في ضوء انسداد الأفق في الوصول لأي اتفاق سياسيبمساري المصالحة والتهدئة، خصوصا بعد تصريحات عضو المكتب السياسي لحركة حماس صلاحالبردويل، والتي ألمح فيها لفشل الجهود المصرية مع الفصائل الفلسطينية لرفع الحصارعن غزة، بسبب موقف رئيس السلطة محمود عباس الرافض لهذه المفاوضات كونها مباحثات لمتمر عبر بوابة السلطة.
شهدت الأيام الماضية محاولة حركة حماس البحث عنخيارات لمواجهة العقبات التي تضعها السلطة في طريق المفاوضات الهادفة لرفع الحصارعن غزة، سواء بتصعيد حدة المواجهة مع الجيش الإسرائيلي ضمن مسيرات العودة، أو بالضغطعلى مصر لتحسين الأوضاع الاقتصادية في ظل رفض السلطة تولي زمام الأمور في غزة إلابشرط تمكين الحكومة ووضع سلاح المقاومة تحت تصرفها.
وتحدث مراقبون لـ"عربي21" عن خيارات حركةحماس لإدارة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في غزة، خصوصا في ظل تقليصات الأونروالخدماتها الإنسانية، والتي شملت بالإضافة لوقف برنامج الطوارئ الذي يقضي بتسريحقرابة ألف موظف حتى نهاية العام الحالي، وقف عدد من أنشطتها الخدماتية في برامجالتعليم والصحة والمساعدات الغذائية.
الضغط على إسرائيل
من جهته، أكد نائب رئيس كتلة حماس في المجلس التشريعيالنائب يحيى موسى، أن "مسؤولية إدارة الأوضاع تقع على عاتق الاحتلالالإسرائيلي المسؤول الأول عن توفير كافة الخدمات الإنسانية والمعيشية لقطاع غزةكونه ما زال تحت إدارته المباشرة".
وأضاف موسى في حديث خاص لـ"عربي21" أن"حركة حماس ستعمل بكافة وسائل الضغط السياسي والميداني لإجباره على تحمل هذهالمسؤولية مهما كلف ذلك من ثمن، ومن بين المطالب التي نسعى لنيلها بالقوة تحويلكافة أموال المقاصة الخاصة بالقطاع للجهة التي ستدير غزة مستقبلا، لدفع رواتبالموظفين ونفقات الوزارات وتوفير كافة احتياجات القطاع".
اقرأ أيضا: هل تُدفع حماس لمواجهة مع إسرائيل بعد انهيار جهود التهدئة؟
وتابع قائلا: "السلطة خرجت من المعادلةالسياسية في غزة، بسبب موقفها الرافض للمصالحة، ولكن ذلك لا يعفيها من تحملمسؤولياتها القانونية والأخلاقية في وصول الأوضاع الاقتصادية لهذا الحد، لذلكستعمل حماس بالتشاور مع الأطراف الإقليمية والفصائلية للبحث عن مخرج إداري وقانونييسمح لنا بإدارة غزة، ولكن دون العودة لتشكيل حكومة جديدة أو اللجنة الإدارية التيشكلناها في وقت سابق، وهنالك الكثير من الخطوات المتوفرة"، رافضا الكشف عنتفاصيلها.
انخفاض التوقعات
وفي السياق ذاته، أكد الكاتب والمحلل السياسي إيادالقرا أن "حركة حماس كما السلطة الفلسطينية تدرك جيدا أن إدارة الأوضاع فيغزة يشكل بالنسبة لهما عبئا كبيرا، ويعود ذلك إلى اختلاف التوجهات السياسية بينالطرفين وهو العامل الأساسي في وصول غزة لهذا الفراغ الإداري، حيث لم تعد غزةمعروفة هل هي تتبع للسلطة أم لحركة حماس، لذلك فإن تعقيدات هذا المشهد قد تدفعحماس للبحث عن مسار جديد ينهي هذه الحالة ولكن بعد تحمل تكاليف سياسية وميدانيةكبيرة".
وأوضح القرا في حديث لـ"عربي21" أن"خيارات حماس لتجاوز هذه المرحلة قد يكون منحصرا بالتوافق بين الفصائل في غزة،خصوصا التي خرجت من الدائرة السياسية لمنظمة التحرير مثل الجبهتين الشعبيةوالديمقراطية، الذين قد يتفقوا على تكليف شخصيات لديها طموحات سياسية مثل الدكتورعدنان مجلي وسلام فياض والذين يحظون بقبول من المجتمع الدولي، وهو خيار مطروح أمامحماس".
واستدرك قائلا: "لكنه خيار له متطلباتهوتكاليفه، خصوصا ما يتعلق بسلاح المقاومة وتطوير قدراتها العسكرية، أو استمرارحماس في هذا الوضع لعدة أشهر لحين تغير الظروف التي قد تساعدها في إيجاد بدائلسياسية أخرى أقل تكلفة من خيار وجود السلطة في المعادلة الحالية".
اقرأ أيضا: حصري: مصر تغير موقفها.. المصالحة قبل التهدئة.. تفاصيل
من جانب آخر، رأى رئيس قسم الأبحاث في مركز مساراتللدراسات السياسية خليل شاهين، أن "حركة حماس تمتلك العديد من الخياراتلتجاوز السلطة في ملف إدارة الأوضاع في غزة، مثل العودة للجنة الإدارية أو مجلسإنقاذ وطني يدير الحالة الإنسانية والمعيشية في غزة، أو البحث عن مسارات أكثرانفتاحا مثل القبول بالأمم المتحدة لتدير الحالة الراهنة".
وشدد شاهين في حديث خاص لـ"عربي21" على أن"هذه الخيارات قد لا يكتب له النجاح ما لم توافق عليه الأطراف الثلاثة السلطةومصر وإسرائيل"، مرجعا ذلك إلى أن "تناغم المواقف بين السلطة ومصروإسرائيل بشأن استمرار الضغط على حماس قد يجبرها على تقديم تنازلات سياسية لتسليمغزة لحكومة الوفاق لمنع انهيار الأوضاع الإنسانية أكثر من اللازم".
وأردف قائلا: "كما أن حماس تدرك جيدا أن خيارالمواجهة العسكرية مع إسرائيل، لن يحقق لها أي إنجاز سياسي أو ميداني، وهو ما قديدفعها للقبول بشروط حركة فتح بشأن ملف المصالحة".
مزيد من التفاصيل