حددتوزارة التموين المصرية سعر شراء محصول القمح من الفلاحين من 570 جنيه إلى 600 جنيهللأردب، وفي الوقت الذي أكدت فيه اعتمادها على القمح المستورد لتقليل الفجوة الغذائية.
واشتكىمزارعون من أن تكلفة الإنتاج تصل إلى 700 جنيه للأردب في ظل غلاء أسعار البذور والأسمدةوتكلفة الري والعمالة ووقود آلات الحصاد.
السعرالذي حددته الدولة للشراء من الفلاحين يقل كثيرا عن سعر ما تستورده مصر، أكبر مستوردللقمح بالعالم بما يقرب من 6.2 ملايين طن قمح سنويا رغم جودة ونقاوة المحصول المحلي.
وكانتمصر قد حددت في 2017، سعر 575 جنيها لأعلى درجة نقاوة و555 للأقل نقاوة ما أثار غضبالمزارعين خاصة أن السعر العالمي للقمح يعادل 1265 جنيها، فيما تستورد القمح الروسيبنحو 200 دولار (3500 جنيه تقريبا) .
وبالرغممن الطفرة غير المسبوقة بالأسعار بجميع مستلزمات الإنتاج الزراعي لنحو 3.2 مليون فدانقمح، خاصة بعد تعويم الجنيه في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، إلا أن الدولة لم تزد أسعارتوريد القمح من الفلاحين هذا العام إلا 25 جنيها فقط للأردب.
وتستهلكمصر نحو 9.7 ملايين طن قمح سنويا لإنتاج الخبز المدعم، وتستورد نحو 45 بالمئة من حاجتهامن 15 دولة أهمها روسيا وفرنسا وأمريكا وأوكرانيا ورومانيا، فيما استوردت 6.2 ملايينطن في 2017-2018، مقابل 5.580 ملايين طن في 2016-2017.
وانتقد(سمير. ط) تاجر، استيراد الدولة طن القمح الروسي بنحو 3500 جنيه، في الوقت الذي تتسلمهمن الفلاحين بـ3700 جنيه للطن رغم أنه أقل جودة من المحلي، مؤكدا أن الفلاح يعيش حالةمن الظلم بسبب ارتفاع تكلفة إنتاج الفدان التي تصل 10 آلاف جنيه.
"إرضاءلروسيا وفرنسا"
منناحيته قال مستشار وزير التموين الأسبق، الدكتور عبدالتواب بركات، إن الدولة تشتريالقمح المصري عالي الجودة بنفس سعر القمح المستورد ردئ الجودة، بنحو 4000 جنيه للطن،مؤكدا أن "القمح المصري يتميز بأنه عالي البروتين والجلوتين، ومنخفض بنسبة الرطوبة،وكلها صفات تجعله الأجود بالعالم، بالإضافة إلى أنه لا يحتوي على السموم الفطرية، ولاالإرجوت المسرطن ولا الخشخاش".
أستاذالعلوم الزراعية، أكد لـ"عربي21"، أن "أفضل قمح يقارب المصري؛ هو الأمريكيذو الرتبة (أ)، والذي يزيد عن باقي الأنواع بالسعر بمقدار 80 دولارا للطن، ما يعنيأن سعر المصري يجب ألا يقل عن 800 جنيه للأردب، حتى يغطي تكاليف زراعته".
وحولمدى استفادة مافيا الاستيراد بهذا التسعير الذي يضر بالفلاح وزراعة القمح، قال الأستاذالمساعد بمركز البحوث الزراعية، إن "إصرار نظام السيسي على استيراد القمح الردئيتجاوز مافيا الاستيراد إلى محاولته إرضاء الدول المصدرة خاصة روسيا، المصدر الأكبرلمصر، وفرنسا بالمرتبة الثانية، نظرا للدور الأساسي لحكومات بلادهم في دعم انقلاب السيسي".
بركات،أضاف: "ولا أتعجب من إعلان وزير التموين علي المصلحي، عن الاستمرار في استيراد6 مليون طن العام المالي القادم بالتزامن مع إعلان سعر القمح المصري"، موضحا أنذلك "يعني أنه يرسل رسالة تأمين لهذه الدول بأن مصر مستمرة في سياسة الاستيرادوطرح فكرة الاكتفاء الذاتي من القمح وراءها"، مؤكدا أن سياسة الاكتفاء الذاتيكانت "السياسة التي أعلن عنها الرئيس محمد مرسي عام 2013، ولكنها أزعجت أمريكاوالاتحاد الأوروبي، لما تحمله من رسائل الاستقلال السياسي وإنهاء التبعية".
وكانالرئيس المعتقل محمد مرسي قد قال أمام عمال مصر في 30 نيسان/أبريل 2013، "إذاأردنا أن نمتلك إرادتنا، فعلينا أن ننتج غذاءنا ودواءنا وسلاحنا، تلك العناصر الثلاثةهي ضمان الاستقرار والتنمية وامتلاك الإرادة".
وأشارالأكاديمي المصري، إلى ما صرح به وزير التموين الأسبق في عهد السيسي، خالد حنفي، أكثرمن مرة أن مصر لا يمكن أن تكتفي ذاتيا من القمح ولا تفكر وليس من مصلحتها هذا الاكتفاء،حتى خرج مانشيت (الأهرام) الحكومية بعنوان، (القمح المصري في ذمة الله، وزير التموينوالزراعة يعلنان نهاية عصر زراعة القمح)".
"إسقاطالدعم"
ويرىأستاذ الاقتصاد الزراعي الدكتور جمال صيام، أن السعر الذي حددته الحكومة يساوى بالضبطسعر القمح الروسى المستورد (واصل إسكندرية) يعنى شاملا مصاريف الشحن (230 دولارا للطن)".
مديرمركز الدراسات الاقتصادية بجامعة القاهرة، أوضح في حديثه لـ"عربي21"، أنه بهذهالطريقة "تكون الحكومة المصرية قد أسقطت الدعم تماما عن زراعة القمح"، مضيفا"ومن ناحية أخرى فإن القمح المصري يتفوق على الروسي من حيث النوعية"، مشيراإلى أنه "يساوي تقريبا القمح الأمريكي الذى يساوى 300 دولار أي 700 جنيه للأردب".
واعتبرصيام أن 600 جنيه كسعر توريد للقمح من الفلاحين "يعد ظلما فادحا للمزارع، لأنهذا السعر لا يتضمن أي دعم؛ وكان يدعم في السابق بنحو 25بالمئة، ولأن نوعية القمح المصريتفوق الروسي بما يوازى 20 بالمئة في السعر".
مزيد من التفاصيل