نشر موقع "ماماميا" الأستراليمقال رأي للكاتبة لورا برودنك، تحدثت فيه عن أهمية الطفل الأوسط في العائلة، الذيأصبحت مكانته مهددة بسبب سياسات تحديد النسل.
وقالت الكاتبة، في مقالها الذي ترجمته"عربي21"، إنه وفقا لمقال نشره آدم ستيرنبرغ مؤخرا في مجلة "ذاكت"، بات الآباء يكتفون بإنجاب طفلين فقط، بينما اعتادت العائلات خلالسبعينيات القرن الماضي على إنجاب أربعة أطفال أو أكثر، وهو ما كان شائعا آن ذاك.
وذكرت الكاتبة أنه في ذلك الوقت، كان لدى 40بالمائة من الأمهات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 40 و44 سنة أربعة أطفال أو أكثر،بينما كان لدى 25 بالمائة منهن ثلاثة أطفال فقط. أما 24 بالمائة منهن فقد أنجبنطفلين، فيما كان للبقية طفل واحد فحسب. لكن في الوقت الراهن، انقلبت الموازينتماما فما يعادل ثلثي النساء ينجبن طفلين أو طفلا واحد فقط، وهذا ما يعني غيابالابن الأوسط.
وقد سلطت الكاتبة الضوء على الخطر الذيتشكله هذه الظاهرة على تركيبة المجتمع، لأن وجود أطفال متوسطين في العائلة عاملحيوي لاستمرار الجنس البشري. ففي الحقيقة، إن المهارات التي يتمتع بها الأبناءالمتوسطين دون غيرهم، تلعب دورا هاما في الحفاظ على تماسك المجتمع. ويبدو أن"متلازمة الطفل الأوسط" لم تعد تصيب العائلات المكونة من طفلين أو واحدوحسب، بل بات يعاني منها كل من ليس بكر عائلته أو "آخر العنقود".
وأقرت الكاتبة بأنها عاشت بدورها"متلازمة الطفل الأوسط"، حيث نشأت برفقة ثلاثة إخوة آخرين. وقد حاولتجاهدة ألا تتأثر بذلك، لكن كان لهذه التجربة وقع كبير على كيانها وشخصيتها على حدالسواء. فلطالما عجزت لورا عن تحديد تلك اللحظة التي أصبح يمثل فيها ترتيبها بينأشقائها عاملا سلبيا في حياتها ككل.
ومع ذلك، ترى الكاتبة أن تلك اللحظة التيأخبرها فيها أشقاؤها، مازحين، بأنه لا شيء يميزها ضمن العائلة وأنها مجرد فردهامشي، كانت نقطة تحول في حياتها. وقد عاشت لورا أسيرة تلك الفكرة لفترة طويلة.
وأضافت الكاتبة أن هذا الهاجس يشعرك بأن كلما ستفعله لن يكون على قدر كبير من الأهمية في نظر عائلتك، لأنك نادرا ما ستحققإنجازا لم يسبق إليه أحد أشقائك الأكبر منك سنا. وهذه من بين المحن التي يمر بهاجل الأبناء المتوسطين. عدا عن ذلك، لن يحظى الطفل الأوسط مطلقا بفرصة استشعارالحنين والمشاعر التي عادة ما تحملها العائلة للطفل الأصغر، حين يتمكن من بلوغمحطة بارزة في حياته.
وأفادت الكاتبة بأنه على الرغم من كل هذهالصعوبات التي تعترض طريق الأبناء المتوسطين في جميع أنحاء العالم، لا يزالالمجتمع في حاجة ماسة إليهم حتى تكون تركيبته سليمة. فهل لك أن تتخيل تداعيات منحأفراد اعتادوا الحصول على مركز الصدارة دائما أو أولئك المدللين للغاية عجلةالقيادة في المجتمع. وفي حال تحول ذلك إلى حقيقة، فإن صبيانية دونالد ترامبوشخصيته المضطربة ستكون آخر همومنا. وعموما، يعتبر الأبناء المتوسطين بمثابة عنصر أساسيللحفاظ على تماسك المجتمع.
وفي الختام، أشارت الكاتبة إلى أن المصاعبالتي أجبر الأبناء المتوسطون على تخطيها، خولت لهم اكتساب جملة من المهاراتالفريدة التي قد لا يتمتع بها غيرهم من الأفراد، على غرار قدرتهم العالية علىالتأقلم مع الظروف والعمل بجد دون انتظار الشكر والتقدير. وغالبا ما يفضل هؤلاءالأفراد الاعتماد على أنفسهم بشكل كبير، دون اللجوء إلى طلب المساعدة من الغير، مامن شأنه أن يصنع منهم أفرادا رائدين في المجتمع.
مزيد من التفاصيل