فجرت تصريحات لرئيس الحكومة التونسي خلالمشاركته بمنتدى "دافوس" الاقتصادي بجنيف، موجة غضب بين التونسيين، بعدحديثه عن الوضع الاقتصادي المتردي بالبلاد، وربط ذلك بمدى فهم التونسيينواستيعابهم لمعنى الحرية والديمقراطية.
وتطرق يوسف الشاهد خلال جلسة نقاش للوضع الاقتصادي والأمني الذي تمر به تونس، وتدني نسق الإنتاج، وارتفاع نسب المديونية والبطالة، ولفت إلى أن مسار الانتقالالديمقراطي له ثمن يدفع.
وقال إن "الاقتصاد التونسي يعاني بعدالثورة من توقف الإنتاج في قطاعات حيويةكالفوسفات والنفط، بسبب عدم فهم التونسيين بعد لمعنى الحرية والديمقراطية، بعد أنعاشوا لسنوات تحت حكم الحزب الواحد والنظام الواحد".
وأثارت هذه التصريحات حفيظة كثير منالنشطاء والسياسيين، الذين استنكروا تشويه رئيس الحكومة لصورة الشعب التونسيوثورته أمام العالم، واتهامه بجهل معنى الحرية والديمقراطية التي دفع حياته منأجلها خلال الثورة.
وهاجم النائب عن الجبهة الشعبية عمارعمروسية، في حديثه لـ"عربي21"، تصريحات رئيس الحكومة، معربا عناستغرابه لتطرق الأخير لمشاكل داخلية فيالخارج عوض التوجه نحو حلها في الداخل.
وأضاف: "قد أعذر الشاهد؛ لأنه يجهلمعنى الديمقراطية والحرية التي ناضل الشعب التونسي ودفع دمه لافتكاكها، فمجيئهللحياة السياسية لم يكن بشكل ديمقراطي، بل تم تعيينه باقتراح من الرئيس السبسي".
واعتبر عمروسية أن "ما جاء على لسانالشاهد خطأ لا يغفر في وقت تشيد في دول العالم بالتجربة الديمقراطية في تونس وبوعيشعبها".
وختم قائلا: "عوض أن يطرح الشاهدحلولا جذرية لحلحلة الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتأزم والمحتقن، ألقى باللائمة على الشعبالتونسي، واتهمه بالجهل ومحدودية الفهم".
"استهجان"
وكان نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي عبروا من خلال تدوينات عن امتعاضهم لما جاء على لسان رئيس الحكومة.
ودون الناشط مصعب بن عمار: "رئيس حكومة الصدفة يسبالتوانسة، ويبرر الوضع الحالي بعدم قدرة الشعب على استيعاب معاني الحريةالديمقراطية".
وطالب الإعلامي الحبيب الميساوي بمساءلةفورية للبرلمان لرئيس الحكومة فور عودته من دافوس عن التصريحات التي صدرت منه بحقالشعب التونسي.
وتساءلت الناشطة أسماء بابا عبر تدوينةساخرة لها: "لو كان الشعب يفهم الحرية والديمقراطية لما كنت أنت رئيساللحكومة".
"توصيفللواقع"
من جانبها، اعتبرت النائبة عن كتلة الائتلافالوطني الداعمة لحكومة يوسف الشاهد، هالة عمران، في حديثها لـ"عربي21"، أنما جاء على لسان رئيس الحكومة يعد توصيفا للواقع الاقتصادي والاجتماعي الذي تمر بهالبلاد.
ولفتت مقابل ذلك إلى أن "تصريحاته لميكن القصد منها الإساءة لصورة الشعب التونسي بالخارج، بقدر ما هو تشخيص لوضعاقتصادي دقيق وخطير تمر به البلاد نتيجة تعطل عجلة الإنتاج وارتفاع المطلبيةالاجتماعية".
وأشارت إلى أن توقف نشاط البترول وتعطل إنتاجالفوسفات نتيجة الاحتجاجات الاجتماعية أثر فعليا على الاقتصاد، وساهم في توجهالدولة لسياسة الاقتراض من الخارج لتغطية العجز الحاصل في موازنتها.
وأضافت: "تونس ليست معزولة عن العالم، والوضع الاقتصادي المتردي الذي تعيشه البلاد يعرفه القاصي والداني، ولزاما علىرئيس الحكومة مصارحة التونسيين بالواقع، ودفعهم نحو الإنتاج وثقافة العمل".
وأشارت في ختام حديثها إلى أن "عباراتمن قبيل الحرية والديمقراطية باتت مبتذلة، ولم يعد التونسيون يفهمون حدودها ومن أينتبدأ وأين تنتهي".
مزيد من التفاصيل