تشهد عملية التعليم ماقبل الجامعي في مصر تخبطا كبيرا سواء على مستوى تطوير المناهج، أو تطوير المدارس،وباتت الأسر المصرية في حيرة من أمرها؛ جراء حالة الغموض التي تكتنف ما يعتريالتعليم من تغييرات تحت مزاعم منع الدروس الخصوصية، والكتب الخارجية.
وحذر خبراء في التعليمتحدثوا لـ"عربي21" من نوايا الحكومة المصرية في التوسع في إنشاء مدارسجديدة برسوم مرتفعة تنافس المدارس الخاصة بكافة أنواعها، وفي هذا الإطار عملت علىاستحداث نوع من جديد من المدارس، كالمدارس اليابانية، والتوسع في إنشاء مدارسدولية، كمدارس النيل، والمتفوقين في العلوم والتكنولوجيا، والموهوبين.
وتتراوح مصروفات تلكالمدارس ما بين 7000 آلاف جنيه وحتى 40 ألف جنيه، غير شاملة مصروفات الحافلاتالمدرسية، مقابل أقل من مائة جنيه للمدارس الحكومية العادية، التي يرتادها ملايينالتلاميذ في جميع أنحار الجمهورية.
وفي نهاية عام 2017،أكد القائم بأعمال رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، آنذاك، أن الدولة تتجه نحو التوسعفي إنشاء مدارس "النيل" حتى تشمل مختلف المحافظات، وكشف وزير التربيةوالتعليم، طارق شوقي، أن هناك خطة الحكومة تتضمن التوسع في إنشاء مدارس النيل، حيثيتم إنشاء 100 مدرسة جديدة مع بداية 2018.
ويبلغ إجمالي عددالمدارس في مصر 52 ألفا و664 مدرسة، منها 45 ألفا و279 مدرسة حكومية، و7 آلاف و385مدرسة خاصة.
وإجمالي عدد التلاميذبلغ 20 مليونا و642 ألف تلميذ، منهم 18 مليونا و608 تلاميذ بالمدارس الحكومية،ومليونان و32 ألف تلميذ بالمدارس الخاصة، وفق التقرير الوارد ضمن كُتيب "مصر فيأرقام" لعام 2018، الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
خصخصة التعليم
ويرى عضو لجنة التعليمبمجلس النواب السابق، ونقيب معلمي وسط الإسكندرية الأسبق، محمود عطية، أن محاولةخصخصة التعليم لن تجدي نفعا، إلا مع الطبقة القادرة ماديا فقط، ولكن لن ينجرالبسطاء والفقراء للمدارس الجديدة التي تنشئها الدولة.
وقاللـ"عربي21": "في نهاية الأمر، المواطن المصري سيظل مستمر فيالمدارس الحكومية، ليس حبا فيها، أو لأنها تقدم خدمات تعليمية جيدة، أو وجود تطويربها، لكن بسبب الظروف المعيشية، وقصر ذات اليد ما يجعل العدد الأكبر من الطلابفيها".
وكشف أن "المدارساليابانية الجديدة كان من المفترض أن تكون مصروفاتها في حدود ألفي جنيه، ولكنهاارتفعت فجأة إلى عشرة آلاف جنيه، ربما يكون هناك بعض الأسر القادرة، ما يكشف سعيالدولة منذ فترة طويلة إلى خصخصة التعليم بدعوى التطوير والاستفادة".
أما فيما يتعلق بمزاعمالحكومة بأنها تهدف إلى القضاء على الدروس الخصوصية والكتب الخارجية، فأكد عطية أن"الدروس الخصوصية لا يمكن القضاء عليها إلا إذا عاد المعلم إلى دوره الأول؛حتى يتمكن من أداء دوره بشكل جيد، وأعيدت له قيمته واحترامه"، مشيرا إلى أنه"منذ أول يوم في الدراسة تحدث حالات تسريب جماعية؛ لأنه يعتمد على الدروسالخصوصية في المقام الأول".
تعليم طبقي جديد
وأكد خبير التعليم،علي اللبان، لـ"عربي21" أن "نظام السيسي منذ انقلاب 2013 دأبباللعب في منظومة التعليم المصري تدميرا وتخريبا، لصالح مجموعة من أصحاب الأموال،فقام بإهمال المعلم المصري تدريبا وتأهيلا وماديا، ولم يعد يشعر بالانتماء الحقيقيوالمطلوب للمدرسة التي يعمل بها، ثانيا، زيادة العبء على كواهل أولياءالأمور، بالدروس الخصوصية التي يُنَفقعليها ما يقارب 40 مليار جنيه سنويا".
وأضاف أن هناك"توسع في إنشاء المدارس الخاصة والدولية مع إهمال المدارس الحكومية؛ فلم يعدهناك تعليم حقيقي في المدارس العامة"، لافتا إلى أن "إلغاء المدارسالتجريبية ( التي تُدَرِسْ المواد باللغة الإنجليزية كالمدارس الخاصة، مع كثافةأقل في الفصول، وبمصاريف رمزية) هو توجه عام نحو إنشاء مدارس بديلة بمصروفات ورسومأغلى وأعلى".
وفند مشروع التعليمالجديد قائلا: "إن البدء في تنفيذ مشروع التعليم الجديد، ووهم التابلت(الحاسوب اللوحي)، هو لمصلحة مجموعة من قيادات الجيش أصحاب رؤوس الأموال"،لافتا إلى أن "ما يقوم به السيسي هو تدمير للتعليم الحكومي، وتنمية التعليمالخاص ليستفيد مجموعة من رجال الأعمال".
وحذر اللبان من نواياالحكومة "بأن تكون الثانوية العامة ( مرحلة منتهية وفق النظام الجديد) هوأكثر ما يتمناه المصريون البسطاء والفقراء، مثل الدبلومات المهنية المتوسطة، ولايصعد للتعليم الجامعي إلا عدد قليل من الطلاب تقتصر على المقتدرين والميسورين،وأبناء الشرطة والقضاء والجيش وغيرهم؛ وبالتالي لن يرى الفقراء تعليم عال فيالفترة القادمة".
مزيد من التفاصيل