في ظل القرار المفاجئ للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بسحب قواته من سوريا، بدأ العراق باتخاذ تدابير أمنية لمنع وقوع "ضرر محتمل" على أراضيه جراء الانسحاب.
ولعل التساؤلات الملحة في الوقت الحاضر، تدور حول تداعيات القرار على الأوضاع في العراق، وما التدابير والإجراءات التي سيتخذها الأخير لحماية أراضية؟.
تداعيات الانسحاب
وفي حديث لـ"عربي21" قال الدكتور إحسان الشمري رئيس مركز "التفكير السياسي" إن "الانسحاب المباشر ستكون له تداعيات ليست بشكل مباشر، وإنما قد يشكل عدم اكتمال القضاء على تنظيم داعش، ضغطا كبيرا على الأراضي العراقية، خصوصا فيما يرتبط بالحدود، وأيضا سيشجع الخلايا النائمة بالداخل لكي تنشط مجددا".
اقرأ أيضا: بعد تصريح ترامب.. هل تقوم تركيا بدور قسد بسوريا ضد داعش؟
وأضاف: "أيضا الضربات التي توجهها قوات التحالف وتحديدا الولايات المتحدة الأمريكية إلى المجاميع الإرهابية حينما تقترب من الحدود العراقية، هذا كله سيؤثر في الجانب الأمني".
ولفت الشمري إلى أن "طبيعة وجود القوات الأمريكية على الأرض السورية، وامتلاكها لخزين معلومات كبير جدا كانت تستثمرها القوات الإستخبارية العراقية، أيضا ستتأثر في قضية الحصول على المعلومة أو نشاط هذه المجاميع وتحركاتها الأراضي السورية واعتداءاتها على العراق".
وهناك جانب آخر، أكد الشمري أن "الانسحاب الأمريكي سيخضع لآراء وتدافع على مستوى الداخل العراقي، خصوصا في قضية إعادة الانتشار وانسحاب القوات الأمريكية من العراق، حيث سيكون أحد أوجه الانسحاب من سوريا".
ولفت إلى أن "نواب تحالف البناء (يضم المالكي والعامري) صرحوا أنهم بصدد تقديم مشروع قانون لسحب القوات الأمريكية من العراق، وإلغاء اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن، وهذا سينعكس على العلاقات السياسية بين البلدين".
وأعرب الشمري عن اعتقاده بأن "تضع بغداد في حساباتها أن الولايات المتحدة جزء مهم من الحرب على الإرهاب، وبالتالي على أقل تقدير فإن رئيس الوزراء قد يدفع باتجاه استمرار مزيد من التوافق في هذا الشأن داخليا في قضية مساعدة واشنطن لحرب العراق على الإرهاب".
من جهته، شدد محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي على ضرورة "مشاركة العراق في الحوار التركي- الإيراني لما بعد الانسحاب الأمريكي من شرق سوريا".
وحذر في تغريدة على حسابه بـ"تويتر" من أن "أي أزمات جانبية مفتعلة للتقاطع مع هذا الحوار ستكون مقصودة لإضعاف قدرة العراق على التأثير بالأزمات المتوقعة في داخل أراضيه".
تدابير عراقية
وعلى الصعيد ذاته، عقد مجلس الأمن الوطني العراقي برئاسة عبد المهدي، مساء الأحد، اجتماعه الأسبوعي، بحث فيه قرار الانسحاب الأمريكي من الأراضي السورية والإجراءات الاحتياطية والاستباقية اللازمة، بحسب بيان لمكتب رئيس الحكومة.
وقال عبد المهدي إن "الحكومة تقوم بواجباتها لحماية الأمن في البلاد واتخاذ الاستعدادات واستباق الأحداث لمنع أي ضرر محتمل لتداعيات القرار، وتكثيف الجهود من قبل قواتنا البطلة لمنع أية محاولة إرهابية لعصابة داعش".
ووجه رئيس الحكومة العراقي بـ"وضع خطة شاملة ومركزة ودراسة الموضوع وتشخيصه من جميع جوانبه وتكثيف الجهود والاتصالات لحماية أمن العراق واستقراره وسيادته".
اقرأ أيضا: ترامب يؤكد لأردوغان تنسيق الانسحاب من سوريا
وأكد عبد المهدي أن "الجانب الأمريكي جدد التزامه بالتعاون مع العراق واستمراره بتقديم الدعم اللازم لقواتنا الأمنية وأعلمنا بالقرار الرسمي للانسحاب وحيثياته من خلال اتصال هاتفي من وزير الخارجية الأمريكي".
وأعلن الرئيس دونالد ترامب في قرار مفاجئ سحب الجنود الأمريكيين المتمركزين في سوريا وإعادتهم إلى الوطن، معتبرا أن تنظيم الدولة قد "هزم إلى حد بعيد".
ولقي قرار الانسحاب معارضة من عدد كبير من السياسيين الأمريكيين وزعماء دول حليفة للولايات المتحدة، الذين رأوا فيه خطوة سابقة لأوانها، تزيد من حالة عدم الاستقرار في هذه المنطقة المنكوبة بالحروب.
وهذا القرار الذي اتبعه ترامب في اليوم التالي بآخر يعلن فيه سحب عدد كبير من الجنود الأمريكيين من أفغانستان، دفع بوزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس والمبعوث الأمريكي للتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة بريت ماكغورك إلى الاستقالة.
مزيد من التفاصيل