ينظر البرلمان المصري مشروع قانون، غير مسبوق، يقضي بمنع الزيارة عن "الإرهابيين" الذين يثبت تورطهم ويحصلون على حكم نهائي بالإدانة، لمدة عامين من تاريخ إصدار الحكم، ووضعهم فى غرف حجز منفردة.
وأحال رئيس البرلمان، الأحد، مشروع القانون المقدم من 60 نائبا- عُشر عدد أعضاء المجلس - بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 396 لسنة 1956، حول تنظيم السجون، إلى لجنة مشتركة من لجنتي الشؤون الدستورية والتشريعية، والدفاع والأمن القومي.
كما يتضمن مشروع القانون، بعد مرور عامين على منع الزيارة والحبس الانفرادي، السماح لأجهزة الأمن بتسجيل الزيارة بالصوت والصورة، وحرمانه من الزيارات الاستثنائية، وعدم جواز تطبيق أي عفو عليه حتى لو كان رئاسيًا.
ووصف حقوقيون وسياسيون مشروع القانون بالانتهاك الجسيم لحقوق الإنسان، ويأتي في سياق سلسلة القوانين التي تستهدف المعتقلين السياسيين المعارضين بتهم ملفقة، وأحكام مسيسية.
قانون للإسلاميين والإخوان
وفند رئيس الدائرة المصرية بمركز حريات للدراسات السياسية، إسلام الغمري، مشروع القانون، قائلا: "مشروع القانون تم تفصيله للمعتقلين الإسلاميين بشكل عام، والإخوان بشكل خاص"، مؤكدا رفضه "تطبيق مثل هذا القانون على أي معتقل تحت أي مسمى سياسيا كان أو جنائيا لإنه عقوبة شاذة".
وأضاف لـ"عربي21": أن "هذا القانون مطبق بشكل شفوي بالفعل على أرض الواقع؛ حيث يحرم الكثير من المعتقلين من الزيارات منذ سنوات، وما القانون إلا محاولة لتقنين انتهاكات حقوق الإنسان"، مناشدا "منظمات المجتع المدني والمعنية بحقوق الإنسان أن توقف هذا النظام وتوجه له تحذيرات ورسائل قاسية".
وأوضح أن "المقصود بهؤلاء الإرهابيين هم المعتقلون السياسيون من الإخوان وغيرهم، وفي هذا الإجراء غير المسبوق عقوبة ليست للمعتقلين بل لأسرهم وأزواجهم وأطفالهم وذويهم، ويدل على انعدام الإنسناية والرحمة في قلوب تلك الطغمة المتسلطة".
الاستبداد لا عهد له ولا ذمة
من جهته؛ قال طارق مرسي عضو مجلس الشورى السابق عن حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي للإخوان المسلمين، لـ"عربي21": "لا بد من النظر لهكذا واقع من وجهات متعددة، أولاً النظرة بتجرد لمشروع القانون؛ فمجرد مناقشته تعد كارثة وجريمة وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان، وعصف بالدستور في المادة 56، كما أنه مخالف لكل مواثيق الأمم المتحدة التي وقعت عليها مصر، كما أنه مخالفة كذلك لاتفاقية جنيف".
وتابع "بنظرة عامة، فإن من قدم مشروع القانون، ومن يحكم به لا دستوري، ثم إن هذا الطيش والنزق في الكراهية والانتقام؛ يعبر عن نفسية نظام الانقلاب الخبيثة، التي تسعى من خلال قوانينهم غير الدستورية إلى الانتقام من الوطن ومحاربة الشعب في قوته وحياته".
الفجر في الخصومة
بدوره، استهجن رئيس المنظمة المصرية الأمريكية للحرية والعدالة، هاني القاضي مشروع القانون، قائلا: "درج نظام السيسي بضرب كل القوانين الدولية لحقوق الإنسان وحقوق التقاضي، وكل تقارير المؤسسات الحقوقية عرض الحائط، وهذا ماجعل كثيرا من المؤسسات الدولية كالكونغرس الأمريكي، ومفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحده إلى تصنيف مصر كدولة لاتراعي حقوق الإنسان".
وأضاف لـ"عربي21": "هذا القانون مخالف حتى لإجراءات التقاضي في دستور 2014، وسيُصبِح وصمة عار على جبين النظام المصري وأذرعه، بما فيها البرلمان الذي يريد إصدار هذا القانون المعيب".
وأكد أن "هذا القانون هو نوع من الفجور في الخصومة السياسيه مع المعارضين للنظام المصري، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين التي صنفها هذا النظام علي أنها جماعة إرهابية؛ وبالتالي تصبح عدم الزيارة، التي تسري أصلا منذ الانقلاب العسكري على بعض المعتقلين أمرا قانونيا طبقا لمشروع هذا القانون المعيب".
تقنين الظلم
فيما أكد المتحدث الإعلامي لحزب الأصالة ،حاتم أبو زيد، أن مشروع القانون "هو خطوة لتقنين الظلم، ووضع البطش في قواعد، وهي تأتي متسقة مع حالة التكفير السياسي التي يتباها الانقلاب منذ اليوم الأول".
وفي تصريحات لـ"عربي21"، رأى أن هكذا قانون "يعبر عن هوى النظام الفاسد دون النظر إلى دستور أو مواثيق أو مبادئ، فهم قالوا قبل ذلك إنهم شعب وإن الآخرين شعب آخر، ثم قرورا أن لهم رب آخر".
وأعرب عن اعتقاده بأن "مشروع القانون يأتي كخطوة لتشريع عملية التنكيل دون رابط أو وازع أو رقيب، كنوع من استباحة ذمم من يعتقلهم، ومثله مثل قانون سحب الجنسية، وغيرها من القوانين المخالفة لكل الدساتير والمواثيق والحقوق".
مزيد من التفاصيل