فورين بوليسي: هل ينتهز ترامب الفرصة لوقف الحرب باليمن؟

[المستشار الصحفى]

الصحف المصرية والعربية

نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا لنائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، أبريل لونغلي ألي، تشير فيه إلى أن كلا من الرياض والحوثيين، قاموا منذ هجوم أيلول/ سبتمبر على المنشآت النفطية السعودية، بأخذ خطوة للوراء من الحرب الشاملة، قائلة إنه يجب على الأطراف جميعها، بمن فيها أمريكا، اغتنام هذه الفرصة لحل الصراع.




وتبدأ ألي مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، بالقول إنه "مع مشكلات الرئيس ترامب في أمريكا وفي الخارج، فإنه يمكن لإدارته الاستفادة من هذا المكسب، فهناك ثمرة قريبة للقطف في اليمن، وآثار مثل ذلك النجاح ستتجاوز حدود البلد الفقير الذي مزقته الحرب، فقد عرض الحوثيون التهدئة، وإن تم البناء على هذا العرض بسرعة فقد يكون ذلك سبيلا لأمريكا للخروج من حرب دموية لا يمكن كسبها والتي تسببت بأسوأ كارثة إنسانية، وستقلل التهديد للبنية التحتية النفطية السعودية في وقت يتصاعد فيه التوتر مع إيران، وسيؤدي ذلك إلى تهدئة أوسع داخل اليمن، وربما على مستوى المنطقة".




وتشير الكاتبة إلى أن "الحوثيين قد أعلنوا في 20 أيلول/ سبتمبر تعليق الهجمات على السعودية من جانب واحد، وطلبوا في المقابل أن توقف السعودية غاراتها الجوية، وأن ترفع القيود على الوصول إلى شمال اليمن".




وتلفت ألي إلى أن "الحوثيين فعلوا ذلك بعد إعلان المسؤولية عن هجمات 14 أيلول/ سبتمبر ضد منشآت نفطية تابعة لأرامكو، وهو ادعاء لم يصدقه الكثير، وجعل الحوثيين يظهرون في عيون مناوئيهم بأنهم أقرب لإيران من أي وقت مضى، وفي الوقت الذي يقوم فيه الحوثيون بشكل روتيني بإطلاق صواريخ ويرسلون طائرات مسيرة إلى الأراضي السعودية، إلا أن الخبراء يقولون إن الهجوم المكثف والمتطور يشير إلى إيران، وبحسب المسؤولين السعوديين والأمريكيين فإن الهجوم جاء من الشمال وليس من اليمن في الجنوب".




وتجد الكاتبة أن "المثير للدهشة هو أن رد الفعل السعودي على العروض الحوثية كان في غالبه إيجابيا، ولم يوقفوا الغارات الجوية، لكنهم قللوها في بعض المناطق، وسمحوا لعدد من شحنات الوقود بالدخول للمناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، وإن لم تكن تلك كافية لمعالجة أزمة الوقود، وقام الحوثيون بإطلاق سراح حوالي 300 أسير، بمن فيهم ثلاثة سعوديين من جانب واحد، وتبادل الطرفان إشارات علنية إيجابية على غير العادة، مظهرين الرغبة في التهدئة، وفتحا قناة حوار خلفية، بحسب التقارير".




وتنوه ألي إلى أنه "بالنسبة للرياض فإن إنهاء الحرب في اليمن أصبح أكثر إلحاحا بعد الهجمات على أرامكو، التي جعلت السعوديين يدركون ثمن الحرب مع إيران، في الوقت الذي تركت فيه ثغرة كبيرة في مظلة الأمن الأمريكي، وعلى الأقل فإن حرب اليمن هي عبارة عن لفت خطير للانتباه يجعل السعوديين يركزون جنوبا، في الوقت الذي يجب أن يكون انتباههم في اتجاه آخر".




وترى الكاتبة أن "الحرب تختبر وتكشف نقاط الضعف العسكرية للمملكة، بالإضافة إلى أنها تمنح الإيرانيين إمكانية الإنكار من خلال إعلان الحوثيين المسؤولية عن الهجمات، وليست هناك خيارات عسكرية سهلة تقلب الطاولة على الحوثيين، وبعد أن منعت الأمم المتحدة الهجوم على الحديدة، التي يسيطر عليها الحوثيون في كانون الأول/ ديسمبر 2018، قامت الإمارات بإعادة نشر قواتها، والآن لا ترى فائدة من الاستمرار في الحرب في الشمال، بعد أن وصلت إلى طريق مسدود".




وتقول ألي: "يبدو أن الخيارات السياسية توافقت بطريقة توفر مخرجا من الحرب التي تسببت بأضرار إنسانية لا يمكن حصرها، وتهدد بأن تصبح سببا في اشتعال حرب إقليمية، ويجب أن تستغل هذه الفرصة خاصة من أمريكا، المشاركة للرياض في الحرب، ويمكنها الآن أن تقنع حلفاءها السعوديين بالتوصل إلى تفاهم مع الحوثيين، يتضمن حدا من الهجمات العابرة للحدود".




وتجد الكاتبة أنه "في حال نجاحها، فإن هذا سيكون أساسا لوقف إطلاق النار بوساطة الأمم المتحدة بين المتحاربين اليمنيين -بمن فيهم الحوثيون والحكومة اليمنية والانفصاليون الجنوبيون الذين تدعمهم الإمارات، من بين آخرين- بالإضافة إلى العودة للمفاوضات بين اليمنيين لإنهاء الحرب الأهلية، لكن هذه الفرصة لن تبقى متوفرة إلى الأبد".




وتعتقد ألي ان "عروض التهدئة هشة ويتم التراجع عنها بسهولة، فعدم إمكانية التوصل إلى اتفاق مشترك لمعالجة الغارات الجوية والوقود سيجعل الحوثيين بالتأكيد يتراجعون عن عرضهم، حيث ستعود الهجمات وربما تتكثف، ومن ناحيتهم، فإن السعوديين سيرغبون في الحصول على ضمانات من الحوثيين بألا يستخدموا التهدئة على الحدود لإعادة الحشد والتموضع والقيام بالزحف ضد خصومهم من اليمنيين في اليمن وعلى الحدود السعودية".




وتفيد الكاتبة بأن "التقارير ذكرت بأن المتشددين من الحوثيين عارضوا وقف الهجمات من طرف واحد، وبعضهم يرى أن حربا إقليمية ينحازون فيها إلى جانب إيران لا بد من وقوعها، بل إنها مفيدة لهم؛ لأنها ستحرف التركيز السعودي عنهم، وإلى الآن يبدو أن الأصوات البراغماتية من بين القيادة الحوثية هي التي نجحت، لكنها تحتاج إلى شريان حياة".




وتقول ألي: "يبدو أن السعوديين يمنحونهم ذلك، ويجب على أمريكا أن تشجع هذا التحول، وتضاعف جهودها الدبلوماسية لإنهاء هذه الحرب، والحد من بقاء اليمن نقطة ساخنة قد تؤدي إلى حرب إقليمية، وقد يقول المتشككون بأن هذا مستحيل، حيث أنه إن زاد التوتر الإقليمي فإن إيران ستستخدم الحوثيين في ضرب السعودية، نعم بالتأكيد إن استمرت الحرب في اليمن فإن هذا هو ما سيحصل".




وتشير الكاتبة إلى أن "الحوثيين واضحون بأنهم إلى جانب طهران إن اندلعت حرب إقليمية، وكانت الحرب في اليمن لا تزال قائمة، لكنهم أيضا قالوا، خلال حوارات مع مجموعة الأزمات الدولية، بأنهم يريدون التهدئة مع السعودية، وأنهم سيبقون على الحياد إن انتهت الحرب في اليمن، فليس هناك ما تخسره السعودية وأمريكا، بل إنهما ستكسبان إن قبلتا هذا المقترح".




وتجد ألي أنه "في أفضل الأحوال ستؤدي التهدئة في اليمن إلى تخفيف التوتر بين حلفاء أمريكا وإيران، خاصة إن ظهر الإيرانيون بأنهم على الأقل لا يقوضون أي اتفاقيات يتم التوصل إليها مع الحوثيين، وإن تم التوصل بنجاح إلى اتفاق، يمكن للإيرانيين التواصل بهدوء مع الرياض وغيرها والقول بأنهم لا يعارضون ويشجعون الحوثيين على التهدئة".




وترى الكاتبة أن "البدائل بائسة، فإن فشلت هذه المبادرة فإن الأشخاص الذين دعموا المبادرة من الحوثيين سيتم تهميشهم، وستستمر الحرب في الغالب بحدة زائدة من الجانبين، وسيزيد الحوثيون من تمسكهم بإيران، وفي ضوء التوترات الإقليمية قد تكون اليمن هي النقطة الساخنة التي تشعل حربا إقليمية لا تريدها أمريكا ولا إيران، فليس من الصعب تخيل هجمات حوثية على السعودية تتسبب بإصابات بين الأمريكيين".




وتلفت ألي إلى أن "خصوم الحوثيين، بمن فيهم بعض صناع القرار السعوديين والأمريكيين، يرون بأن النهج الأفضل هو من خلال الاستمرار في الحرب والخنق الاقتصادي، ما سيضعف الحوثيين محليا، ويحد من التهديد الذي يشكلونه للمملكة، لكن التجربة تعلمنا غير ذلك، فحوالي خمس سنوات من هذه السياسة نجحت في الحد من سيطرة الحوثيين في الأراضي الشمالية، وإن كان ذلك بدفع ثمن إنساني باهظ".




وتستدرك الكاتبة بأن "الحوثيين انتصروا في الحرب في الشمال الغربي، وأحكموا قبضتهم على تلك المناطق، بما فيها العاصمة، بالإضافة إلى أنهم اقتربوا أكثر من إيران، التي كانت علاقتهم بها محدودة قبل عام 2015، وحصلوا على أسلحة جديدة لتهديد الجيران في الخليج والمياه الدولية، ولن يجلب الاستمرار في الاستراتيجية ذاتها نتائج أخرى".




وتعتقد ألي أن "التهدئة بين السعودية والحوثيين ليست الحل الشافي، فحرب اليمن ذات طبقات كثيرة ومحاور كثيرة، والصراع الإقليمي لا يشكل سوى الطبقة العليا في الحرب الأهلية التي تتفشى في جسد اليمن بشكل لا يمكن حله إلا من اليمنيين أنفسهم، ومع مرور الوقت صاغ البعد الإقليمي الصراع وحوله، وشكل في المحصلة عائقا أمام اليمنيين للتوصل إلى حل داخلي، بما في ذلك مساعدة اقتصاد حربي مربح".




وتختم الكاتبة مقالها بالقول إنه "بالمقارنة مع البدائل فإن بداية التهدئة المعروضة في اليمن صفقة جيدة، لكنها قد لا تكون متوفرة لفترة طويلة، فعلى إدارة ترامب تبنيها والبناء عليها وتشجيع حلفاء أمريكا على فعل الشيء ذاته".




لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)




مزيد من التفاصيل