حمل عام 2018، ظواهر اجتماعية غريبة على المجتمعالمصري الذي يوصف بتدينه؛ فمن الاستعانة براقصات باحتفالات المدارس ورقص التلاميذوالمعلمين، إلى تزايد حالات "الانتحار"، وقتل الأبناء، والأزواج، وزيادةنسب "الطلاق"، وارتفاع صوت "المثليين"، وزيادة جرائم"تبادل الأزواج"، و"زنا المحارم"، وحتى طرح "فياجرانسائية" ودعوات تقنين "الدعارة"، وبالمقابل مطالبات برلمانيةوإعلامية بمنع النقاب في مصر.
وفي آذار/ مارس، انتشر مقطع فيديو لـ3 راقصات بحفلمدرسة "ليسيه" الهرم بالجيزة، كما أحيت 5 راقصات حفلا بمدرسة"مودرن سكول" بالقاهرة، وظهر ناظر مدرسة بمقطع فيديو يرقص وسط التلاميذ،فيما تحوّل مدرج بكلية الحقوق جامعة المنصورة (وسط الدلتا)، لصالة رقص شعبي.
وما بين الانتحار تحت عجلات القطارات وفوق شريط متروالأنفاق، والشنق بالسقف والقفز من البلكونة، أثارت حالات انتحار مصريين طوال العامقلق المصريين حول أسباب الظاهرة وبينها الفقر.
ورصدت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، 63 حالةانتحار بالبلاد منذ كانون الثاني/ يناير وحتى آب/ أغسطس، كما كشفت دراسة لوزارة الصحة في نيسان/ أبريل، أن 21.5 بالمئةمن طلاب المرحلة الثانوية يفكرون بالانتحار، فيما تشهد مصر سنويا نحو 3 آلافمحاولة للأقل من40 عاما.
وشهدت مصر في 2018، أفظع جرائم قتل لأطفال ارتكبهاآباء وأمهات، وكان أشدها إيلاما مقتل الطفلين "ريان"،و"محمد"، بالدقهلية (الدلتا) يوم عيد الأضحى واتهام والدهما بقضية أثارتالرأي العام لوجود شبهة سياسية، إلى جانب قتل أم رضيعتها شنقا بالإسكندرية، وإلقاءأم بطفليها ببحر اليوسفي بالمنيا (الصعيد)، وقتل فران، نجله تعذيبا حتى الموتبالإسماعيلية (شرق)، ونجاة ابنتيه من نفس المصير.
وأيضا، إلقاء أم 3 جثث مذبوحة ومتعفنة لأطفالهابالمريوطية بالجيزة، ووضع أب حبوب سامة لأطفاله الأربعة، وذبح زوجته، وقتل نفسهمسموما بدمياط (الدلتا)، وتعذيب أستاذ جامعي أولاده وقتل أحدهم، وقتل نجل الفنانالمرسي أبو العباس، زوجته وابنتيه بالجيزة.
أما حوادث قتل الأزواج، فلا تكاد تخلو صفحات الحوادثبالصحف المصرية طوال 2018، من واقعة قتل زوج لزوجته أو زوجة لزوجها بسبب الخيانةالزوجية أو لضيق العيش.
وبينما تعد مصر الأولى عالميا في نسب الطلاق، إلا أن الظاهرة الخطيرة على المجتمع المصريواصلت تصاعدها في 2018، حيث رصدت تقارير الجهاز المركزي للإحصاء ارتفاع نسب الطلاقبالربع الأول من العام لـ25 ألف حالة شهريا، بزيادة 5 آلاف حالة بالمقارنة بعام2017، كما بينت الإحصاءات أن 70 بالمئة من الطلاق يقع بالسنوات الأولى للزواج.
وفي ظاهرة أخرى خطيرة ورثها 2018 من العام 2017، ففيكانون الثاني/ يناير، ضُبطت أكبر شبكة لممارسة الفجور والشذوذ الجنسي بالإسكندرية،وذلك إثر حفل للمثليين أثار غضب المصريين بالقاهرة في سبتمبر/ أيلول 2017، لتتوالىبعدها أخبار ضبط شبكات المثليين بالبلاد.
وذلك في الوقت الذي طالب فيه مثليون علنا عبر مواقعالتواصل وبعض الفضائيات بحقوقهم، وأيدهم بعض الفنانين مثل خالد أبو النجا.
ومن الشذوذ إلى ضبط شبكات لتبادل الزوجات في 2018،بعين شمس، والبساتين، ومدينة نصر، والساحل، والأزبكية والعجوزة بالقاهرة والجيزة،وشبرا الخيمة بالقليوبية وبالإسكندرية.
وتداولت المحاكم المصرية خلال 2018، حالات لزناالمحارم منها بالإسماعيلية لمعاشرة أب لابنته وإنجابها منه 4 أطفال ودفنهمبالمقابر، وإنجاب فتاة طفلا بعلاقة آثمة بأخيها، وأب يهتك عرض ابنته بمساعدة زوجتهبعين شمس، وسيدة تعترف بزنا زوجها ببناته الثلاثة بالإسكندرية.
ولم يكاد ينتهي 2018، حتى أقرت وزارة الصحة في تشرينالثاني/نوفمبر، طرح الفياجرا الحريمي بالأسواق والترويج لها إعلاميا، لتموت مصريةبعد تناول "الحبة الروز" وممارسة الجنس مع رجل بالقاهرة.
وبنفس الشهر، أعادت مدير المركز المصري للقانون،وسام نوح، الحديث عن تقنين الدعارة التي دعا لها قبلا مثقفون وفنانون.
وعلى الجانب الآخر، تقدمت النائبة غادة عجمي بمشروعقانون يحظر ارتداء النقاب بمصر، بعد انتقاد الشيخ مبروك عطية للمنتقبات.
وفي تعليقها، تعتقد استشاري المشكلات الاجتماعيةوالنفسية للعلاقات الزوجية والتربوية، الدكتورة أميمة السيد، أن "معظم هذهالكوارث، مع مطالبات البرلمان بمنع النقاب ليس بينها تناقضا بل تناغم وانسجام،وهو نتاج لضعف الوازع الديني والبعد عنالشريعة".
وأضافت السيد لـ"عربي21" أن"البرلمان يأتي ليختم كل هذا بمطلب عجيب، مضمونه بعيد كل البعد ليس فقط عنأوامر الله عز وجل، بل عن الآراء المنادية بالحريات من حرية الرأي للملبس بما لايتعدى حريات الآخرين".
وأشارت إلى أنظاهرة الانتحار الأكثر والأفجع بالمجتمع المصري بعام 2018، وتحديدا بمتروالأنفاق"، موضحة أن "لها عدة أسباب اجتماعية ونفسية أبرزها تدني وسوءالأحوال الاقتصادية وقلة دخل الفرد، ما انعكس بدوره على العلاقات الاجتماعية ككلوبالتالي حدوث الأزمات النفسية المتلاحقة".
وتقول الكاتب المتخصصة بشئون الأسرة والمجتمع ناهدإمام: "ما يمر به المجتمع المصري فسره ابن خلدون من قديم عن طبائع الاستبدادوما تحدثه من تغيرات وتأثيرات سلبية مجتمعيا، أضف لذلك تدهور الأحوال الاقتصاديةومعروف أن الاقتصاد أساس الاجتماع".
وأضافت إمام لـ"عربي21" أنه من "الطبيعيأن تطل الظواهر الاجتماعية الغريبة برأسها، فهناك اختلال قديم بمنظومة القيم، وقلةوعي، ومجاراة لقيم الاستهلاك، والفردانية التي تتوحش كل يوم"، موضحة أن"هناك أسباب نفسية خاصة بطبيعة البشر، وأخرى عالمية، وجميعها تتشابك بعشوائيةلتنهرس تحت عجلاتها جموع الناس".
وأشارتالكاتبة الصحفية، إلى صراعات نفسية غير طبيعية يعيشها المصري، بالإضافة لتزايدالفجوات بين المبادئ والواقع، بين الأغنياء والفقراء، مؤكدة أن "بعض هذهالظواهر انفجارات متوقعة لتراكمات ملتهبة لجروح اجتماعية تحت قشرة ضعيفة، وبعضهانتائج متوقعة لتخبط وتفسخ بجميع الأصعدة".
وقالت "لا نبالغ بوصفنا الحال بأنه غاية البؤسوالضياع، فما بين الخوف والحاجة والعوز يعيش المصريون بشكل نسبي، لكنه طال الكل".
مزيد من التفاصيل