وصفباحثون وإعلاميون فيديو الـ"موشن جرافيك" الذي أصدرته دار الإفتاءالمصرية للإشادة بالجيش المصري، بأنه يأتي في إطار حملة دعم معنوي موسعة تقودهاإدارة التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة، وتستخدم فيها كل مؤسسات الدولة، لمواجهة الانتقاداتالتي تواجهها القوات المسلحة مؤخرا.
ويشيرالخبراء الذين تحدثوا لـ"عربي21" إلى أن استغلال إحدى المؤسسات الدينية لهالعديد من الأسباب، خاصة أن دار الإفتاء التي تتبع إداريا وزارة العدل، تمثل إحدىالهيئتين الدينيتين الرسميتين، بالإضافة لوزارة الأوقاف، مقابل الهيئة الدينيةالمستقلة التي يمثلها الأزهر الشريف.
وكانت دارالإفتاء نشرت عبر موقعها الرسمي فيديو "موشن جرافيك" حول فضل الجيشالمصري، مستخدمة عدة أحاديث نبوية تشيد بفضل الجيش المصري.
وأوضحتالدار أن النبي محمد صلي الله عليه وسلم شهد لجيش مصر وجندها بالخيرية والنجاة منالفتن عندما قال: «إذا فتح الله عليكم مصر، فاتخذوا فيها جندًا كثيفًا، فذلك الجندخير أجناد الأرض». فقال له أبو بكر: ولمَ ذلك يا رسول الله؟ قال: «لأنهم في رباطإلى يوم القيامة».
وتحدثالفيديو عن نجاة جند مصر من الفتن، مستدلا بقول النبي: «سَتَكُونُ فِتْنَةٌأَسْلَمُ النَّاسِ فِيهَا -أَوْ قَالَ: لَخَيْرُ النَّاسِ فِيهَا- الْجُنْدُالْغَرْبِيُّ» قاصدًا أبناء الجيش المصري.
وأضاف الفيديوأن جند مصر وشرطتها هم الآباء والأبناء والإخوة، وجعلهم الله سببا في حفظ البلادوالعباد من شر الخراب، وصان بهم الأعراض والممتلكات ومستقبل الأبناء، حسب وصف الفيديو.
ويشيرالإصدار إلى أن "أبطال" الجيش والشرطة يرابطون في سبيل الله، ويقدمون أرواحهموأجسادهم ثمنًا ليأمن المصريون في بيوتهم وتستمر حياتهم، وبالتالي فهم يمثلون صمامالأمان لتحقيق مقاصد الأديان، ورفع معالم الإسلام.
وفيتعليقه على الإصدار المثير للجدل، يؤكد الباحث بشؤون الأمن القومي عبد المعزالشرقاوي لـ"عربي21" أنه يمثل تطورا في استخدام الجيش لمؤسسات الدولةالدينية، وهو ما يشير لوجود شكوك لدى الجيش عن تعاطف ودعم المصريين له بعد انقلابتموز/ يوليو 2013.
ويشيرالشرقاوي إلى أن سيطرة الجيش على الاقتصاد والسياسة له نتائج سلبية، خاصة أن هذهالسيطرة أدت لتردي الأوضاع المعيشية للمواطنين، ما زاد من قناعاتهم بأن الجيش قامبالانقلاب على الرئيس المدني محمد مرسي للسيطرة على مقاليد الأمور، ومعاقبة الشعب علىاختياراته الديمقراطية، التي جاءت بالإسلاميين وتحديدا الإخوان المسلمين، الذينتعتبرهم المؤسسة العسكرية عدوها الأول.
وحسبالباحث بشؤون الأمن القومي، فإن هيئة التوجيه المعنوي والمخابرات الحربية يقومانبعمل استطلاعات رأي ودراسات منتظمة عن وضع الجيش لدي المواطنين، ودراسات أخرى داخلالجيش عن آرائهم في المستجدات التي تحيط بهم.
ويتوقعالشرقاوي أن يكون فيديو دار الإفتاء ترجمة لهذه الاستطلاعات التي كشفت عن تراجعشعبية الجيش لدى المواطنين، وبالتالي استخدم الجيش إحدى المؤسسات الدينية لمواجهةهذه الحالة، من خلال تقديم الأدلة الشرعية التي تلامس مشاعر المصريين وعقولهم بشكلمؤثر.
وفي إطارمتصل، يؤكد خبير الحملات الإعلامية، يحيى عبد الهادي، لـ"عربي21"، أن هناكخلافا ظاهرا بين مؤسسة الرئاسة من جهة ومؤسسة الأزهر الشريف من جهة أخرى حولالخطاب الديني، وهو الصراع الذي يأخذ أشكالا مختلفة من فترة لأخرى، متوقعا أن يكونهذا الفيديو محاولة من دار الإفتاء لتميز موقفها في هذا الخلاف عن مشيخة الأزهرالشريف.
وفيمايتعلق بأهمية هذا الإصدار في توجيه المواطنين نحو دعم الجيش، يشير خبير الحملاتالإعلامية إلى أن المؤسسات المصرية تعاني من حالة عدم ثقة بينها وبين المواطنين، سواء كانتهذه المؤسسات دينية أو سياسية أو عسكرية، وبالتالي فإن هذا الإصدار سوف يلقى قبولاعند الفئات التي تثق في مؤسسات الدولة، ويلقى رفضا عند الفئة التي لها موقف سلبيمن هذه المؤسسات ذاتها.
ويضيف عبدالهادي أن أخطر ما في الإصدار أنه يعكس عدم الرضا الجماهيري على أداء المؤسسةالعسكرية وجهاز الشرطة، باعتبارهما جناحي نظام الانقلاب في السيطرة على المجتمعالمصري سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا.
ويرى عبدالهادي أن هذا الإصدار يحاول علاج حالة الغضب من الناحية الشرعية، متوقعا أن يواكبهحملات أخرى لباقي مؤسسات الدولة، كنوع من التمهيد للتعديلات الدستورية المرتقبة التيتسمح للسيسي بالاستمرار في منصبه، مشيرا إلى أن الغرض الأساسي منها تقديم المبرراتلأفعال النظام على المستوى الحقوقي والسياسي والأمني والاقتصادي، وأنه لولا الجيشلأصبحت مصر مثل سوريا أو اليمن وليبيا، وهي النقطة التي يركز عليها النظام المصري لتبريرانتهاكاته.
وفيمايتعلق بعدم وجود رد فعل من التيارات العلمانية حول تدخل الدين في السياسة، يؤكدعبد الهادي أن هذه التيارات لا ترفع هذا الشعار إلا في وجه التيارات الإسلامية،خاصة أن المؤسسات الدينية، سواء الإسلامية أو المسيحية، لها مواقف سابقة في دعمنظام السيسي دون أن يعترض عليها أحد.
لمشاهدةفيديو دار الإفتاء
مزيد من التفاصيل