أطلقت قوات الأمن العراقية، صباح اليوم الجمعة، النار، على عشرات المتظاهرين وسط بغداد؛ وذلك في اليوم الرابع من الاحتجاجات التي قتل خلالها 35 شخصاً، وفق آخر حصيلة. وتأتي الهجمة الأمنية على التظاهرات غداة خطاب لرئيس الحكومة العراقي عادل عبد المهدي، وعد خلاله بالإصلاحات، لكن يبدو أن وعوده لم تقنع المتظاهرين، الذين خرجوا يحتجون في بغداد وذي قار وميسان والقادسية والنجف ومدن أخرى في واسط وكربلاء والبصرة وبابل.
وبحسب ما أفادت به وكالة "فرانس برس"، فإن قوات الأمن أطلقت النار على المحتجين الذين يرفعون عدة مطالب منها رحيل المسؤولين "الفاسدين" ووظائف للشباب. فيما ذكرت وكالة "الأناضول"، أنّ حصيلة الضحايا في الاحتجاجات ارتفعت إلى 35 قتيلاً.
وكان الرئيس الوزراء العراقي قد وجّه في ساعة متأخرة من ليلة الخميس، كلمة مسجّلة للشعب العراقي، أطلق خلالها حزمة من الوعود الإصلاحية، ومحذرا، في الوقت نفسه، مما وصفها بـ"الفوضى وخيار اللادولة"، بسبب الاحتجاجات التي اجتاحت بغداد ومدن جنوب ووسط العراق منذ أيام.
ولا يزال حظر التجوال والانتشار العسكري الكثيف في الشوارع والساحات العامة وأمام المباني الحكومية، على أشدهما، كما أن شبكة الإنترنت التي أعيدت لبضع ساعات فقط، بالتزامن مع كلمة عبد المهدي، قطعت مجددا.
ووفقا لمصادر أمن وشهود عيان وناشطين في بغداد، فإن القوات الأمنية ما زالت تغلق جسور الجمهورية والسنك والمعلق الرابطة بين الكرخ والرصافة ببغداد بالحواجز الإسمنتية، بينما تنتشر مدرعات بمحيط المنطقة الخضراء وشارع الصالحية المتجهة إلى فندق الرشيد، حيث تقع السفارة الإيرانية، إضافة إلى استمرار وجود قوات الجيش والشرطة الاتحادية وجهاز مكافحة الشغب في الكفاح والفضل والخلاني والنهضة والحسينية والصدرية، وسبع البور والتاجي والزعفرانية، التي شهدت أمس عددا كبيرا من الضحايا بفعل إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين.
وما زالت مدن الشطرة والرفاعي والمشخاب والكحلاء والكوفة والديوانية والعمارة والمديّنة وعلي الغربي وسوق الشيوخ والناصرية، ومناطق وبلدات أخرى في الجنوب العراقي، حتى التاسعة من صباح اليوم الجمعة تخضع لإجراءات أمنية مشددة وانتشار عسكري وحظر للتجوال، وسط اعتقالات واسعة أكدها أكثر من مصدر لـ"العربي الجديد"، طاولت ناشطين ومشاركين في التظاهرات.
ووفقا لمسؤول أمني عراقي، فإن الإجراءات تأتي تحسبا من خطب الجمعة في النجف وكربلاء وبغداد، وما ستسفر عنه أو ما ستتحدث به المرجعية الدينية ووكلاؤها في المحافظات الأخرى، مبينا أن التجمعات البشرية ستكون بعد خطب الجمعة مصدر تظاهرات كبيرة، لذا الاستنفار الحالي على أشده، مؤكدا أن الإجراءات الأمنية ستستمر حتى إشعار آخر.
خطاب مليء بالمغالطات
واعتبر مراقبون أن خطاب رئيس الوزراء، ليلة أمس، غير موفق، بل ومستفز، كونه حمل مغالطات وتزييفا للحقائق، من بينها توجيه الشكر لقوات الأمن على حفاظها على أمن المواطنين والمتظاهرين رغم سقوط أكثر من 35 قتيلا ونحو 1200 جريح.
وقال الخبير بالشأن العراقي أحمد الحمداني، إن وعود عبد المهدي في خطابه هي نفسها وعود كل انتخابات من القوى السياسية وبنود برامج الحكومات الانتخابية منذ عام 2003. ووتابع: "الشارع فقد ثقته بالحكومات، لذا كان على عبد المهدي أن يبحث عن غير تلك الوعود في حديثه مع العراقيين".
ومن أبرز ما جاء في خطاب عبد المهدي أسفه على ما وصفه بـ"حرف مسار التظاهرات عن سلميتها"، وأن "العراق أمام خياري الدولة واللادولة"، وأنه "لا توجد حلول سحرية، ولا يمكن للحكومة أن تحقق كل المطالب خلال سنة واحدة"، وأنه ورث البطالة والفقر ولم يصنعهما، وأن التصعيد في التظاهرات بات يؤدي إلى خسائر وإصابات.
وطالب رئيس الوزراء العراقي بعدم الالتفات إلى دعوات العودة إلى الوراء، كما وعد بمشروع منح راتب شهري لكل عائلة لا تتوفر على دخل كاف، وطالب بإعادة الحياة إلى طبيعتها في مختلف المحافظات واحترام سلطة القانون، وأن التصعيد في التظاهر "بات يؤدي إلى إصابات وخسائر في الأرواح، وأن الدولة تضع ضوابط صارمة لعدم استخدام العنف المفرط"، كما تحدث عن تقديم 1000 موظف حكومي متهم بالفساد إلى المحاكمة.
مزيد من التفاصيل