أصدرت 13 منظمة حقوقية مصرية بيانًا مشتركًا، طالبت فيه السلطات المصرية باحترام التزاماتها وفق الدستور والقانون الدولي، واتفاقيات حماية السكان الأصليين والقبليين، التي تقضي بتمكين النوبيين من العودة إلى أراضيهم الأصلية وتنميتها، وذلك خلال 10 سنوات مضى ما يزيد عن نصفها، وعدم الالتفاف على حقوقهم عبْر آليات التعويض المختلفة.
وقالت المنظمات في بيانها المشترك الصادر اليوم الأحد، إن تعويض النوبيين بسكن أو أموال أو أراضٍ بديلة، لا يعدّ بديلًا عن حق التوطين، الذي لا يمثل فقط التزامًا دستوريًا، بل جزءًا أصيلًا من تراث النوبيين وهويتهم، وثمرة نضالهم سنوات من أجل انتزاع اعتراف بحقوقهم ومعاناتهم وتهجيرهم.
وأضافت "أن السلطات المصرية انتهجت مجموعة من السياسات والقرارات التي تقوّض بشكل فجّ هذه الحقوق، بداية من القرار الجمهوري رقم 444 لسنة 2014 الذي اعتبر أراضي 16 قرية نوبية أراضي حدودية عسكرية، لا يجوز للمدنيين العيش فيها أو الاستفادة منها، مرورًا بقراري رئيس الجمهورية رقم 355 و498 لعام 2016، اللذين صادقا على مصادرة العديد من الأراضي النوبية لصالح مشروع المليون ونصف فدان، وصولًا للقانون رقم 157 لسنة 2018 بشأن إنشاء هيئة تنمية الصعيد الذي عصف بآمال النوبيين، بعدما غفل أي ذكر لهجرة النوبيين أو حقهم في العودة إلى أراضيهم، الأمر الذي دفع النائب عن دائرة نصر النوبة بأسوان ياسين عبد الصبور لوصفه بالقانون غير الدستوري، وأنه "يمثل اغتصابًا لحقوق أهالي النوبة في إعادة تسكينهم على ضفاف بحيرة ناصر".
وفي يونيو/ حزيران 2019، صرّح الوزير المستشار عمر مروان، وزير شؤون مجلس النواب ورئيس اللجنة الوطنية المعنية بوضع القواعد والآليات التنفيذية لصرف تعويضات أهالي النوبة، عن اعتماد إجراءات صرف التعويضات للمتضررين من بناء وتعلية خزان أسوان وإنشاء السدّ العالي ممن لم يسبق تعويضهم.
وتابعت المنظمات: "تنوعت أشكال التعويضات من تعلية خزان أسوان عبر تمليكهم الأراضي التي سبق أن بنوا عليها، أو منحهم حق الانتفاع بها. أما المتضررون من بناء السد العالي، فيتم تعويض أصحاب الأراضي القابلة للزراعة، بأرض أخرى إما في منطقة خور قندي بمساحة 6000 فدان، وإما منطقة وادي الأمل بمساحة 1200 فدان. أما المستحقون للمساكن فيكون تعويض مالك المسكن الواحد بمسكن آخر داخل أو خارج محافظة أسوان ضمن عدد من الوحدات السكنية المتاحة في بعض المحافظات، وللمستحق طلب الحصول على تعويض نقدي بدلًا من المسكن أو الأرض الزراعية، ويكون التعويض النقدي عن المسكن بمبلغ 225 ألف جنيه، و25 ألف جنيه عن الفدان الواحد".
وأضافت: "رغم كل هذه القرارات الصادرة عن الدولة، وإن بدت محاولة لحل مشكلة أهالي النوبة تمتثل لتوجيهات الرئيس، فهي في حقيقتها التفاف على حق العودة وإعادة التوطين والتنمية، إذ إن توزيع النوبيين على مناطق جغرافية متفرقة في ست محافظات مختلفة، يفاقم آثار التهجير من تفكك اجتماعي للنوبيين، ويسهم في اندثار الهوية والثقافة واللغة النوبية".
وأشارت إلى أن قرار التعويض ينطوي أيضًا على مخالفة صريحة لنصّ المادة 236 من الدستور، ونكوص للحق الذي أقرّته: "تعمل الدولة على وضع وتنفيذ مشروعات تعيد سكان النوبة إلى مناطقهم الأصلية وتنميتها خلال 10 سنوات، على النحو الذي ينظمه القانون".
وقالت المنظمات: "حوَّل قرار التعويض حقوق النوبيين المنصوص عليها دستوريًا، إلى هبة أو منحة من الدولة على النوبيين قبولها أو رفضها فحسب، بعدما تم تغييبهم تمامًا عن أي حوارات مجتمعية أو نقاشات بشأن القرار، الذي لم يذكر أيضًا أي آلية للطعن على تقدير اللجان لماهية التعويض أو قيمته، فقط حق التظلم أمام اللجنة وليس القضاء على أسماء المستحقين للتعويض أو نوع التعويض المقرر من بين أشكال التعويض الواردة بالقرار، التي لا تتضمن بالطبع خيار العودة للأراضي الأصلية".
ولفتت إلى تشكيل وزير العدالة الانتقالية وشؤون مجلس النواب آنذاك إبراهيم الهنيدي، لجنة "تنمية النوبة وأسوان"، التي اجتمعت مع المواطنين النوبيين وممثلي التجمعات النوبية بأسوان والقاهرة ومختلف المحافظات، فضلًا عن ممثلي النوبة خارج مصر، واستمعت لمطالبهم بشأن العودة لوطنهم ومقترحاتهم للتنمية المتكاملة على ضفاف بحيرة ناصر. وبعد ذلك، أعدّت لجنة فرعية من 18 عضوًا مشروع قانون، يحدد اختصاصات اللجنة ومسؤولياتها للإشراف على عودة النوبيين إلى قراهم، بما في ذلك كيفية استخدام الأرض.
وأعلنت اللجنة جاهزية مشروع قانون لإنشاء الهيئة العليا لتنمية وتعمير بلاد النوبة القديمة، تمهيدًا لعرضه على البرلمان بغية إقراره. إلا أنها لم ترسله للمجلس، ولم تقدم أيّ سبب رسمي، بينما ورد في تقارير صحافية أن ممثلي جهات سيادية نقلوا رفضها لمشروع القانون لدواعي الأمن القومي.
وقالت المنظمات: "على البرلمان المصري احترام الالتزام الدستوري المنصوص عليه في المادة 236، وسرعة إصدار قانون إنشاء الهيئة العليا لإعادة توطين وتعمير وتنمية بلاد النوبة الأصلية".
وتابعت: "على الرئيس المصري إلغاء القرارات الجمهورية رقم 444 لسنة 2014 بتخصيص أراضي 16 قرية نوبية كأراضٍ حدودية عسكرية، والقرارين رقم 355 و498 لسنة 2016 اللذين يصادقان على مصادرة العديد من الأراضي النوبية لصالح مشروع المليون ونصف فدان. وعلى البرلمان المصري تعديل قانون إنشاء هيئة تنمية الصعيد رقم 157 لسنة 2018 ليتوافق مع الدستور المصري، وتحديدًا المادة 236 بما يلبي حق النوبيين في العودة إلى أراضيهم وكذلك في تنمية تشاركية".
مزيد من التفاصيل