نشرت صحيفة"أتلنتيكو" الفرنسية حوارا مع الدكتور في العلوم الاقتصادية والأستاذ فيمدرسة باريس للأعمال ستيفان سيلفاستر، والصحفي والمستشار المستقل المختص في الطاقةوالمواد الخام فرانسيس بيران.
وقالت الصحيفة، في هذاالحوار الذي ترجمته "عربي21"، إن الخبيرين الفرنسيين تحدثا عن حالةعدم الاستقرار التي تمر بها الدول الأعضاء في منظمة الأوبك، من حيث العائداتالمالية للنفط. وقد تزامن انخفاض عائدات النفط مع ارتفاع عدد سكان الدول الأعضاء،مما تسبب في تراجع نصيب الفرد من الناتج الداخلي الخام بنسبة 50 بالمائة في السعودية،مثلا، خلال السنوات الخمس الأخيرة.
وفي إجابته على سؤالالصحيفة بشأن ما إذا كانت الدول الأعضاء في منظمة الأوبك تعيش أسوأ أيامها بعد أنكانت في رخاء، أجاب ستيفان سيلفاستر أن "هذه الدراسة تؤكد أنه على الرغم منالتقدم الذي أحرزته صادرات هذه الدول من النفط مؤخرا، إلا أن نصيب الفرد بقي فيتراجع؛ فخلال سنة 2010 تراجع إلى حدود ثلاثة آلاف دولار، ليستقر حاليا عند 1200دولار". وأضاف ستيفان سيلفاستر بأن "عائدات النفط تتوزع على الشركاتالنفطية، فيما يذهب جزء منها إلى الدولة، ولا تنتفع منها إلا أقلية. وتخفي هذه المعدلاتتباينا كبيرا بين الدول الأعضاء في المنظمة".
ونقلت الصحيفة عنستيفان سيلفاستر أنه ينبغي على هذه الدول أن تعتبر "عائدات النفط بمنزلة مكمللمداخيل البلاد الاقتصادية، ولا تجعلها نشاطا اقتصاديا أساسيا. لذلك، وجب على جميعالدول التابعة لمنظمة الأوبك تطوير اقتصادها وتنويعه وجعله قائما أكثر على السلعالمصنعة (أو الخدمات)، وليس على المواد الخام، وإلا ستندم عاجلا أم آجلا".
كما عرضت الصحيفة وجهةنظر فرانسيس بيران الذي أشار إلى أن "النمو الديمغرافي في الدول الأعضاء فيمنظمة الأوبك يوضح جيدا سبب تراجع اقتصادها. ففي الوقت الذي تشهد فيه هذه البلداننموا ديمغرافيا، تعاني أسعار النفط تذبذبا. وقد تأثرت أسعار النفط بتزايد إنتاجالنفط غير التقليدي في الولايات المتحدة المتواصل منذ سنة 2008".
كما أكد فرانسيس بيرانأن "الإنتاج الأمريكي للنفط يشكل خطرا دائما يحدق بمنظمة الأوبك، خاصة أنالولايات المتحدة باتت اليوم أكبر منتج للمحروقات وخاصة النفط الخام السائلالمرتبط بالغاز الطبيعي. وستصبح الولايات المتحدة قريبا أكبر منتج للنفط الخام، متقدمة بذلك على كل من روسيا والمملكة العربية السعودية".
وتساءلت الصحيفة عماإذا كان ارتفاع الإنتاج الأمريكي أم الانفجار الديمغرافي من بين الأسباب الهيكليةالتي أوقعت بدول منظمة الأوبك في هذا المأزق. وبالنسبة لستيفان سيلفاستر، فإن هذينالسببين يؤديان للنتيجة نفسها، إلا أن السبب الأول ظرفي، في حين أن الثانيهيكلي.
وأشارت الصحيفة إلى أنهفي حين تمر بعض الدول الأعضاء في منظمة الأوبك بوضع اقتصادي صعب، على غرار فنزويلاونيجيريا، مازالت دول أخرى تسجل عائدات تبعث على الاطمئنان مثل السعودية وقطر. وفيهذا السياق، قال ستيفان سيلفاستر إن "الوضع الداخلي للدول المنخرطة في منظمةالأوبك يختلف من دولة لأخرى. فالنظام الذي يحكم فنزويلا يواجه مشكلة كبرى، تتمثلفي أنه استغل عائدات النفط لإرضاء شعبه عبر توفير خدمات اجتماعية سخية. أما فينيجيريا، لا ينتفع بعائدات النفط سوى أقلية".
وأضاف ستيفان سيلفاسترأن "الوضع في السعودية وقطر والكويت مختلف، فهذه الممالك تسعى قبل كل شيء إلىالحفاظ على سلطتها. ولمواجهة تذبذب أسعار النفط، تجد دول الخليج نفسها مجبرة علىتغيير نمط حياتها، ويشمل ذلك أفراد الحاشية الملكية. وفي الأثناء، تواجه الإماراتصعوبات أقل لمجابهة هذه الأزمة، بفضل استثمار رأس مالها من عائدات النفط في قطاعاتاقتصادية جديدة".
ونقلت الصحيفة عنفرانسيس بيران أن "التباين الكبير بين الدول الأعضاء في منظمة أوبك حقيقة لامراء فيها. وتضم المنظمة 15 دولة تختلف فيما بينها من حيث احتياطي النفط والإنتاجوعدد السكان ومستوى المعيشة والتحالفات الجيوسياسية والاستقرار الداخلي".
وأوضح فرانسيس بيران أن"الاختلاف بين الدول الأعضاء يبدو جليا من خلال مقارنة نصيب الفرد من عائداتالنفط، إذ تحتل كل من قطر والكويت رأس قائمة دول الأوبك، حيث يتراوح نصيب الفرد فيهذين البلدين بين 11 و12 ألف دولار. وتتفوق هذه الدول على السعودية (6 آلافدولار)، ونيجيريا (179 دولارا).
مزيد من التفاصيل