يشن نظام الانقلاب فيمصر حملة لـ"تطهير" المدارس الحكومية والخاصة من المعلمين المعارضين، بزعمنشرهم أفكار متطرفة بين الطلاب الذين يتأثرون سلبا بالتوجهات الدينية للمعلمين.
وأطلقت الحكومةالمصرية خلال الأيام الماضية حملة جديدة لفصل المعلمين المعارضين، حيث وزعت وزارةالتعليم تعميما رسميا على المديريات التعليمية بمختلف المحافظات طالبت فيه مدراءالمدارس بمراقبة سلوكيات المعلمين والإبلاغ عن أي شخص تظهر عليه سمات التطرف.
وشدد التعميم على"أن كل مدير مسؤول عن متابعة أي سلوك متطرف لأي معلم أو معلمة بالمدرسة، ويجبعليه اتخاذ الإجراءات اللازمة والتنسيق مع جهات الأمن على نحو عاجل للحيلولة دونالتأثير السلبي على الطلاب أو تزويدهم بمعلومات مغلوطة أو قيم هدامة أو فكر متطرف.
استدعاء في البرلمان
وفي ذات السياق، أعلنتلجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب يوم السبت الماضي أنها ستفتح ملف مواجهة التطرفبالمدارس.
وقال رئيس اللجنةالنائب علاء عابد، وهو ضابط شرطة سابق متهم في قضايا تعذيب، إن اللجنة ستوجهاستدعاءً لوزير التعليم طارق شوقي لمعرفة الخطوات التي اتخذتها الوزارة لتنقيةالمناهج من أفكار التكفير والتأكد من تطهير المدارس من العناصر الإخوانية، على حدقوله.
وأضاف عابد، فيتصريحات صحفية، أن مواجهة الأفكار المتطرفة من خلال تنقية مناهج التعليم على رأسأولويات اللجنة، مشيراً إلى أن ترك الأطفال عرضة للأفكار المتطرفة في هذه المرحلةيجعلنا في مرمى الإرهاب وهو ما يجب مواجهته وفق وصفه.
من جانبها طالبتالنائب مارجريت عازر، وزارة التعليم بتدريب المعلمين وتطوير مهاراتهم "لمواجهةأي أفكار متطرفة، بالإضافة إلى المراجعة الدورية لرصد أي عناصر إخوانية تظهر بينهملتطهير المدارس منها قبل أن تبث الأفكار المتطرفة بين الطلاب".
مدارس 30 يونيو
وتحت مزاعم حمايةالطلاب من الفكر المتطرف، صادرت السلطات المصرية عشرات المدارس الخاصة المملوكةلأفراد من جماعة الإخوان المسلمين أو أقربائهم أو حتى المتعاطفين معهم، وأسندتإدارتها لوزارة التعليم وأطلقت عليها اسم مدارس "30 يونيو".
وأعلنت وزارة التعليمأمس الثلاثاء أنها شكلت مجموعة من اللجان لمتابعة العمل في مدارس 30 يونيو والوقوفعلى موقفها التعليمي والمالي والإداري، مؤكدة أنها ستواصل مراقبة كل مدرسة منهاعبر أحد الخبراء الذي سيقوم بمراقبة ومحاسبة كافة العاملين بالمدرسة وإبلاغالوزارة بكافة الأخطاء لاتخاذ الإجراءات اللازمة ومحاسبة المدارس المخالفة.
ويوجد في مصر أكثر من52 ألف مدرسة حكومية في مختلف المراحل الدراسية، يعمل بها نحو 1,3 مليون معلميقومون بالتدريس لما يقارب 22 مليون طالب وطالبة.
إجراء احترازي
وقال رئيس قطاعالتعليم العام بوزارة التعليم رضا حجازي إن مراقبة سلوكيات المعلمين هو"إجراء احترازي" لكشف المتطرفين منهم للتأكد من أنه لا يوجد من يعمل فيمهنة التدريس سوى المعلمون الوطنيون الأمناء على عقول الطلاب، موضحا أن استبعادأحد المعلمين من وظيفته سيتم بعد خضوعه للتحقيق.
وخلال السنوات التاليةلإنقلاب تموز/ يوليو 2013 شنت الحكومة المصرية حملة لتطهير مكتبات المدارسالحكومية والخاصة مما أسمته "الكتب التي تحضّ على التطرف أو الإرهاب"وقامت بمنع وحرق العديد من الكتب من بينها كتب سيد قطب ويوسف القرضاوي وغيرهما.
وأعلنت وزارة التعليمالأسبوع الماضي أنها اتخذت الاجراءات والضوابط اللازمة لفحص 50 ألف مكتبة بالمدارسالمختلفة لاستبعاد أي كتب تحمل تحريضا على العنف أو الإرهاب، مشيرة إلى أن لجانمتخصصة ستمر على جميع المدارس لاستبعاد أي كتاب غير مدرج في قائمة الكتب المصرحبتداولها ووجودها في مكتبات المدارس.
شكاوى كيدية
ويقول مراقبون إن هذهالادعاءات فتحت باب واسعا لتصفية الحسابات والشكاوى الكيدية بين الكثيرين عبرتقديم بلاغات فيمن يختلفون معهم على أنهم ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين.
وفي هذا السياق، قالمعاون وزير التعليم الأسبق طارق نور الدين إن توجيهات الوزارة ستخلق حالة منالاحتقان والصراع داخل المدارس وتحولها إلى أرض خصبة لتصفية الحسابات، وتبعدالمعلمين ومدراء المدارس عن التركيز على العملية التعليمية وتهدم أواصر الترابطداخل المدرسة.
وقال وكيل نقابةالمعلمين المستقلة أيمن البيلى، إن مراقبة المعلمين يعد أمرا مخالفا لقواعد العملويؤدى إلى تحويل مدير المدرسة والمعلمين إلى مخبرين تابعين للأمن.
وأكد رئيس اتحادالمعلمين المصريين عبد الناصر إسماعيل، أن مراقبة سلوكيات المعلمين داخل المدارسليس دور وزارة التعليم، مضيفا أن التعليم المصري يعاني من التدهور الشديد وليس فيحاجة إلى أزمات جديدة تنتج عن مراقبة الانتماءات السياسية للمعلمين.
وتابع إسماعيل، فيتصريحات صحفية، أن الوزارة لم تضع آلية واضحة لتحديد من هو المعلم المتطرف، وتركتالأمر دون ضوابط ما جعل بعض المديرين يستغلون هذه التوجيه بشكل خاطئ عبر تقديمشكاوى كيدية في زملائهم.
من جانبه قال وكيلنقابة المعلمين إبراهيم شاهين إن استبعاد أي معلم من وظيفته يجب ألا يتم بالشبهاتولكن بعد أن يتم إدانته بحكم قضائي نهائي، مشيرا إلى أن قانون النقابة يضمن حقوقالمعلمين في هذا المجال ويكفل لهم فرصة التظلم حال اتخاذ قرار ظالم ضدهم.
مزيد من التفاصيل