أكد سياسيون ومختصونمصريون، أن تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، المتعلقة باستعداد بلاده لشنالحرب ضد مصر من أجل الدفاع عن سد النهضة، وضعت مصر أمام خيارات محدودة تمتلكإثيوبيا وحدها كل خيوطها.
وحسب المختصين الذينتحدثوا لـ"عربي21"، فإن تصريحات آبي أحمد التي أطلقها من داخل برلمانبلاده قبل القمة الروسية الإفريقية في سوتشي بروسيا، والتي كان يعول عليها رئيسنظام الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، الكثير من الآمال في حلحلة تعثرالمفاوضات الثلاثية حول سد النهضة، تشير إلى أن إثيوبيا حددت خطواتها جيدا في مايتعلق بأية ضغوط دولية عليها.
وكان رئيس البرلمانالمصري علي عبد العال، رفض الاستجابة لمطالب النواب أثناء عقد جلسة البرلمانالعامة، للتعليق على تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي، بشكل رسمي من البرلمان، معللاذلك بأنه "لا يجب أن ننساق وراء تصريحات لا نعلم مدى صحتها حتى الآن"،مؤكدا أنه يفضل العودة لوزارة الخارجية للتأكد من صحة هذه التصريحات.
المصالح المشتركة
وفي تعليقه لـ"عربي21" على التصعيد الإثيوبي الأخير، يؤكد مساعد وزير الخارجية المصريالأسبق، السفير عبد الله الأشعل، أن الفشل المصري في إدارة ملف السد، هو الذيأوصلنا لهذه النتيجة، خاصة أن طموحات المصريين في القيام برد حاسم ضد تعنتإثيوبيا كانت مرتفعة خلال الأيام الماضية.
ووفق الأشعل فإن بيانالخارجية المصرية للرد على تصريحات آبي أحمد، كان "مخيبا للآمال، وأظهرالجانب المصري بشكل ضعيف"، موضحا أن التصريحات الإثيوبية لها العديد منالأبعاد المحلية والدولية، حيث يعاني رئيس الوزراء الإثيوبي من أزمات داخلية دفعتهلتصعيد نبرته ضد مصر، بالإضافة إلى أنه يستبق قمة سوتشي بوضع خطوط فاصلة في مايتعلق بأي تدخل دولي في الأزمة.
ويشير مساعد وزيرالخارجية الأسبق إلى أن المفاوض المصري "فشل في إدارة الملف منذ بدايتهلنهايته"، محملا كل الأجهزة المعنية بإدارة الملف، المسؤولية المباشرة في ذلك،لإصرارها على عدم الاستماع لأراء الخبراء والمختصين، والعمل في عكس كل الاتجاهاتالممكنة.
ويرى الأشعل أن الحلالعاجل هو تشكيل لجنة وطنية قومية لها صلاحيات، وتضم المتخصصين والخبراء فيالقانون الدولي والمياه والتفاوض والعلاقات الدولية والإفريقية، لإنقاذ ما يمكنإنقاذه بعد أن أعلنت الحكومة فشلها وعجزها في التوصل لحل سياسي، موضحا أن الموضوعيمثل حياة أو موت بالنسبة للمصريين، ولا يحتاج للمزايدات السياسية الرخيصة.
إقرأ أيضا: إسرائيل تنفي نصب نظم دفاعية لحماية سد النهضة الإثيوبي
وعن استغلال السيسيلقمة سوتشي في الضغط على إثيوبيا، يؤكد الأشعل أن النظام المصري فشل في استغلالرئاسته للاتحاد الإفريقي، ولا يمتلك وسائل ضغط دولية لدفع إثيوبيا لتغيير مواقفها،كما أن بيان الخارجية المصرية الأخير، استبعد العمل العسكري بشكل واضح، وبالتالي فإنهيجب التعامل مع إثيوبيا وفقا لمبدأ المصالح المشتركة.
ونوه الأشعل إلى أنفكرة اللجوء للمؤسسات الدولية كورقة ضغط يمكن استخدامها، أو البحث عن وسيط أمريكيأو دولي، هو مضيعة للوقت، مشيرا إلى أن الذين منحوا رئيس الوزراء الإثيوبي جائزةنوبل، كانوا على علم كامل بتطورات الأوضاع في سد النهضة وتأثيره السلبي على مصر،ولذلك فليس مستغربا أن يتمادى الرجل في مواقفه المتعنتة لرفع شعبيته الداخلية.
ووفق الأشعل فإن الحلفي المفاوضات المباشرة والموسعة مع الجانب الإثيوبي، والبحث عن حلول علمية حقيقيةتخدم مصالح البلدين.
سد مقابل سد
من جانبه يرى رئيسلجنة الدفاع والأمن القومي السابق، بمجلس الشوري المصري رضا فهمي لـ"عربي21"، أن تهديدات آبي أحمد نتيجة طبيعية للموقف الضعيف الذي ظهرعليه نظام الانقلاب العسكري برئاسة السيسي، والذي كان حريصا على اتهام ثورة ينايربأنها السبب في بناء السد، وكأن الشعب المصري هو الذي فشل في التفاوض مع إثيوبيا،أو أن الثورة هي التي وقعت على وثيقة التنازل عن حقوق المصريين في مياه النيل،في ما يعرف باتفاق الخرطوم الإطاري.
وقال فهمي إن التصعيدالإثيوبي يغلق الباب أمام أي تطور كان يمكن أن يشهده اللقاء المرتقب بين السيسيوآبي أحمد في روسيا، كما أنه يضع مصر أمام الخيارات التي تطرحها إثيوبيا فقط، وإلافإن الخيار العسكري الإثيوبي أصبح موجودا، وهو ما ألمح إليه رئيس الوزراء الإثيوبيبإمكانية ضرب السد العالي، بمعنى أن السد المصري أصبح مقابل السد الإثيوبي.
ووصف رئيس لجنة الدفاعوالأمن القومي السابق، الرد الرسمي للخارجية المصرية، بـ"الهزيل والضعيف"والذي لا يمثل الشعب المصري، خاصة أنه تعامل بانبطاح شديد أمام التهديداتالإثيوبية الواضحة والتي لا تحتمل اللبس، وكأن الجيش المصري بكل إمكانياته وقدراتهوالأسلحة الكثيرة التي تعاقد عليها خلال السنوات الماضية، أضعف من مواجهة إثيوبيا.
وطالب فهمي الشعبالمصري بالتحرك للدفاع عن بقائه وحقوقه في مياه النيل، وعدم الانتظار لتحرك النظامالعسكري، الذي يجب محاكمته بتهمة الخيانة العظمى، وتعريض الأمن القومي المائي لمصرلهذا الخطر الذي يهدد حياة الشعب المصري بشكل عام.
مزيد من التفاصيل