ما زالت أصداء قرار قائدالانقلاب عبد الفتاح السيسي بإعفاء رئيس جهاز المخابرات العامة من منصبه وتعيينمدير مكتبه بدلا منه تتردد في مصر وتثير تساؤلات عن الدوافع الحقيقية وراء هذه الخطوةالمفاجئة.
وكان السيسي قد أعلنالخميس الماضي تكليف مدير مكتبه اللواء عباس كامل بتسيير أعمال المخابرات العامةلحين تعيين رئيس جديد للجهاز بعد إقالة مديره اللواء خالد فوزي دون إعلان أيتفاصيل عن أسباب الإقالة.
وفي ظل غياب أي معلوماترسمية، تعددت التكهنات حول أسباب إقالة فوزي، خاصة وأنها جاءت بعد ثلاثة أشهرتقريبا من إقالة مماثلة للفريق محمود حجازي رئيس الأركان السابق، كما أنها جاءت معاقتراب الانتخابات المصرية والتي ستجري في آذار/مارس المقبل، والتي أعلن السيسيترشحه لها.
خلاف حول الصفقة
ويقول مراقبون ونشطاء إنرفض رئيس المخابرات المقال لصفقة القرن التي يتبناها الرئيس الأمريكي دونالد ترامبلحل الصراع العربي الإسرائيلي وتقضي بإقامة وطن بديل للفلسطينيين في جزء من سيناءالمصرية ليتم توطينهم فيه بدلا من أرض فلسطين التاريخية، هي السبب الأساسيلإقالته.
وتبنى الناشط السياسيالمعارض ممدوح حمزة هذا الرأي، فكتب عبر تويتر" أعتقد أن جهاز المخابراتالعامة رافض تماما لعملية الصهينة الجارية، خالد فوري رافض تماما لمشروع الوطنالبديل بناء على مقابلة معه مباشرة، وفي وجود شاهد، وقال لي إن سبب تخلي أمريكا عنمبارك هو رفضه للوطن البديل علي أي جزء من سيناء".
ويقول مراقبون إن هذهالرؤية من جانب ممدوح حمزة تؤيده التسريبات الأخيرة التي بثته قناة"مكملين" الفضائية وكشفت عنها صحيفة "نيويورك تايمز"الأمريكية، والتي أظهرت ضابط من المخابرات الحربية يدعى النقيب أشرف الخولي وهويعطي أوامر للعدد من الإعلاميين والفنانين ويوجههم إلى تهيئة الرأي العام المصريبتقبل فكرة الاستغناء عن مدينة "القدس" واستبدالها بـ "رامالله" كعاصمة للدولة الفلسطينية.
وللمخابرات العامةالمصرية باع طويل في إدارة الملف الفلسطيني، خاصة في عهد رئيسها الأسبق اللواء عمرسليمان، كما ساعدت قبل عدة أشهر في حل خلافات بين حركتي فتح وحماس والاتفاق علىعودة حكومة رام الله لتولي إدارة قطاع غزة بدلا من حركة حماس.
من جهتها قالت صحيفة"القدس العربي" في تقرير لها الجمعة الماضية إن التسريبات التي نشرتهاصحيفة "نيويورك تايمز" وأظهرت التوجيهات التي قامت بها المخابراتالحربية لمجموعة من الشخصيات الإعلامية بالترويج لخطة الرئيس الأمريكي دونالدترامب بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، سببت حرجا بالغا للنظام ودفعته لإقالة مديرالمخابرات العامة التي يعتقد أنها وراء هذا التسريب.
وأشارت إلى أن هذه الخطوةتكشف خلافا بين الرئاسة والمخابرات الحربية من جانب وبين المخابرات العامة من جانبآخر حول صفقة القرن.
صراع قديم بين "الحربية" و"العامة"
ويقول مراقبون إن العلاقةبين المخابرات الحربية التابعة للقوات المسلحة ونظيرتها العامة التابعة لرئيسالجمهورية شهدت توترا حادا في السنوات الأخيرة، وخاصة بعد انقلاب تموز /يوليو 2013بعد أن بدأ الجيش في إحكام قبضته على كافة الأجهزة في الدولة ومقاومة المخابراتالعامة لهذه السيطرة.
ومنذ انقلاب حزيران/يونيو 2013، سعى قائد عبد الفتاح السيسي إلى تحجيم دور المخابرات العامة بصورةكبيرة، وإسناد أغلب الملفات الأمنية الداخلية والخارجية للمخابرات الحربية التيكان يتولى رئاستها قبل أن يصبح وزيرا للدفاع في عهد الرئيس محمد مرسي، حيث أقالالسيسي منذ حزيران/ يونيو 2013 ثلاثة رؤساء للمخابرات العامة، كما أصدر ثمانيةقرارات أحال بموجبها 114 من وكلاء جهاز المخابرات العامة للتقاعد.
وكان السيسي قد اختارخالد فوزي رئيسا لجهاز المخابرات في كانون الأول / ديسمبر2014، خلفا للواء محمدفريد التهامي الذي تولى الجهاز خلفا للواء رأفت شحاتة الذي أطاح به السيسي بعديومين من الانقلاب على الرئيس محمد مرسي.
وفي تسجيل صوتي مسرب،أذاعته قناة مكملين قبل أسبوعين، وجه ضابط المخابرات الحربية "أشرفالخولي" ألفاظا نابية لزملائه في جهاز المخابرات العامة، ما كشف عن عمقالخلافات بين المؤسستين حول العديد من الملفات الأمنية والسياسية.
وفي تسجيل قديم مسربللواء عباس كامل أذيع في شباط / فبراير عام 2015 قال فيه متحدثاً عن جهازالمخابرات العامة: "العامة دي إيدك منها والأرض"، ما يعني في اللهجةالمصرية أنها ميئوس منها ولا فائدة فيها.
أسباب أخرى للإقالة
وبعيدا عن صفقة القرن،أوردت وسائل إعلام عربية وأجنبية أسبابا أخرى لإعفاء فوزي من منصبه، فقالت صحيفة"الأخبار" اللبنانية إن القرار له سببين رئيسيين الأول مرتبط بالملفالفلسطيني بعد التعثر في المصالحة بين حركتي فتح وحماس والثاني بسبب إخفاقه فيتوظيف الإمكانات التي أُتيحت للمخابرات في قطاع الإعلام في تحقيق المطلوب منه.
أما موقع "ميدل إيستمونيتور" فقال إن سبب الإقالة هو ضعف التنسيق بينه وبين مدير الاستخباراتالحربية اللواء محمد الشحات فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب في سيناء، بالإضافة إلىالخلافات بين فوزي وبين وزير الداخلية مجدي عبد الغفار واتهامه بعدم مواكبة الداخليةللاستراتيجيات الحديثة في مكافحة الإرهاب.
في المقابل يروج نظامالسيسي، عبر أذرعه الإعلامية، أن إقالة خالد فوزي سببها تدهور حالته الصحية، حيثقال الإعلامي والنائب مصطفى بكري، المقرب من الأجهزة الأمنية، عبر"تويتر" أمس الجمعة، إن رئيس المخابرات يعاني من تدهور كبير في صحتهمنعه من ممارسة عمله بشكل طبيعي ودفعه لطلب إعفائه من منصبه.
مزيد من التفاصيل