تمارس الإدارة الأمريكيةفي عهد الرئيس، دونالد ترامب، سياسية التضييق المالي على الفلسطينيين، التي شملتوقف التمويل عن قطاعات مباشرة، كالدعم المالي المباشر للموازنة، والمخصصات الماليةللأونروا، والتوقف عن تمويل مشاريع تشرف عليها وكالات أمريكية تعمل في الأراضيالفلسطينية.
ولكن التطور اللافت فيالموقف الأمريكي تمثل فيما أوردته صحيفة هآرتس العبرية في الخامس من الشهر الجاري، عنمصادقة ترامب على قانون يجيز للمحاكم الأمريكية صلاحية الاستحواذ على الأموال منأي كيان سياسي يتلقى تمويلا من الولايات المتحدة الأمريكية.
ووفقا للصحيفة، فإنالمساعدات الأمريكية لأجهزة أمن السلطة في رام الله باتت مهددة بالتوقف في حالقبلت المحاكم الأمريكية الدعاوي القضائية المرفوعة من مواطنين أمريكيين يتهمونالسلطة بدعم أنشطة تدعم الإرهاب.
يشار إلى أن العام الماضيكانت المحكمة العليا الأمريكية قد رفضت دعوى قضائية ضد السلطة الفلسطينية، رفعهاأمريكيون زعموا أنهم وقعوا ضحايا لهجمات فلسطينية خلال انتفاضة الأقصى، إلا أننظام المحاكم الأمريكية لم يكن مخولا في البت في هذه القضايا حينذاك.
لا يعلم حتى اللحظة قيمةما تنفقه الإدارة الأمريكية في دعم الأجهزة الأمنية، حيث ترفض السلطة الإفصاح عنمثل هذه البيانات، لكن صحيفة القدس المحلية كشفت عن مصدر مسؤول في السلطة قوله إن "الأموال المخصصة لأجهزة الأمن التابعة للسلطة، التي تبلغ 100 مليوندولار سنويا".
مراحل الدعم الأمريكي
إلى ذلك، أكد مقرر لجنةالداخلية والأمن في المجلس التشريعي، مروان أبو راس، أن "الدعم المالي الذيتقدمه الولايات المتحدة للسلطة مر بثلاث مراحل رئيسية، كان العام 1992 بداية هذهالحقبة، عبر تدريب قوات الشرطة والمخابرات في دورات عسكرية داخل الأراضي الأمريكية، وفي دول عربية وأوروبية، فيما بات يعرف لاحقا بقوات الارتباط التي تقوم بالتنسيقوالتواصل مع الجيش الإسرائيلي لأغراض مدنية وعسكرية".
وتابع: "الحقبةالثانية بدأت مع اندلاع انتفاضة الأقصى في العام 2000، والتي تركزت على التنسيقالمباشر بين أجهزة أمن السلطة والجيش الإسرائيلي، لاعتقال المقاومين، وتفكيك الخلاياالعسكرية؛ لمنع العمليات"، وأضاف النائب أبو راس في حديث لـ"عربي21": "كان بداية الانقسام في العام 2007 دخول المرحلة الثالثة عبر تسيير دورياتمشتركة من أجهزة المخابرات والجيش الإسرائيلي إلى داخل مدن الضفة الغربية؛ لاعتقالمن يثبت تورطه بأعمال المقاومة أو حتى تصفيته".
وأكد أبو راس أن"المساعدات الأمريكية لأجهزة أمن السلطة لا تنشر في بيانات الموازنة، وهيتتبع لإدارة مكتب الرئيس ومدير المخابرات"، مستدركا: "ولكن تشير التقديرات شبهالرسمية إلى أن إجمالي ما تلقته السلطة من مساعدات أمنية من الولايات المتحدةالأمريكية تجاوز المليار ونصف المليار دولار خلال الـ25 ماضية".
من جانبه، أشار المتحدثالسابق لوزارة الداخلية الفلسطينية، إسلام شهوان، إلى أن "الدعم الأمريكي لأجهزةأمن السلطة يأخذ عدة أشكال، من بينها الدعم اللوجستي، عبر تزويد الأجهزة الأمنيةبأجهزة التنصت التي تقوم بتعقب أي مكالمات أو إشارات من داخل الضفة الغربية تمثلتهديدا بالنسبة لها، بالإضافة لتزويدهم بالمركبات ذات الدفع الرباعي المحصنة؛ لاستخدامها في حالات الملاحقة للمقاومين في المناطق الجبلية التي تمتاز بها الضفةالغربية".
وأضاف شهوان في حديثلـ"عربي21": "كما تقوم الولايات المتحدة بعقد دورات تدريبية داخلمعسكرات مغلقة في مدينة أريحا لجهاز المخابرات والأمن الوقائي، في كيفية تعقبنشاطات التهديد المحتمل"، وتابع شهوان: "على مدار 25 عاما، ساهم الدعمالأمريكي في تغيير عقيدة الأجهزة الأمنية، وتحويلها لأداة لتعقب المقاومين، وهذا مايمكن ملاحظته من تراجع نشاط العمل العسكري المنظم في الضفة الغربية، وتحويله لنشاطارتجالي بإمكانيات محدودة".
في كانون الأول/ ديسمبر 2017، أشارتقرير صادر عن معهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنية إلى أن التنسيق الأمني هو جزءهام من الهيكل الأمني الفلسطيني الذي يضم 80 ألف فرد، وهو ما يساوي 44 بالمئة منمجموع موظفي السلطة، ويستحوذ قطاع الأمن على 40 بالمئة من ميزانية السلطة.
كما يشير تقرير أخرللمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إلى أن الأجهزة الأمنية قامت باعتقال وتعذيب وحجزإداري لـ2363 فلسطينيا على خلفية أمنية في عام 2017 فقط.
استقرار الأوضاع الأمنية
من جانب آخر، اعتبرالقيادي في حركة فتح، عبد الله عبد الله، في حديث لـ"عربي21"، أن"دعم الولايات المتحدة للأجهزة الأمنية هو جزء من تعهدات سابقة قطعتها واشنطنلتأهيل الأجهزة الأمنية للقياد بدورها المنوط بها في حفظ الأمن في المناطقالفلسطينية، وفي حال قررت الإدارة الأمريكية قطع المساعدات، فإن ذلك سينعكس بشكلسلبي على استقرار الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية".
وفي سياق آخر، يرى أستاذالعلوم الأمنية، إبراهيم حبيب، أن "التحولات في الموقف الأمريكي تجاه السلطة قد يكون مقبولا في حال اقتصر على المساعدات المالية التي تقدمها واشنطن، سواءللموازنة أو للمشاريع التي تشرف عليها".
وأضاف حبيب في حديثلـ"عربي21": "ولكن التهديد بقطع المساعدات عن أجهزة أمن السلطة سيجدمعارضة من الجانب الإسرائيلي، الذي لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يقبل بحدوث ذلك،نظرا للتداعيات الخطيرة التي قد يتسبب بها القرار في حال غاب التنسيق الأمني معأجهزة أمن السلطة، لذلك فإن التهديدات الأمريكية لن تترجم على أرض الواقع، وهيتأتي استكمالا لحلقات الضغط على السلطة للقبول بعود واشنطن في رعاية عمليةالسلام".
مزيد من التفاصيل