نشر موقع"ميديابارت" الفرنسي تقريرا سلَط فيه الضوء على الدعم الذي تقدمه فرنسالخليفة حفتر، الأمر الذي عكس ازدواجية تعامل باريس مع الملف الليبي.
وقال الموقع في تقريرهالذي ترجمته "عربي21"، إنه في الوقت الذي تعترف فيه باريس رسميا بحكومةطرابلس، فهي تدعم سرا ومنذ سنوات خصم الحكومة، خليفة حفتر في شرق البلاد. وهكذا،تمكن "الرجل القوي في برقة" من ترسيخ سلطته وبناء الجيش الذي استعملهمؤخرا لمهاجمة العاصمة. ويُهدد هذا الأمر بتأجج الأوضاع بشكل عام.
ولم تُحدد المعركةالجديدة التي شنها حتفر على العاصمة طرابلس وحكومة الوفاق، هوية الطرف المنتصرفيها بعد. في الواقع، قد لا تعرف هذه الحرب لا منتصرا ولا مهزوما إذا نجح مبعوثالأمم المتحدة وعالم السياسة اللبناني، غسان سلامة، على عكس كل التوقعات، في إقناعالأطراف المتناحرة باستئناف الحوار الذي كان من المتوقع أن ينطلق في أوائل نيسان/أبريل في مدينة غدامس الصحراوية التاريخية، والذي تم إلغاؤه بعد الهجوم علىطرابلس.
وأضاف الموقع أن هذهالمعركة أكدت بالفعل الغموض الدبلوماسي والازدواج الاستراتيجي للموقف الفرنسي إزاءالصراع الليبي. وقد ندد المتظاهرون في العاصمة الليبية بهذا الغموض والازدواجية فيالتعامل، مُتهمين باريس بمساندة هجوم حفتر سرا. أما رسميا، فتدعم باريس حكومةالوفاق الوطني برئاسة فايز السراج، في العاصمة طرابلس. وتجسد هذه الحكومة، التينتجت عن اتفاقيات السلام المبرمة في الصخيرات المغربية في كانون الأول/ ديسمبر2015 تحت رعاية الأمم المتحدة، شرعية السلطة الليبية في نظر المجتمع الدولي فيالوقت الراهن.
وبين الموقع أنه،بالتوازي مع ذلك، كانت باريس تقدم منذ سنوات عديدة دعما ملموسًا في شكل مساعدةعسكرية سرية إلى الجانب الآخر، أي قطب السلطة الذي تشكل في صيف سنة 2016 في برقةحول برلمان طبرق، الذي رفض الاعتراف بحكومة الوفاق الوطني، فضلا عن قائد الجيشالوطني الليبي، خليفة حفتر.
وقد باتت هذه اللعبةالمزدوجة لباريس، المعروفة منذ سنوات والمسكوت عنها رسميًا من طرف أصحاب المصلحةالرئيسيين لأسباب تتعلق بالمجاملة الدبلوماسية، موضع استنكار صريح اليوم من قبلالسلطة في طرابلس، التي عبّرت عن "اندهاشها وحيرتها".
وفي مقابلات له معالصحافة الفرنسية، أعرب فايز السراج عن أسفه "من دعم فرنسا المفرط لحفتر،الذي جعله يمر إلى الفعل ويخرج عن العملية السياسية". من جانبه، قرر وزيرالداخلية، فتحي باش آغا، أصيل مصراتة، وهي المدينة التي تعتبر معادية لحفتر،"تعليق أي صلة بين وزارته والجانب الفرنسي، في إطار الاتفاقيات الأمنيةالثنائية".
إقرأ أيضا: "حفتر" يقصف "طرابلس" بطيران حربي.. من أين حصل عليه؟
وأورد الموقع أنه دونأن يذكر باريس صراحة، أشار غسان سلامة إلى أن "الانقسامات الدولية" شجعتحفتر على شن هجومه على العاصمة. وأوضح سلامة أن "وحدة المجتمع الدولي بشأنليبيا كانت سطحية وظرفية". واستنتج مبعوث الأمم المتحدة أن "هناك بلداناسبق أن دعمت حفتر باعتباره بطل مكافحة الإرهاب".
وحين أثار فرانسواهولاند لأول مرة ملف النزاع الليبي مع رئيس الانقلاب بمصر، كان الوضع السياسيالعسكري أكثر فوضوية ميدانيا، على الأقل ظاهريا. ويفسر ذلك بأن التوتراتوالاشتباكات تخضع لصراعات المصالح وخطوط الانقسامات الإقليمية والقبلية والدينية،التي تُعقّدها التدخلات الأجنبية، والتي يعلمها الخبراء في المجتمع الليبي المعقدجيدا.
وتطرق الموقع إلى أنبعض هؤلاء الخبراء، لا سيما في باريس وواشنطن والعالم العربي، يتفقون على نقطةمحددة وهي أن رجلا قويا وحده القادر على إخراج ليبيا من الكارثة التي تغرق فيها.وقد عيّنت اتفاقيات الصخيرات فايز السراج رئيسًا للوزراء، لكنه واجه صعوبة كبرى فيالسيطرة على حكومته وعاصمته. ورغم الدعم الذي يتلقاه من تركيا وقطر، إلا أن السراجلا يسيطر عسكريا سوى على قوات مصراتة القوية، التي تُساعدها واشنطن ولندن وروما، ولكنهاذات قوة وإمكانات عسكرية محدودة.
في المقابل، تزايدتقوة قطب السلطة في شرق البلاد، الذي يقوض بشكل منهجي قوة طرابلس، على الصعيدينالسياسي والعسكري. وقد رفض برلمان طبرق التصويت على تنصيب رئيس الوزراء بينما لمتعترف المجالس القبلية في بنغازي ودرنة بسلطة السراج. في الأثناء، أصبح حفتر"رجل برقة القوي"، وواصل بناء "جيشه".
تجدر الإشارة إلى أنباريس تصر اليوم على أنها "تتحدث مع جميع الأطراف"، وتُذكّر بالمساعدةالتي تقدمها لفايز السراج وتؤكد أنه لم يتم تحذيرها من الهجوم على طرابلس. لكن، لايمكن لفرنسا أن تنكر دورها في تصاعد قوة حفتر، ما جعل الدعم المشترك لواشنطنوموسكو يبدو كما لو أنه يشجع على "مواصلة هذا القائد لطريقه حتىالنهاية"، وفقًا لدبلوماسي لم يكشف عن هويته.
مزيد من التفاصيل