دول عربية تزرع بمياهنا فى أفريقيا وأثيوبيا باعت أراضيها حول السد
on 2-8-1434 هـ
الإثيوبيين فى ٢٠٠٨ أعلنوا عن بيع الأراضى حول السد،
الدكتور ممدوح حمزة لـ«المصري اليوم»: حذرت من السدود الإثيوبية.. ودول عربيةتزرع بمياهنا فى أفريقيا
حوار مصطفى عاشور ١٠/ ٦/ ٢٠١٣
تصوير- حمادة الرسام
حمزة يتحدث إلى «المصرى اليوم»
قال الدكتور ممدوح حمزة، الاستشارى الهندسى الكبير، إنه لم يتفاجأ ببناء السد الإثيوبى لأنه كان أول من حذر من بناء تلك السدود، وأضاف أن أكبر ضرر على مصر هو «اللاند جراب» أو سرقة أراضى أفريقيا وبيعها لدول أخرى تزرعها وترويها بمياه النيل، حيث إن البنك الدولى حذر من الشركات العالمية التى جاءت لتمتص دماء السكان الأفارقة الأصليين.
وأكد «حمزة» أن الجيش المصرى قادر على حماية حقوقنا ومكتسباتنا، وأشار إلى أنه فى حالة فشل المفاوضات مع إثيوبيا لابد أن نتجه للخيار العسكرى لأنه فى ذلك الوقت يصبح الأمر كما يقولون «ياروح ما بعدك روح».
وإلى نص الحوار:
■ كيف تلقيتم خبر تحويل مجرى النهر الأزرق للبدء فى بناء سد النهضة الإثيوبى؟
- لم أتفاجأ لأننى كنت أول من حذر من بناء السدود الإثيوبية ونقلت عنى صحيفة لوس أنجلوس تايمز هذا حينها، حيث أكدت أن المخزون فى بحيرة ناصر سوف ينضب خلال الأعوام القادمة بسبب ما يحدث فى دول حوض النيل من توجه لبناء السدود وأيضاً شراء الشركات العالمية لمساحات شاسعة من الأراضى على جانبى النهر فى إثيوبيا وتنزانيا والسودان وكينيا لزراعتها بالوقود الحيوى وهذا هو الأشد خطراً من بناء السد.
■ هل هناك ضرر أكبر من بناء السد نفسه؟
- نعم، إن أكبر ضرر على مصر هو «اللاند جراب» أو سرقة أراضى أفريقيا وبيعها لدول أخرى تزرعها وترويها بمياه النيل، والبنك الدولى حذر من الشركات العالمية التى جاءت لتمتص دماء السكان الأفارقة الأصليين، وتوجد عدة شركات من دول كبرى ودول عربية استحوذت على أراض فى بلدان أفريقية ومنها شركات سعودية بـ٥٠ ألف فدان فى إثيوبيا و٥ آلاف هكتار فى تنزانيا تزرعها كوريا الجنوبية والإسبان اتجهوا للسودان وباكستان اتفقت مع الخرطوم للزراعة فى السودان فى ديسمبر ٢٠١٠.
كما أن رؤساء ٥ بلدان أفريقية قدموا دعوات للسعودية للاستصلاح هناك، والسعودية تدرس زراعة الأرز فى أفريقيا للاستفادة من مياه النيل، وأكبر شركة للاستثمار الزراعى فى إثيوبيا هى شركة هندية والبنك الدولى يؤكد أن هناك اهتماما بالمياه هناك.
■ هل الاستثمارات الزراعية فى السودان ستؤثر على حصة مصر من المياه؟
- أولا المستفيد الأول من هذا السد هو السودان، ثانياً عند الحديث عن نصيب السودان من المياه نقول إن السودان تستخدم حصتها التى تكفى بالكاد لزراعة ٢ مليون فدان، والحديث عن زراعة ٢٠ مليون فدان سودانية جاهزة ومعروضة للمستثمرين يؤكد أن أى كميات مزروعة ستكون على حساب حصة مصر من المياه مع مراعاة أن معظم الزراعات هى للوقود الحيوى.
■ لماذا تهتم بـ«اللاند جراب» على وجه التحديد؟
- منذ ٢٠٠٩ وأنا مهتم بسرقة الأراضى أو اللاند جراب land grab التى تبيعها بعض الدول فى أفريقيا، حيث تعتبر أوغندا وإثيوبيا وتنزانيا والكونغو وبوروندى وكينيا من الدول التى تبيع أراضيها وحتى مصر، وتعتبر الإمارات من الدول التى تقبل على شراء الأراضى وتستخدمها فى زراعات الوقود الحيوى، وللعلم فإن الإثيوبيين فى ٢٠٠٨ أعلنوا عن بيع الأراضى حول السد، أى قبل بنائه بسنوات.
■ هل هناك دراسة حول «اللاند جراب»؟
- قمت بدراسة عن اللاند جراب وهى نزع الأراضى الزراعية بواسطة الشركات الكبيرة فى أفريقيا وأرجو من مؤسسة الرئاسة ووزارة الخارجية أن يخاطبا الدول التى تستثمر فى أفريقيا برسائل واضحة توضح أن هذه الشركات فى مأزق لأننا لن نسمح بأن يزرعوا بمياه النيل ويمنعوا تدفقها لمصر، وما يؤكد كلامى هو أن صناديق المعاشات فى أوروبا بدأت التوجه لشراء أراض فى أفريقيا.
وبتتبع توغل هذه الشركات فى دول الحوض نجد أن الصين قد اشترت مساحات شاسعة فى أوغندا من الرئيس موسيفينى لزراعتها بالمحاصيل الغذائية ومحاصيل الوقود الحيوى، ولديها آلاف الهكتارات من الأراضى تمت زراعتها بالأرز والذرة، والسعودية أعلنت فى ٢٠٠٩ عن بدء استثمارات فى إثيوبيا بـ٥ ملايين هكتار بقيمة ٣ ونصف مليار دولار، وإحدى الشركات الهندية أعلنت عن شراء ٣٠٠ ألف هكتار أيضا فى إثيوبيا، هذا بالإضافة للشركات الألمانية والكورية والخليجية التى توجهت لإثيوبيا لتزرع بمياه النيل.
كما أن جنوب السودان قدمت ٨٠٠ ألف هكتار لشركة أمريكية وتتوزع الشركات الكويتية والقطرية والإماراتية والسعودية والأردنية فى دول الحوض وخاصة السودان، ومازالت تشترى كميات كبيرة من الأراضى يتم زراعتها بالمحاصيل التى تستنزف مياهنا، وإنجلترا لديها ٣٧٨ ألف هكتار فى السودان وكوريا لديها ٧٠٠ ألف هكتار هناك، وتوجد شركات إنجليزية لديها أراض أيضا فى السودان.
أما فى الكونغو فالصين استحوذت على ٢ مليون و٨٠٠ ألف هكتار تزرع بمحاصيل الوقود الحيوى فى الوقت الذى تعانى فيه البلدان الأفريقية من الفقر والجوع.
■ السدود الإثيوبية هل الأفضل لها أن تكون سدا واحدا أم عدة سدود؟
- السدود الإثيوبية هى فى الأساس سد واحد فقط، وهى عبارة عن سد تخيلى واحد عند التصميم، وذلك لأن كمية المياه واحدة وبالتالى إما تخزينها فى سد واحد أو اثنين أو ثلاثة سدود، وقبل أن تستكمل الدراسات ونقول ما هو الأفضل لهم ولنا فالدراسات الأولية قالت إن سدا كبيرا ليس هو الخيار الأفضل لإثيوبيا أو حتى لمصر، والدراسات التى تمت فى بريطانيا وأمريكا فى شهر يونيو ٢٠١٣ قالت إن بناء سد بهذا الحجم وخزان بهذا الحجم ليس الأمثل لإثيوبيا وليس الأمثل لدول المصب.
وهذا السد سيقلل من معدل التنمية فى إثيوبيا وسوف يصاب الاقتصاد الإثيوبى بالمرض الهولندى وهو ارتفاع قيمة العملة نظير تصدير الكهرباء، وبالتالى لن يتمكنوا من التصدير نتيجة إصابة الاقتصاد بالتضخم.
وأحد الأبحاث التى لم تنشر بعد فى جامعة أكسفورد أطلقت على السد «متعدد الأغراض»، وهذا يؤكد أن هناك نية لاستخدام المياه فى بحيرة السد للزراعة، ومقدار الأراضى المنزرعة لا يمكن التحكم فيه، ومازلت أقول إن هناك دولا مثل كوريا وبلاد الخليج تقوم بشراء واستئجار أراض لزراعتها تروى بمياه النيل وملف سرقة أراضى حوض النيل أخطر من بناء السد.
■ ما الحلول وكيف نخرج من هذا المازق؟
- هذا المأزق كاشف لعورات نظام استمر ٤٠ سنة وظهرت عوراته لتكشف أننا ليس لنا علاقات بدول حوض النيل أو إفريقيا والجميع يذكر جيداً أن شركة النصر كانت علامة فى أفريقيا وكان لدينا ٢٥ إذاعة موجهة لهم، كما أن بيت الأمة الأفريقى فى ٥ شارع حشمت يشهد على ذلك والزعيم الجنوب أفريقى نيلسون مانديلا نام على مرتبة فى بيت الأمة الأفريقى وهو اعترف بذلك.
ولقد تكشف أننا ليس لدينا نظام رى حديث، وما زلنا نعتمد على الرى بالغمر، وأننا نستخدم ٨٠٠٠ متر مكعب من المياه للفدان وما زلنا نستخدم المياه فى بحيرات صناعية والسليمانية تعتبر جريمة فى حق مصر ويكفى أن المياه الجوفية انخفضت ١٠ أمتار فى المنطقة، وتكشفت أيضاً عورة الأمن الغذائى والأجهزة الأمنية والمخابراتية فى مواجهة الأمور، والأهم من ذلك أننا ندرك الآن ضعف علاقتنا فى الخارج وأننا ليس لدينا علاقات بأفريقيا أو فى الأمم المتحدة.
والحل يبدأ بوضع «الحد الفاصل» بين معالجة هذا الملف بمواجهة متعددة الأسلحة أو ننتقل إلى المشروع بالتعاون، فإما مواجهة وعداء أو تعاون وصداقة، والمشروع ليس سد النهضة فقط وإنما بناء عدة سدود على النيل الأزرق، والمشروع هنا المقصود به بناء السدود على النيل الأزرق إما مؤقتاً أو دائماً.
وبما أن هذا السد للإثيوبيين بمثابة السد العالى لنا، فيجب أن نفكر فى كيفية السماح ببناء السد ولإثيوبيا بالتنمية بما لا يضر بمصر ومصالحها، وتوجد خمس نقاط يجب استيفاؤها وهى الحد الفاصل بين المواجهة والتعاون، البند الأول أن يستخدم هذا السد فى توليد الكهرباء فقط، مع ملاحظة أن يتم اختيار التخزين كعنصر حاكم أساسى وهو تقليل البخر من البساط المكشوف وألا يستخدم السد فى الرى،
أما البند الثانى فهو توقيع عقد كهرباء يحمل فى طيه أن يكون سعر الكهرباء بالتكلفة وأن يكون بسعر تعويضى عن سنوات الملء،
وثالثاً الاتفاق الكامل على طريقة ومدة الملء بموافقة وإمضاء الطرفين بما لا يخل بملئه وألا تقل المدة عن ٦ سنوات منذ بدء الملء ويفضل أن تكون ١٠ سنوات،
أما البند الرابع فهو الاتفاق من الآن على طريقة تشغيل محطة الكهرباء وفتح وغلق البوابات، والتصرف فى التخزين السنوى، ولتوليد أكبر كمية من الكهرباء يجب ألا تستخدم المياه فى الزراعة،
ولابد من وجود برامج معقدة لتشغيل البوابات، وتعظيم إنتاج الكهرباء، وألا يقل خزان المياه خلف السد العالى عن حد معين، وعند تشغيل بوابات التوربينات لسد النهضة يجب أن يرتبط بالمياه فى بحيرة ناصر، حيث تم عمل تصور بألا يقل التخزين فى البحيرة عن ٩٠ مليار متر مكعب وهذا لا يصلح لأن البحيرة سعتها على الأقل ١٧٠ مليار متر مكعب.
أما البند الخامس والأخير فهو مرتبط بتقييم سد على النيل الأزرق وهو فى الحقيقة سد تخيلى واحد ويمكن فكه بعدة سدود سواء اثنين أو ثلاثة بالإضافة إلى أنه يجب إعادة المرادفات لبناء السد آخذين فى الاعتبار الاقتصاد والنمو الإثيوبى.
■ ماذا لو وافق الإثيوبيون على البنود المطروحة؟
- إذا وافقوا على البنود الخمسة أرى أنه يجب أن نتعاون وأن تشارك مصر فى تصميم وبناء السد بنسبة ٢٠%، ويصبح لنا كرسى فى مجلس إدارته بعد أن نشارك فى تصميمه وتنفيذه، وأنا أقول ذلك لأننى حاصل على ٢ ماجستير سدود ودكتوراه فى السدود، والبنود الخمسة لا يمكن التنازل عن بند منها إلا البند الخامس وهو تغيير التصميم إذا أرادت إثيوبيا أن تخسر.
■ فى حالة رفض الجانب الإثيوبى؟
- أقول إن الضرر الواقع على مصر لن يكون فقط أثناء فترة الملء وسيكون ضررا بالغا والمضى فى بناء السد بمثابة إعلان حرب ضد مصر، وجريمة ضد الإنسانية مع سبق الإصرار لتجويع شعب مصر وستكون جريمة الشروع فى قتل المصريين مكتملة الأركان.
...
....
...
يتبع
د. يحي الشاعر