تصاعدت الأزمةبين السلطات المصرية ومؤساتها وأذرعها الإعلامية، وبين موقع "بي بي سي" العربيةفي أعقاب نشره تقريرا قبل يومين، تحدث فيهعن "عودة حملة #اطمن_انت_مش_لوحدك في مصر وعدد من الدول، بعد الإعلان عن ما أطلقعليه اسم "نوبة الصحيان الثالثة" التي دعا لها الإعلامي المصري المعارض معتزمطر".
وتابع الموقع"في إطار الحملة نشر القائمون عليها مقاطع فيديو لم تتأكد (بي بي سي) من صحتهاتظهر نزول عدد من المصريين إلى الشوارع في عدد من المحافظات تعبيرا عن رفضهم لسياساتالرئيس عبد الفتاح السيسي، وللطريقة التي تدار فيها البلاد مطالبين جميع الناس بالنزولإلى الشارع للمطالبة بحقوقهم المشروعة على حد قولهم".
https://bbc.in/2JPWMzx
وردا على التقرير،أوصت لجنة الشكاوى التابعة للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بمصر، باتخاذ الإجراءات القانونيةحيال موقع (بي بي سي) العربية، والتي تشمل توجيه إنذار وتوقيع غرامة 250ألف جنيه أو ما يعادلها بالعملة الأجنبية لاتهامها بسب المصريين.
فيما تقدم محامونببلاغ للنائب العام، اتهم فيه "بي بي سي" العربية ومديرة مكتبها بالقاهرةنجلاء العمري، بإهانة الشعب المصري والإساءة اليه وسبه وقذفه من خلال البرامج التىتقوم ببثها، وذلك بعبارات وألفاظ غير لائقة.، على حد زعم البلاغات.
بي بي سي ترد
وأدانت الهيئةالعامة للاستعلامات في مصر، وهي تعنى بإدارة ما يخص الإعلام الأجبني وتتبع الرئاسةالمصرية، قيام هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، بنشر تقرير بثته على موقعها الالكترونيواعتبرته "تحريضيا"؛ لاحتوائه معلومات غير صحيحة ويعد "ترويجا للمحرضينعن العنف".
وتعقيباً علىبيان الهيئة قالت (بي بي سي)، إن "لديها آليات محددة ومعروفة لفحص أي شكاوى منالمحتوى التحريري الذي تقدمه. وتشير إلى أن الهيئة المصرية للاستعلامات هي الجهة المنظمةلعمل مكتب (بي بي سي) في القاهرة، كما هو الحال بالنسبة لوسائل الإعلام الأجنبي العاملةفي مصر".
وأضافت:"تؤكد (بي بي سي) أن مكتبها في القاهرة ملتزم بجميع القوانين المصرية، وأن (بيبي سي) لديها علاقة عمل بناءة مع السلطات المصرية وسوف تنخرط معها في حوار بناء فيهذا الشأن".
"ليس الصدام الأول"
لم يكن هذا الصدامالأول بين قناة (بي بي سي)، والسلطات في مصر؛ ففي شباط/ فبراير 2018 ، بثت القناة فيلمًاوثائقيا عن حقوق الإنسان تحدثت فيه عن قضية الإخفاء القسري، حيث تضمن الفيلم شهادةلسيدة قالت إن ابنتها، وتدعى "زبيدة"، مختفية قسريا داخل مصر، ما أدى لردودفعل غاضبة لدى السلطات المصرية.
وأصدرت الهيئة الوطنية للإعلامحينها قرارا بتعليق أي تعاون إعلامي مع (بي بي سي) حتى إشعار آخر "يشمل كافة أنواعالتعاون الإعلامي من بروتوكولات واتفاقيات".
كما دعت الهيئةالعامة للاستعلامات جميع المسؤولين المصريين، ومن يرغب من قطاعات النخبة المصرية إلىمقاطعة (بي بي سي) العربية، والامتناع عن إجراء مقابلات أو لقاءات إعلامية مع مراسليهاومحرريها حتى تعتذر رسميا على ما ورد في التقرير.
وهاجم البرلمانالمصري قناة (بي بي سي) العربية، ودعا الأجهزة المختصة في مصر لاتخاذ موقف حاسم ضدها.
ودعا المتحدثباسم مجلس النواب المصري، صلاح حسب الله، في بيان، الأحد، حصلت "عربي21"على نسخة منه، المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بفتح تحقيق فيما وصفه بـ"واقعة توجيهالقناة إهانات للشعب المصري".
"حجب وترهيب"
واتهم خبراءإعلاميون وصحفيون في تصريحات لـ"عربي21" السلطات المصرية بمحاولة ترهيب وسائلالإعلام الأجنبية ومنعها من الحصول على المعلومات والبيانات اللازمة لعملها، وترددهافي منعها وحجبها على غرار مئات المواقع الأخرى التي حجبتها السلطات خشية تصعيد الأزمةمع مؤسسات إعلامية أجنبية كبرى.
ولجأت السلطاتالمصرية إلى حجب أكثر من 500 موقع على الإنترنت من بينها مواقع إخبارية وحقوقية بحسبمنظمة مراسلون بلا حدود، التي تم حجب موقعها.
وفي آب/اغسطس2018، أصدرت السلطات قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية الذي يسمح بحجب المواقع التييشكّل محتواها "تهديداً للأمن القومي".
وفي هذا السياق،قال الخبير الإعلامي أحمد الشناف لـ"عربي21": "استفز النظام المصريخروج تقرير لـ(بي بي سي) ينقل الواقع ويتحدث عن حملة #اطمن_انت_مش_لوحدك، وتصاعد الغضبفي الشارع المصري، واعتبرت الأذرع الإعلامية للسيسي أن ذلك تدخلا في الشأن المحلي،وأنه أمر مرفوض.. الخ من الاتهامات الجاهزة والمعلبة ضد من يخالف تعليمات الشؤون المعنوية".
وأضاف:"لم يشفع لمكتب (بي بي سي) في القاهرة، أن التقرير ليس من إعدادهم ولا علاقة لهمبه، ولم يحمهم الخط المنحاز للعسكر وروايته منذ انقلاب يوليو 2013، وهم الآن مهددونبالإغلاق والاتهامات الباطلة التي دأب النظام في مصر على توجيهها لكل من يخالف وجهةنظره".
تباين ردود الفعل
ووصف الكاتبالصحفي عامر شماخ رد فعل السلطات المصرية بالمتخبط، قائلا: "هكذا الأنظمة المستبدةالمصابة بخلل في الرؤية، والتي لا تفرق بين وسيلة محلية وأخرى أجنبية، إنما تريد أن تخضع الجميع لرؤيتها، وتهيئ لذلك مؤسساتها".
وأكد لـ"عربي21"أن "ما يحدث مع المؤسسة البريطانية العريقة، هو نفس ما يحدث لجريدة المشهد، والقاسمالمشترك استنفار مؤسسات وأشخاص بعينهم لجلد القناة أو الجريدة، فى أجواء تتسم بالكبتوالصوت الواحد الذي يسود الآن، بشكل غير مسبوق".
وفيما يتعلقبتناقض موقف السلطات المصرية من المواقع المحلية والأخرى الأجنبية، أرجع شماخ السببإلى أن "هذا يجرها إلى مساءلات دولية، ولو ضمن نتيجة القضاء عليها كما فعل معالوسائل المحلية ومع الجزيرة ما تردد لحظة في غلقها وتشتيت عامليها".
اقرأ أيضا: برلمان مصر يهاجم "بي بي سي" ويطالب بموقف حاسم ضدها
مزيد من التفاصيل