يقال أن الإكتئاب هو "غضب قد إنقلب للداخل"، لذا فإنه يؤثر-سلباً-علي مزاج الشخص المصاب بما يجعله لا يشعر بالسعادة، وهذا ينعكس علي إقتصاديات البلدان التي يعيش أفرادها حزاني وفي إحباط وإكتئاب. في عام 2013 قدرت مؤسسة جالوب Gallup لإستطلاع الرأي أن عدم إحساس الموظفين في الولايات المتحدة الأمريكية يكلف إقتصادها سنوياً ما يعادل خمسمائة مليار دولار، وذلك بسبب تراجع في الإنتاج ونقص الإيرادات الضريبية، إضافة إلي التكاليف المرتفعة للرعاية الصحية الناتجة عن إصابة الأشخاص بالإكتئاب. ومن أعراض الإكتئاب كما أوضح العلماء هي فقدان الإحساس بالسعادة وفقدان الأمل وكذلك عدم الإهتمام بالأشياء المعتاد التمتع بها، إضافة إلي الأعراض الجسمانية ومنها أرق النوم والشعور بالتعب وآلام بالجسم، وفقدان الشهية وكذلك الشهوة الجنسية.
دراسة جديدة قام بإجرائها باحثون من المركز الطبي في جامعة "في يو VU" بامستردام في هولندا، وقدمت نتائجها في مؤتمر الزمالة الأوربية لعلم الأدوية النفسعصبية في برشلونة بأسبانيا أكتوبر 2018 ونشرت في المجلة الامريكية للصحة النفسية The American Journal of Psychiatry. تناولت الدراسة المخاطر التي يتعرض لها الأشخاص المصابون بالإكتئاب depression وعلاقتها بالتقدم في السن-الشيخوخة-وكذلك مخاطر إصابتهم ببعض الامراض مثل السرطان والزهايمر وإلتهاب المفاصل.
قام فريق البحث بفحص "دي إن إيه" الأفراد المتطوعين مصابون بإكتئاب ولهم ملفات دراسة الإكتئاب والقلق في هولندا، عن طريق أخذ عينات الدم من هؤلاء الأفراد، والتي أكدت نتائج الفحص أن الإكتئاب يُسرع بالتقدم في سن المصابون ثمانية أشهر مقارنة بالأصحاء، أما الأفراد المصابون بالإكتئاب الحاد أو الشديد فقد أثبتت النتائج أن "دي إن إيه" للعينات المأخوذة منهم به درجة من الميثلة وتغييرات وراثية مكتسبة والتي تشير إلي تقدمهم في العمر بمقدار 10-15 سنة أكبر من عمرهم الحقيقي. التأثير الممهد للتقدم في السن كان أكثر وضوحاً في الأشخاص الذين تعرضوا لمواقف وظروف صعبة خلال طفولتهم مثل العنف والصدمات وكذلك الإهمال أو التحرش والإساءة بكافة أصنافها.
من خلال العلاقات الإحصائية أوضح الباحثون أن المجتمعات التي تزيد فيها معدل المساواة بين أفرادها ولا تتبني المنافسة كمنهج بين أفرادها ومن ثم تقل فيها الفروقات الإجتماعية، مثل الدول الإسكندنافية تسجل حالات إكتئاب أقل مقارنة بالبلاد التي تعظم فيها الفروقات الإجتماعية والتي يصاحبها تدرج في الدخول بين الأفراد نتيجة لروح التنافس وضغوط الحياة والشد العصبي والظروف المعيشية التي لا ترحم وتطحن العاجزين، خاصة مع إنتشار الإلحاد بين الأفراد الذين لا يعترفون بالقضاء والقدر ولا يعترفون بوجود خالق قيوم علي مقدرات العباد، من ثم تكثر الحاجة لإستخدام المهدئات ومضادات الإكتئاب وقد تنتهي بالإنتحار.
بالرغم من أن تراكم الضغوطات المعيشية قد ترفع من حالات الإكتئاب والإنتحار، لكن في المقابل تؤكد الإحصائيات أن مستويات منخفضة من حالات الإكتئاب حتي لو كانت الحياة يغمرها البساطة والرضا حتي لو كان أفرادها فقيرة، عندم تحافظ الأفراد الإلتزام بتعاليم وأخلاقيات الأديان والإيمان بالله وبالقضاء والقدر وتطمئن القلوب وتملؤها السكينة بذكر الله، وقد جاء في الأية الكريمة في سورة الرعد : (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
مزيد من التفاصيل