عاد مسلسل الاقتتال مجددا في المخيمات الفلسطينية فيلبنان، وهذه المرة من بوابة مخيم "المية ومية" المجاور للمخيم الأكبر"عين الحلوة" الذي يعدّ عاصمة اللجوء الفلسطيني في لبنان.
وتبدّلت الوجوه المتحاربة التي تعارف الجميع عليهاطيلة السنوات الماضية في مخيمات صيدا وتحديدا في عين الحلوة، لكنّ المعارك بينحركتي فتح وأنصار الله تحمل أيضا خلفيات قديمة واتهامات مباشرة بضلوع التنظيمالأخير بعمليات تفجير عدة، وأيضا يتحدث تنظيم أنصار الله عن تعرضه لمحاولاتاستهداف واغتيال لكوادره تحمل بصمات خارجية.
ويطرح عودة المشهد القديم، تساؤلات حول أسباب اندلاعالتأزم الجديد، ومصدر نيران الصراع الحقيقي وليس الظاهر في المخيم الصغير، الذي لايقوى على المعارك الضارية المستخدم فيها مختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة.
اقرأ أيضا: حماس ترعى وقفا لإطلاق النار في مخيم "المية ومية" في لبنان
لسان حال المسؤولين الفلسطينيين ورعاة اتفاق وقفإطلاق النار يشير بأصابع الاتهام إلى حوادث فردية كما قال القيادي في حركة حماسأيمن شناعة لـ"عربي21" بأن الاشتباك الأخير بدأ فرديا وتحوّل على حينغرّة إلى "صراع بين فصيلين"؛ فيما أشار إلى أنّ فشل اتفاق التهدئة، الاثنين،الذي خُط حبره بقلم حمساوي "مرده خروقات".
غير أن الاتفاق الجديد ودخول حركة حماس على الخطالفاصل، يوحي بأن الطرفين يثقان بنزاهة قوة الفصل، رغم ما شاب ويشوب علاقة الثنائيفتح وحماس من تنافر وانقسام على الخيارات والتوجهات والاستراتيجيات الوطنية.
من هي "أنصار الله"؟
ويعود تأسيس أنصار الله إلى الضابط الفتحاوي المنشقجمال سليمان عام 1988 عندما تجاوز قرار رئيس منظمة التحرير آنذاك ياسر عرفات،بوقوفه إلى جانب حزب الله خلال المعارك ضد حركة أمل في أحداث إقليم التفاح جنوبلبنان.
من هذه النقطة تحديدا جاء دعم حزب الله له، فأسسمجموعات عسكرية تنامت تحديدا في مخيم المية ومية لتصبح ذات قوة وصيت وعزوة، كماحضرت حركته بشكل أقل في عين الحلوة، لتكون بحسب كثيرين الذراع الفلسطيني لحزب اللهداخل المخيمات.
لكن العلاقة الوطيدة مع حزب الله تبدّلت وأعلنت حركةأنصار الله على لسان أمينها العام جمال سليمان فكّ ارتباطها "سياسيا وعسكرياوأمنيا بالحزب ومواصلة مسيرة الجهاد والمقاومة حتى تحرير كامل التراب الفلسطينيالمحتل".
وبحسب ما تنامى عن مصادر حزب الله فإن طلب فكالارتباط جاء بطلب من قيادة الحزب لاتهامهم سليمان بالعمل لأجندة خارجية من خلالاستهداف قوات الطوارئ الدولية، ووقوفه وراء إطلاق الصواريخ على مستعمرة المطلةخلال وقف إطلاق النار في غزة، ما أثار ريبة قيادة حزب الله لسلوكه وأجنداته الخاصةوخروجه عن طوع من دعمه وسانده.
اقرأ أيضا: اشتباكات عنيفة بين مسلحين في مخيم "المية ومية" (شاهد)
وخلال الاشتباكات الأخيرة كان واضحا، التنسيق الكاملبين قوات الأمن الفلسطيني التي تنخرط داخلها عناصر حركة فتح والجيش اللبناني لجهةتسليم مطلوبين محسوبين على سليمان.
ويبدو أن الغطاء الذي حازه الرجل سابقا لم يعد قائمااليوم، إلا أنه وفي الوقت عينه لا يمكن تجاهل ما بناه من قوة عسكرية بإمكانهاالتأثير في أمن واستقرار المخيمات الجنوبية، من دون استبعاد فكرة تهيئة المناخاتللتخلص التدريجي من ظاهرته التي استمرت سنوات.
وقف إطلاق النار
وإزاء ذلك كله، تحركت حركة حماس لضمان وقف إطلاقالنار من دون خروقات وطلبت من الجميع بحسب أيمن شناعة "التحلي بالمسؤوليةوعدم جرّ المخيمات إلى صراعات عبثية في ظل التحديات التي تواجهها القضيةالفلسطينية، وما تنسجه الإدارة الأميركية من محاولة لفرض صفقة القرن"، ولعلّهذا الموقف يفسّر إصرار الحركة على رعاية وحماية اتفاق إطلاق النار، وفي المقابليبدو أن هناك مساحة للمنزعجين من نشر قوة فاصلة، وتناقلت مجموعات تابعة لفتح نفيهاأن يتم السماح لعناصر حماس بالقيام في مهمة ضبط الأمن.
وتشير المصادر الطبية لـ"عربي21" إلى نزوحمئات العائلات في المخيم، لا بل دعا ناشطون على مواقع التواصل إلى المطالبةبالهجرة الجماعية هروبا من واقع المخيم المرير، وحفاظا على أرواح اللاجئين الذينلا ذنب لهم مما يخطط له.
وتحدّث مدير جمعية الشفاء الدكتور مجدي كريم لـ"عربي21"أن "المشهد الذي خيّم على أجواء الاشتباكات جاء مهولا لجهة نزوح كبيرللعائلات، إما عبر طواقم الإغاثة أو من خلال اختيار وسيلة السير على الإقدام".
ونبه إلى أن "المعارك الأخيرة كانت قاسيةومكلفة في الخسائر المادية والبشرية"، داعيا إلى "حماية أهالي المخيماتمن الاقتتال الذي يباغتهم بين حين وآخر".
مزيد من التفاصيل