قالت صحيفة"البيريوديكو" الإسبانية إن إسرائيل تحظى بأهمية كبيرة في أروقةالكرملين الروسي، حيث تحافظ كل من تل أبيب وموسكو على تحالف أحد أركانه الأقليةاليهودية في روسيا.
وقالت الصحيفة، فيتقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن وكالة رويترز للأنباء نقلت عن أحدالمصادر العسكرية رفيعة المستوى في إسرائيل أن القوات الجوية الإسرائيلية تواصلقصف الميليشيات الموالية لإيران في سوريا. كما أكد هذا المصدر أن قناة الاتصال معالقادة العسكريين الروس التي تحرص على منع وقوع ضحايا في سوريا مازالت تعمل"كما كانت في السابق".
وأوردت أن الفترة التيتحدث عنها المسؤول الإسرائيلي تشير إلى الأزمة الثنائية التي مرت بها إسرائيلوروسيا خلال شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، عندما قامت أنظمة الدفاع المضادة للطائراتلنظام الأسد بإسقاط طائرة استطلاع روسية من طراز إليوشن إل-20. وقد وجه المسؤولونالعسكريون الروس أصابع الاتهام نحو إسرائيل، وتحديدا إلى مقاتلتين من طراز إف-16 اللتين قصفتا المواقع السورية في ذلكالوقت، واستخدمت طائرات إليوشن كواجهة.
وأكدت أن العلاقاتالمتناقضة بين روسيا وإسرائيل لطالما كانت موضوع دراسات معمقة. فخلال الحربالباردة، كان الكرملين العدو الأول لإسرائيل، حيث وقف بشكل منهجي مع الجانب العربيفي الصراع الذي يدور في الشرق الأوسط. وعلى الرغم من أن موسكو اعترفت سنة 1948بتقسيم فلسطين، إلا أن القيادة السوفيتية عدلت موقفها في وقت لاحق متخلية عنالأفكار القديمة للثوري الروسي فلاديمير لينين، التي تعتبر الصهيونية أيديولوجيةبرجوازية تتعارض مع مبادئ الاشتراكية.
وأوردت الصحيفة أنالدبلوماسيين السوفييت قد عبروا فيما بعد عن دعمهم للجانب العربي في التصويت فيمجلس الأمن، بينما عانى السوفييت اليهود في ذلك الوقت من التمييز. ومن جهتها، فرضتموسكو قيودا صارمة على الهجرة إلى إسرائيل، التي تم تعليقها سنة 1989 بفضل ميخائيلغورباتشوف.
وفي عهد بوتين، برزتروسيا من جديد كعنصر فاعل في الساحة العالمية، وعادت التوترات التي ميزت القرنالماضي لتطفو إلى السطح مرة أخرى. وفي ظل هذا الوضع، أقامت موسكو وتل أبيب تحالفاسريا، أو بالأحرى "علاقة خاصة لا يستهان بها" على حد تعبير كليف كوبشان،رئيس مجموعة "أوراسيا غروب" الاستشارية والمتعاون السابق مع وزارةالخارجية.
وأقيم هذا التحالف وكانمدفوعا من قبل الأوليغارشيين الروس المعتنقين للديانة اليهودية، الذين لعب بعضهمدورا بارزا في صعود بوتين إلى السلطة سنة 1999.
وذكرت الصحيفة أنه منأشهر رجال الأعمال ذوي النفوذ الذين دعموا هذه المجموعة، رومان أبراموفيتش مالكنادي تشيلسي لكرة القدم، ورئيس اتحاد المجتمعات اليهودية في روسيا الذي أصبحمواطنا إسرائيليا منذ شهر أيار/ مايو الماضي.
ويضاف إلى هذه الأسماء أوليغديريباسكا المدير التنفيذي السابق لشركة "روسال" الروسية، ثاني منتجللألمنيوم في العالم التي يشتبه في مشاركتها في حملة اختراق الانتخابات الرئاسيةالأمريكية سنة 2016. كما تضم هذه المجموعة رجل الأعمال أركادي روتنبرغ، الصديقالمقرب من بوتين.
ومن الشخصيات الأخرىالأقل شهرة التي دعمت هذه المجموعة الدينية رجل الأعمال بيوتر آفين، المسؤول عنمصرف ألفا بنك، الذي يعد من أهم البنوك في روسيا. وتتضمن القائمة أيضا رجل الأعمالميخائيل فريدمان، سابع أغنى رجل أعمال في البلاد، وفيكتور فيكسلبيرج، صاحب مصانعالصناعات.
وأشارت الصحيفة إلى أنهذا الانسجام الروسي الإسرائيلي يتجلى أيضا على مستوى المبادئ التي تبنتهاالحكومات المتعاقبة في كل من إسرائيل وروسيا التي تميزت باتباعها سياسة محافظةومكافحة الإرهاب.
وباعتباره عضوا فياللجنة الرباعية حول الشرق الأوسط، لطالما أصر بوتين في محادثاته مع الزعيمالفلسطيني الراحل ياسر عرفات على أن مهمته الأولى تكمن في "محاربةالإرهاب".
وفي ذلك الوقت عبرت موسكو عن دعمها لتل أبيب. وسنة 2002، أعلنت السياسيةالفلسطينية حنان عشراوي عن خيبة أملها إزاء الموقف السياسي الروسي من خلال تصريحلصحيفة "فريميا نوفستي" الروسية قالت فيه: "لقد خاب أملنا في روسيامنذ فترة، فهي تسير على خطى الولايات المتحدة بشكل متزايد".
وأوضحت الصحيفة أنالانتشار العسكري الروسي في سوريا يتطلب أولا وقبل كل شيء بقاء نظام بشار الأسدعلى رأس السلطة، لأنه الضامن الوحيد لتحقق الإستراتيجية الروسية في الشرق الأوسط.ولكن سماح المنظومات الروسية المضادة للطائرات المنتشرة على الأراضي السوريةلإسرائيل بمهاجمة أهداف إيرانية خير دليل على أن موسكو تعطي أولوية لتل أبيب علىطهران، التي يبدو أن تحالفها معها ظل حبرا على ورق.
مزيد من التفاصيل