لم تمر أيام على القرار برفع أسعار المحروقات في مصر، حتى أعلن الدكتور طارق الملا، وزير البترول، اعتزام وزارته رفع الأسعار مجددًا مع نهاية العام الحالي، لتكون هي الزيادة الأخيرة من نوعها والتي سيتم بموجبها رفع الدعم بشكل نهائي عن الوقود.
وفي أعقاب الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء، أوضح الملا في مؤتمر صحفي، أن "الحكومة تستهدف إلغاء الدعم تمامًا عن المحروقات، لتباع بسعرها الحقيقي، ومنع وجود سعرين للمنتج (دون أن يحدد موعد أو نسب الرفع المرتقبة).. وسيتم إلغاء تطبيق الكارت للبنزين لأنه سيؤدي لوجود سعرين للمنتج ووجود سوق سوداء".
ويربط خبراء بين الزيادة المرتقبة وميعاد تسليم الشريحة الخامسة من قرض صندوق النقد الدولي، البالغ قيمته 12 مليار دولار تتسلمه مصر على 3 سنوات، بعد أن تسلمت الشريحة الرابعة منه في الشهر الحالي بعد إقرارها الزيادات المنصوص عليها في أسعار الطاقة والمحروقات.
حسام عرفات رئيس شعبة المواد البترولية بالغرفة التجارية قال في تصريح إلى "المصريون": "إقرار زيادة جديدة في أسعار المحروقات والطاقة مع نهاية العام الحالي، قد يكون له علاقة بحصول مصر على الدفعة الخامسة وقبل الأخيرة من قرض صندوق النقد الدولي، والتي من المفترض تسلمها مع نهاية العام الحالي 2018".
وأضاف عرفات، أنه "لا فائدة من دعم مواد بترولية وطاقة، طالما أن هناك عدم توجيه للدعم لمستحقيه، بالإضافة إلى شروط صندوق النقد الدولي، والذي اشترط ضرورة رفع الدعم بشكل كامل، عن المواد البترولية والطاقة، وعدد من القطاعات الأخرى الهامة في الدولة المصرية، وهو ما تقوم به الدولة بالفعل، ومن المنتظر أن تكون الزيادة القادمة الزيادة الأخيرة برفع الدعم بشكل كامل عن الكهرباء والطاقة".
ويأتي قرار الحكومة المصرية رفع أسعار الوقود التزاما ببنود الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وفق وثائقه المنشورة في 18 يناير 2017.
ويشير الصندوق إلى أن مصر ملتزمة بزيادة سعر الوقود بشكل دوري، لتصل أسعار بيع معظم أنواع الوقود للمستهلك إلى 100 % من تكلفة الإنتاج (قبل الضريبة)، في العام المالي 2018 / 2019.
غير أن القرارات برفع أسعار الوقود التي ترتب عليها ارتفاع العديد من أسعار السلع، وتعريفة المواصلات الخاصة والحكومية في مصر أثارت جدلاً في مصر، وحيث يشكل محدود الدخل القسم الأكبر من سكان البلاد.
وتابع عرفات: "بالتأكيد، يجب على الحكومة مراعاة محدودي الدخل والطبقة المتوسطة التي تأثرت بسبب الإصلاح الاقتصادي، ونتيجة ارتفاع أسعار سلع وخدمات مرتبطة بالمواد البترولية والطاقة، وأبرزها المواصلات والدواء والمواد الغذائية، وهي أمور واجب عليها القيام بها في سبيل الحفاظ على وحدة الشعب المصري".
من جهته، استبعد حمادة غلاب، وكيل لجنة الطاقة والمواد البترولية بمجلس النواب، إقرار زيادة جديدة في أسعار الوقود قبل نهاية العام الجاري.
وقال غلاب: "لا يمكن رفع أسعار المواد البترولية والطاقة في الفترة المقبلة، أو خلال العام الحالي على الأقل بعد الزيادة الأخيرة التي أقرتها الحكومة منذ أيام قليلة، خاصة وأن المواطنين لم يعد باستطاعتهم تحمل المزيد من الأعباء ضمن خطة الإصلاح الاقتصادي، التي يتحمل الشعب المصري تداعياتها منذ اليوم الأول لتطبيقها".
وكانت الحكومة، قد قررت السبت الماضي، تطبيق زيادة جديدة في أسعار الوقود تتراوح بين 17.4 - 66.6 بالمائة، وهي الثالثة خلال أقل من عامين.
وأضاف غلاب: "لا يمكن لجيل واحد أن يتحمل عملية الإصلاح الاقتصادي، وإنما يجب أن تمتد لفترة طويلة يجب تثبيت الأسعار خلالها، بعد أن شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعًا في أسعار كل السلع والخدمات".
وشدد وكيل لجنة الطاقة بمجلس النواب على ضرورة مراعاة الوضع الاجتماعي في مصر، في القرارات المتعلقة برفع الأسعار، بعد أن عانى الكثيرون منها خلال السنوات الأخيرة.
وتابع: "على الدولة أن تراع الأوضاع الاجتماعية للشعب المصري، ولا يمكن أن تطب خطة صندوق النقد الدولي بحذافيرها عليه، لأنه ستؤدي إلى تفكيك طبقات اجتماعية كبيرة وعلى رأسها الطبقة المتوسطة، والتي لم تعد تتحمل كل هذه الضغوطات المادية والحياتية".
واستطرد: "أغلب هؤلاء الوزراء والمسئولين من ضمن هذه الطبقة الاجتماعية، ومن ثم يجب عليهم مراعاة ظروفها المعيشية، والتي أصبحت في غاية الصعوبة الفترة الأخيرة بسبب القرارات الاقتصادية المتتالية، دون الحديث على سلبياتها، بما أنها لم تحدث تغييرًا حقيقيًا في الاقتصاد حتى اللحظة".
وتعهدت مصر لدى الصندوق بتحرير أسعار الطاقة نهاية العام المالي المقبل 2018-2019، بعدما شدد الصندوق على أن التأخر في مواصلة تنفيذ الإصلاحات يمكن أن يعرض الموازنة مرة أخرى لمخاطر ارتفاع أسعار النفط العالمية.
ويشكل استكمال برنامج الإصلاح الاقتصادي أحد التحديات أمام الحكومة المصرية الجديدة لتحقيق أهدافها، سواء فيما يتعلق بعجز الموازنة، أو مستويات الدين العام أو زيادة معدلات النمو.
وتحاول مصر خفض الإنفاق وزيادة الإيرادات، لخفض معدل العجز الكلي بالموازنة إلى 8.4 بالمائة في العام المالي المقبل، مقابل 9.8 بالمائة مستهدف للعام المالي الجاري 2017-2018، و10.9 بالمائة في العام المالي السابق 2016-2017.
مزيد من التفاصيل