجانب الفلسطيني بحاجة لحل اقتصادي والإسرائيليين لحل أمني، هو ركن أشارإليه عدة مرات رعاة هذا المسار"، وفق متابعته.
اقرأ أيضا: واشنطن تكشف جزءا من صفقة القرن بالبحرين بهذا الموعد
وذكر أن عقد المؤتمر في المنطقة العربية وبحضورإسرائيلي "يعزز بشكل واضح عملية التطبيع، واعتبار إسرائيل هي جزء من المنظومةالعربية والإقليمية"، معتقدا أن "رعاة صفقة القرن باتوا يدركون بأنصفقتهم لن تمر، لسبين الأول يتعلق بالمعارضة الشاملة من قبل كافة القوى والفصائلالفلسطينية على اختلاف تشكيلاتها".
وأردف حبيب قائلا: "السبب الثاني أنه نتيجةللرفض الفلسطيني القاطع، لم يتجرأ أي نظام عربي رغم علاقاتهم القوية مع الولاياتالمتحدة وعلاقاتهم الباطنية مع إسرائيل، على الإعلان عن القبول بهذه الصفقة".
مزيد من التفاصيل