دخلت الاحتجاجاتالشعبية في السودان أسبوعها الثاني، وما يزال المشهد السياسي فيها غامضا، سواء علىصعيد حزب المؤتمر الوطني الحاكم، أو أحزاب المعارضة، ويبقى الشيء الوحيد الواضح هوالتواجد الشعبي الرافض للسياسيات الحكومية في الشارع.
وفي حين يرى مراقبونأن حزب الرئيس عمر البشير، المؤتمر الوطني، سيعيد ترتيب المشهد السياسي في البلاد، لعدم جاهزية أي بديل سياسيآخر، يرى آخرون أن المعارضة متوحدة ضد نظام البشير ومستعدة للاضطلاع بمسؤوليةإدارة البلاد إذا ما أوكلت إليها.
ويشهد السودان منذالأربعاء الماضي، احتجاجات شعبية واسعة منددة بتدهور الأوضاع الاقتصادية وغلاء الأسعار، طالت 14 ولاية من أصل 18، وأسفرت عن سقوط عدد من القتلى.
وكان البشير وصفالقائمين على المظاهرات والاحتجاجات بأنهم "خونة وعملاء ومرتزقة ومندسون،واستغلوا الضائقة المعيشية للتخريب وخدمة لأعداء السودان"، على حد قوله.
وقال البشير خلال خطابجماهيري في ولاية الجزيرة إن "وقوف واحتشاد الجماهير لسماع خطابه، هو رد علىكل خائن وعميل، وعلى الذين روجوا وأطلقوا شائعة القبض عليه ووضعه في السجن"،بحسب تعبيره.
القيادي في حزبالمؤتمر الوطني الحاكم، ربيع عبد العاطي، نفى لـ"عربي21" أن يكون هنالكأي تحركات داخلية في الحزب، مؤكدا على أن هنالك اتفاقا داخليا على ضرورة الإصلاحالاقتصادي في البلاد.
وتابع عبد العاطي بأنلا شيء يجري خلف الكواليس في الحزب، وجميع الاجتماعات معلنة وفي الضوء، وأن الأمورفي الحزب تسير بشكل طبيعي ولا يوجد أي حراك غير معلن.
من جهة أخرى، أكد رئيسالمكتب الإعلامي لحزب المؤتمر الشعبي صديق محمد عثمان، لـ"عربي21" أنهنالك صراعا في داخل الحزب الحاكم وهو ما أدى إلى الأحداث الأخيرة على الأرض.
وأشار إلى وجود عدةمطابخ للقرار في الحزب وهو ما يعقد المسألة بشكل كبير، مؤكدا في الوقت نفسه أنهنالك من بدأ يطرح نفسه بديلا للبشير.
ولفت إلى أن الأسماءما تزال غير واضحة، غير أن القرار الفصل فيها سيكون بيد الأجهزة الأمنية التي تديرالمشهد الآن
وأكد رئيس المكتبالإعلامي بأن هنالك تواصل بين أطراف معارضة مع مسؤولين في الحزب الحاكم، لكنه غيرواضح المعالم حتى الآن.
وكشف عثمان عن اتصالاتبين حزبه وحزب البشير في سياق التواصل الطبيعي، مستدركا بأن ما يجري على الأرض ليسصراع معارضة وحكومة بل احتجاجات شعبية.
وعمّا ستؤول إليهالأمور على الأرض، توقع عثمان أن يكون التغير دراماتيكي مفاجئ لكون الحزب الحاكميحاول حسم الأمر على وجه السرعة، متوقعا شخصية بديلة للبشير من داخل الحزب، أوشخصية عسكرية مقربة من الحزب.
وتابع بأن المعارضةالسودانية والأحزاب والتكوينات السياسية غير جاهزة، ولا أجسام نقابية أو اتحاداتتملك أي خيارات، أو تملك إطالة نفس الاحتجاجات على الأرض.
وكان عدد من الحقوقيينوالأكاديميين في السودان، دعوا إلى تكوين ما أسموه "مجلسا ثوريا شعبيا"من القوى الشعبية على "ألا يقبل أي تغيير للنظام من داخله".
وفي بيان تداولهناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، أكد الموقعون على أن التظاهرات الحالية"هي ثورة شعبية" وإنه "لا توجد قوة على الأرض يمكن أن توقفها".
رئيس مكتب حزب الأمةالقومي في بريطانيا، محمد الأنصاري، أكد لـ"عربي21" أن التجارب تقول إنالحزب الحاكم فشل في إدارة البلاد، وإن البشير يحرك قيادات الحركة الإسلامية فيالسودان ولا قبل لهم في مجابهته، مستبعدا أي حراك داخلي في المؤتمر الوطني.
وأشار إلى أن المعارضةالسودانية موحدة بالكامل في مواجهة البشير، ومستعدة لإدارة البلاد إذا قرر الرئيسالتنحي لتجنيب الشارع السوداني المزيد من الويلات.
وأكد الأنصاري أنقيادات المعارضة واعية سياسيا، وموحدة على اختلاف أطيافها وفصائلها.
ولفت إلى أن دولالجوار والدول التي تعرف السودان جيدا، لن تدعم بقاء البشير في السلطة، متهما إياهبالتسبب بمشاكل كثيرة لجيرانه، بدءا من مصر، مرورا بإثيوبيا، وإرتيريا، وجنوبالسودان، وتشاد.
ولفت إلى أن هنالك دولعربية لا ترغب حقيقة في بقاء البشير على رأس السلطة، لكن المشكلة تكمن في الأوضاعالإقليمية.
ودعا الأنصاري البشيرإلى تسليم السلطة للشعب، لأنه فقد أي فرصة في الإصلاح، مشيرا إلى أنه يملك تغييرالطواقم التي تدير البلاد، لكنه لن يأت بأفضل منها.
مزيد من التفاصيل