تناول تقرير موسع لصحيفة (ميدل إيستآي) البريطانية توجه الشباب فيإسرائيل على خلفية الانتخابات المبكرة التي ستجرى في التاسع من نيسان/ أبريلالجاري.
وسلط التقرير الذي ترجمته "عربي21" على أحد الأسواق في غربيالقدس المحتلة، وقابل العديد من الشباب هناك.
وفيما يلي نص التقرير:
إنه يوم الجمعة، ويوشك السبت على الدخول، والانتخابات على الأبواب، ولذلكمن الطبيعي أن يعج سوق محنا يهودا بالناس.
يأتي الإسرائيليون إلى هذا المكان من كل أرجاء البلاد، يتسوقون لنهايةالأسبوع يملؤون عيونهم ويزكمون أنوفهم بمشاهد وروائح هذه الأزقة المسقوفة.
عند أحد الأكشاك يقف شخص يتفحص الطماطم وقد طوى تحت ذراعه بساطاً منالنوع الذي تمارس عليه رياضة اليوغا. إلى جانبه يقف شخص آخر يحمل على كتفهبندقية.
ينتشر المئات من الشباب في أرجاء هذا السوق المسقوف، الذي يعود إلىحقبة العشرينيات من القرن الماضي، والذي يعتبر واحداً من أكثر نقاط التجمع شعبيةفي غربي القدس. وهنا يحتسون البيرة أو يشربون الكباتشينو وهم يتبادلون أطرافالحديث.
وإلى هنا جاء السياسيون الإسرائيليون ليقابلوهم.
في أجواء من الموسيقى الصاخبة يصل وزير الخارجية يزرائيل كاتز ويتجولبين الأكشاك مصافحاً المارة عارضاً عليهم التقاط صور "سيلفي" معه.
ومن ورائه يأتي جلعاد إردان، وزير الأمن والإعلام، والذي مثله في ذلكمثل كاتز، ينتمي إلى حزب ليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. كلاهمايسعيان للحصول على تأييد الناس لحزب ليكود استعداداً للانتخابات القادمة التيستجرى يوم الثلاثاء.
ليس من المفروض أن يواجها في ذلك صعوبة كبيرة، فسوق محنا يهودا الذييعرف باسم "القشرة" هو ذلك النوع من الأماكن الذي يعلق فيه أصحابالدكاكين على جدران محلاتهم صوراً كبيرة لرئيس الوزراء اليميني السابق مناحيمبيغن.
وحين يتعلق الأمر بالشباب الإسرائيليين فإن حزب ليكود يتقدم باقيالأحزاب.
يُظهر استطلاع للرأي نُشر هذا الأسبوع أن الشباب الإسرائيليين أكثرميلاً نحو التصويت لنتنياهو من التصويت لمنافسه الأقرب إلى الوسط بيني غانتس. ضمنالفئة العمرية من 18 إلى 24 سنة، يتقدم رئيس الوزراء على منافسه رئيس الجيش السابقبما يقرب من خمسين نقطة.
وبينما يلتقي كاتز وإردان بالناخبين الشباب ويسلمون عليهم فإن أكبرتحد أمامهما يتمثل في القدرة على إقناعهم بأن الليكود، والذي استمر في الحكم أكثرمن أي حكومة يمينية أخرى في تاريخ إسرائيل، هو يميني بما فيه الكفاية.
في تصريح لموقع ميدل إيستآي، تقول تامار رات إيتزيون، وهي مستوطنةتبلغ من العمر تسعة وعشرين عاماً وتعمل مهندسة معمارية وخبيرة آثار: "الليكوديميني، ولكنه ليس يمينياً بما فيه الكفاية."
وتقول تامار رات إيتزيون، التي تعيش في مستوطنة غير شرعية داخل الضفةالغربية المحتلة إنها سوف تمنح صوتها لاتحاد الأحزاب اليمينية، وهو تجمع لفصائلهامشية مثيرة للخلاف لاشتمالها على أتباع مائيركاهانا الذي كان يعتقد بتفوق العنصراليهودي وسعى إلى تخليص إسرائيل من العرب.
أحد أتباع كاهانا، واسمه مايكل بن آري، حكمت المحكمة العليا بعدمأهليته للترشح في الانتخابات بسبب تهم وجهت له بالمطالبة باستخدام العنف لحرمانالسكان العرب من حقوقهم وبالتحريض على العنصرية.
وهناك آخر اسمه إيتامار بن غفير، والذي نجى مؤخراً من مراجعة قضائية.يشاهد هو الآخر وهو يتمشى في سوق محنا يهودا محاطاً بالفتيان الملوحين بالأعلاموالذين يوزعون على المارة منشورات تدعو إلى وضع حد لنفوذ المحكمة العليا.
وتقول تامار رات إيتزيون: "هؤلاء هم ناسي وهم يدينون بالولاءلناخبيهم. أنا متدينة ولدي إيمان راسخ بمعتقداتي. لن أكذب على نفسي {وأصوت لشخصآخر} فقط لأنني لا أرغب في أن أوصم بأنني متطرفة."
إبقاء اليسار خارج السلطة
في مكان آخر يتواجد فتيان في السابعة عشرة من العمر يرتديان قميصان تيشيرت يحمل أحدهما صورة بن آري ويحمل الآخر صورة غفير.
هذان الشابان، اللذان ينحدران من مستعمرة آلي القريبة من نابلس فيالضفة الغربية، لم يبلغا السن القانونية التي تسمح لهما بالانتخاب، ولكنهما ينويانبمجرد أن يصرح لهما بذلك انتخاب الليكود، وذلك على الرغم من الصور التي يرتديانهاوبالرغم من اعتقادهما بأن نتنياهو ليس يمينياً بما فيه الكفاية.
على الرغم من أن انتخابات هذا العام تأتي في موعد مبكر بالنسبة لآموسوأوري، إلا أنهما يستعدان بعد شهور قليلة للانضمام إلى الخدمة العسكرية فيإسرائيل. كلاهما معجبان بالمرشحين الذين يتعهدون باستخدام العنف لقمع الفلسطينيينفي الضفة الغربية وفي قطاع غزة.
يقول آموس: "يجب علينا معاقبة العرب حتى يتأدبوا. بل إن قتلالعرب واجب ديني."
يؤمن آموس بأن السلام مع الفلسطينيين بكل بساطة ليس خياراً، ويظن أنهينبغي الفصل تماماً بين اليهود والعرب.
أما أوري فيقول: "لا خيار أمام الإسرائيليين سوى أن يصوتوا لصالحالليكود. أهم شيء هو إبقاء اليسار خارج السلطة."
بالطبع ليس الجميع من أتباع اليمين المتطرف. فثمة شابان قريباً منايعترفان همساً بأنهما سوف يصوتان لصالح حزب الأزرق والأبيض الذي يحسب على يمينالوسط ويرأسه غانتس.
ينحدر هذان الشابان من شريط تل أبيب ذي التوجه الليبرالي المشاكس.يقول أحدهما: "ولهذا السبب نتحدث همساً."
بعد لحظات يتجلى بوضوح الازدراء الذي يضمره سكان القدس للمدينةالمتوسطية، وذلك عندما يندلع خلاف ضمن الجمهور المحتشد حول كاتزوإيردان.
نسمع أحدهم يصيح: "تباً لك أيها اليساري، عد أدراجك إلى تلأبيب". ويتضح أنه يصيح على أحد المصورين أثناء محاولته تصوير إردان وهو يصوبإصبعه باتجاه رجل من المتدينين الأرثوذكس.
رد عليه أحدهم: "من هذا الذي تصمه بأنه يساري؟ إنك أنتاليساري."
مخالفة اتجاه السوق
لقد أصبحت كلمة "يساري" وصمة عار في المجتمع الإسرائيلي،كما تقول الدكتورة نوا لافي من الكلية الأكاديمية في تل أبيب – يافا، وذلك علىالرغم من أنها سمة طالما تفاخر بها العديد من زعماء إسرائيل الأوائل.
وقالت في تصريح لموقع ميدل إيستآي: "لقد شهدت الأعوام العشرةالماضية كماً كبيراً من الدعاية ضد اليسار. بات البعض الآن يعتبر من ينتسب إلىاليسار خائناً."
وكانت لافي قد نشرت في عام 2016 دراسة عن الشباب الإسرائيلي، خلصت إلىأن معظمهم ينتسبون إلى اليمين على خلاف أقرانهم في أوروبا الغربية.
بعد أن أجرت استطلاعاً بين الإسرائيليين الذين تتراوح أعمارهم بين 18و 29 عاماً وقارنت النتائج بدراسة مشابهة أجريت في أوروبا، وجدت لافي أن جمهوريةالتشيك ودولة المجر هما فقط اللتين اقتربت نتائجهما من النتائج الإسرائيلية.
ولاحظت لافي أنه في الولايات المتحدة ما يعرف بالجيل Z ، أي أولئك الذين ولدوا ما بين 1995 و 2008،يمثل الشريحة الأكثر ليبرالية وديمقراطية بين الناس في بلادهم. والعكس تماماً هوالحال في إسرائيل.
تقول لافي: "هناك الكثير من الأسباب المعقدة التي أثمرت هذاالتوجه. فعلى مدى السنوات العشر الماضية نشأ الجيل الجديد من شباب إسرائيل في ظلحكومة يمينية جداً جداً، وهي كل ما خبروه وعرفوه. في نفس الوقت، التوجه السائدللتعليم صهيوني جداً جداً، إلا أنه توجه لا يشجع على التفكير النقدي. كما أن وسائلالإعلام والمؤسسة العسكرية تلعب دوراً كبيراً في ذلك."
وتقول لافي إن التدين عامل آخر يساهم في ذلك، فقد وجدت من دراستها أنالشباب في إسرائيل – سواء اليهود أو الفلسطينيين – هم ثاني أكثر فئة شبابية تديناًفي العالم بعد بولندا.
وتضيف: "والالتزام الديني يصاحب الآراء اليمينية، يداًبيد."
انعدام الثقة
ولكن كون الشباب الإسرائيلي يسود في أوساطه التوجه اليميني لا يعنيبالضرورة أنهم جميعاً سيصوتون لصالح حزب الليكود.
يجلس آريال، الذي يبلغ من العمر عشرين عاماً ويعمل جندياً، داخلالمقهى بينما يتدلى ساحه من كتفه. يقول آريال إنه سئم من السياسيين الفاسدين فيإسرائيل.
نتنياهو بالذات محاط بمزاعم الفساد من كل جهة، حتى أن كثيراً منالمحللين يرون أنه ما دعا إلى انتخابات مبكرة إلا لهذا السبب.
يقول آريال، الذي ينحدر من القدس ويعتبر أن آراءه السياسية تميل نحواليمين: "المرة تلو الأخرى، لا يقدمون لنا جديداً."
ويضيف: "كل من فازوا في الانتخابات ثبت أنهم يكذبون، فكل مايهمهم هو المال والسلطة، ولا يأبهون بتاتاً بالمواطنين."
وبحسب استطلاع للرأي أجراه مركز غوتمان التابع لمعهد الديمقراطية فيإسرائيل فإن الثقة بالانتخابات متدنية. لقد قال أكثر من ربع المشاركين فيالاستطلاع إنهم لا يثقون في نزاهة الانتخابات.
ومن هؤلاء آريال الذي ينوي عدم المشاركة في التصويت.
يقول آريال: "لا يهم من سيفوز بالانتخابات، فكلهم سواء. أمانتنياهو فهو وسطي ضعيف."
(تم استبدال بعض الأسماء بناء على طلب أصحابها)
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
مزيد من التفاصيل