لم تُعمِل العقل حين إختارته زو جاً لها، كذلك لم تأبه بالتحذيرات التي قيلت لها سواء من أقاربها أو أصدقاءها من أنه لا يناسبها طبقاً لما حدث في حالات مماثلة فشلت فيها مثل تلك الزيجات والتي بُنيت علي العاطفة أكثر منها علي العقل والتطابق الفكري بين طرفي العلاقة. لكنها تحدت الجميع وإختارته ويمكن أن نقول بلا أدني شك أو تردد أنها أعطته شيكاً علي بياض في كل ما يخص حياتها بما فيها شركتها التي تمتلكها والتي ورثتها عن والدها رحمه الله الذي تعب وإجتهد حتي كون تلك الشركة وأوصلها إلي مكانة متميزة بين الشركات.
بالرغم من طيبة الزوج وحبه الشديد لزوجته، إلا ولأنه غيرخبير أوعليم بحرفية وحكمة إدارة شركة زوجته تلك، لذا لم يكن يعرف عن إدار الأمور فيها، لا ليضيف إلي مكاسبها مكاسب جديدة، ولكن أيضاً في كيفية الحفاظ علي مكاسب الشركة ووضعها المتميز بين الشركات، لذا إعتمد مجموعة من العاملين بالشركة ممن أظهروا له الولاء والحب، إضافة إلي بعض أصدقاءه الذي جاء بهم دون معرفة كبيرة بمهام وأهداف الشركة، وكون منهم مجلس إدارة الذين إستبدوا برأيهم وتشبثوا بوجهة نظرهم حتي لو كانت غير صحيحة، وبثوا أنوفهم في كل صغيرة وكبيرة بالشركة، مثال واحد يوضح قلة خبرتهم، هو إصرارهم علي الإستدانة من البنوك ودون دراسة جدوي من أجل إستيراد ماكينات ومعدات باهظة الثمن، ليست الشركة في حاجة إليها، وفي توقيت حرج بالنسبة لوضع الشركة، ليس سوي من أجل المنظرة وبعض المصالح الشخصية الجانبية لبعضهم.
نتيجة للقرارات الخاطئة ووجهات النظر المحدودة، دخلت الشركة في أتون التخبط، وتورطت من ثم في الديون وأصبحت مهددة بالفشل، لكن ونظراً لحسن النوايا وكذلك محاولة للإبقاء علي المكتسبات وفي نفس الوقت لإنقاذ الشركة، لم يجد مجلس الإدارة حل أمامه لتلك المشكلات سوي التقليص تدريجياً بعض حقوق الموظفين المادية بدءاً من الحوافز ووصولاً للإقتطاع من أساسي المرتب، وكان العاملون هم الأكثر ضحية في ذلك، لكن ولأن هؤلاء العمال قد قضوا زمن كبير من عمرهم في الشركة، تحملوا وهم متضررين تلك الخصومات، خاصة أولئك الذين ليس لهم فرصة أخري عمل غير هذه الشركة، ومن ثم لا يريدون أن تتشرد أو تتسول أسرهم، لذا عاشوا في ظل كوابيس مروعة وتهديد مستمر يقض مضاجعهم وليس بهم من الحياة ما يكفي لأن يموتوا بشرفهم.
كانت الزوجة تعلم بكل مستجدات الأمور في شركتها، لكنها وكما يقولون "الحب أعمي" لذا خضعت طوعاً وقبلت نتيجة كل ما يحدث من سلبيات وفشل حتي تلك التي تهدد مستقبلها، لأنها تري الأمور بعين زوجها، وتملتكتها وغلبت عليها نظرتها وقياسها العاطفي للأمور بأكثر من الموضوعية، ولا يهمها من الأمر سوي رضا زوجها، ولم يستطع أقاربها وأصدقاءها عمل شيء سوي فقط الدعاء لها بأن يهيء الله لها من أمرها رشداً.
مزيد من التفاصيل