حذر خبير أمني إسرائيلي بارز، من اعتماد"إسرائيل" في سياسية عملها ضد إيران في سوريا على المعلومات الاستخباريةالتي "تستند إلى أرجل قوية"، والتي قد تصبح رغم قوتها في يوما ما مضللةوغير صالحة، وهو ما قد يتسبب بتدفيع "تل أبيب" ثمنا باهظا.
وبين الخبير الإسرائيلي في الأمن القومي وأستاذالعلوم السياسية بجامعة حيفا أوري بار يوسف، أن "استعداد إسرائيل لتصعيدالمواجهة مع إيران في سوريا، تم التعبير عنه ليس فقط برد عسكري مباشر وكثيف على أيمحاولة لتغيير قواعد اللعب التي نشأت قبل سنوات، بل بتحمل المسؤولية المباشرة عن تنفيذعمليات، التي في السابق بقيت في سياق الغموض".
ونوه إلى أن "هذا الاستعداد الإسرائيلي للذهابحتى حافة العتبة وتجاوزها أحيانا، يرتبط بشكل وثيق بمنع الحرب، التي فيها ترسانةالصواريخ الموجودة لدى حزب الله والتي سيتم استخدامها ضدنا".
ولفت الخبير بار يوسف في مقال له بصحيفة"هآرتس" العبرية، إلى أن "تقدير الاستخبارات الإسرائيلية الذي يقففي مركز هذه السياسة، يوضح أنه في الظروف الحالية لا توجد مصلحة لكل الخصوم فيالساحة الشمالية في التصعيد الذي يمكن أن يؤدي إلى حرب".
وأضاف أن "هذا التقدير بني على تقدير الوضعالذي بحسبه طالما أن الصراع الداخلي في سوريا لم ينته، فليس للتحالف المنتصر أيمصلحة في خلق مواجهة جديدة"، لافتا إلى أن "هذا التقدير يرتكز أيضا علىمعلومات من مصادر سرية تعزز هذا المنحى، وعلى أجهزة استخبارات صديقة تعزز هذاالتقدير".
اقرأ أيضا: استطلاع يبين آراء الإسرائيليين بالتهديدات الوجودية والمستقبل
وأكد أن "المفهوم الاستخباري الإسرائيلي فيالمواجهة مع إيران في سوريا، يستند إلى أرجل قوية"، منوها أن "المشكلةمع هذه المفاهيم التي في أساسها تقدير للنوايا، أنها معرضة لتغييرات شديدة منشأنها أن تؤدي لنتائج خطيرة، ولإسرائيل توجد تجربة صعبة في خطأ التقدير من هذاالنوع، فحربان من الحروب الكبرى كانت نتيجة للخطأ في التقدير".
الحرب الأولى؛ وهي حرب الأيام الستة عام 1967،"ففي السنوات التي سبقت الحرب استخدمت إسرائيل سياسة عدوانية على الحدود السوريةلمنع مراكمة التهديدات، وفي إطار ذلك قامت بتصعيد الأحداث بهدف ضرب الجيشالسوري"، وفق الخبير الإسرائيلي الذي نبه أن "النشاطات بلغت الذروة فيشهر نيسان 1967 عندما أسقط سلاح الجو الاسرائيلي ست طائرات قتالية سورية، عدد منهافي سماء دمشق".
وأوضح أن "مفهوم الاستخبارات الذي ارتكزت عليهالسياسة، هو أن الجيش السوري أضعف من أن يواجه إسرائيل لوحده، وطالما أن الجيشالمصري منشغل في الحرب الأهلية في اليمن، فإن جمال عبد الناصر (الرئيس المصريالأسبق) لن يخاطر بمواجهة مع إسرائيل".
وبما يشبه المواجهة مع إيران الآن، "أثبت مفهوم"مستنقع اليمن الموحل" نفسه جيدا خلال السنين، والحدود مع مصر بقيتهادئة"، بحسب الخبير الذي قدر أنه "كلما تصاعدت المواجهة على الحدودالأخرى، كلما ازداد الضغط على ناصر لفعل شيء، وفي نهاية المطاف، عندما أدت تحركاتالسياسة الإسرائيلية لوضع تحد لزعامته للعالم العربي، خضع للضغط وقام بإدخال جيشهإلى سيناء وأغلق مضائق تيران وأسس تحالف عربي، شكل تهديدا حقيقيا على إسرائيل".
اقرأ أيضا: إيران ترفض التعليق على محادثات سرية بشأن برنامجها الصاروخي
وقال: "صحيح أن حرب حزيران 1956 انتهت بانتصارعسكري، لكن يجدر التذكر بأن الأمر في الأساس كان مفهوم استخباري تبين أنه مضلل،وهو يشبه المفهوم الحالي".
وأما الحرب الثانية، فهي "فشل الإنذار في حربأكتوبر 1973، وهنا المفهوم معروف أكثر، حيث وضع في أساسه أن استمرار الوضع الراهنغير المحتمل في نظر المصريين، لن يقودهم إلى شن حرب لاستعادة سيناء، وذلك لوجودتفوق للجيش الإسرائيلي على الجيش المصري"، بحسب بار يوسف.
وذكر أن "هذا المفهوم صمد لسنوات، ولكن فينهاية المطاف خاطر أنور السادات (الرئيس المصري الأسبق) وقرر شن الحرب، وفي هذهالحالة التمسك بالمفهوم أدى لنتائج صعبة جدا"، مضيفا أن "حقيقة أنالمفاهيم الاستخبارية تشبه المفاهيم الموضوعة في أساس السياسة الإسرائيلية فيالتعامل مع ايران في سوريا، فشلت في السابق، لا تدل بالضرورة على فشل متوقع فيالحاضر".
مع ذلك، "يمكننا أن نتعلم منها شيئين؛ الأول،قبل انهيار المفهوم المفاجئ تتراكم علامات، تدل على أنه ربما هذا المفهوم لم يعدصالحا، وهذا ما حدث في 1967 و 1973، وعملية إطلاق صاروخ إيراني من سوريا نحوإسرائيل يمكن أن تكون دلالة تشهد على ذلك، والثاني، هناك حدود للضغط تستطيعإسرائيل استخدامها ضد الخصم بدون أن يرد بشكل شديد".
ونبه أن "التيار الشاب المؤهل والمتحمس الذيأسقط طائرة "ميغ-21" السورية في سماء دمشق قبل حرب 1967، لم يقصد التسبببحرب، ومن أرسلوه لم يقصدوا ذلك، ولكن كان لإسقاط الطائرة تأثير كبير على حسابالربح والخسارة لعبد الناصر، وعلى قراره مواجهة إسرائيل".
واعتبر الخبير الأمني أن "التصريحات الهجوميةلرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ضد ايران يوجد لها تأثير رادع، ولكن عندما يتفاخربغطرسة بدون أي حاجة إلى ذلك، بإنجازات الجيش والموساد، فإنه يقوم بإهانة زعماءطهران، وبالتالي يمكن أن يدفعهم إلى الزاوية التي لا خيرا لهم فيها سوى العمل،وإذا عملوا سيدفعون وحلفاءهم ثمنا باهظا، ونحن أيضا سندفع".
مزيد من التفاصيل