تنعدم الحلول للأزمةاللبنانية الحالية مع بروز انقسامات حادة وتباينات في كيفية الخروج من "عنقالزجاجة" وسط التراشق بين المكونات السياسية وتبادل الاتهامات بين أقطابها،فيما تستمر التظاهرات الحاشدة لليوم الحادي عشر على نسق متصاعد للمطالبة بإسقاطالنظام بكامل رموزه.
غير أن الأزمةالاقتصادية والحياتية التي كانت الدافع لخروج مئات الآلاف من اللبنانيين الىالساحات تفرض واقعا جديدا، فالمؤشرات تدلل على إمكانية انفلات الوضع التجاريوالمالي والاقتصادي في حال استمر الشلل في البلاد، كما أن أسعار السلع مرشحةلارتفاع غير مضبوط ما يعمق من أزمة البلد والمواطن.
ورأى عضو مجلس القيادةفي الحزب التقدمي الاشتراكي بهاء أبو كروم أن "المعطيات كافة تشير الى أنلبنان يمر بأخطر أزماته التاريخيه على الصعيدين الاقتصادي والسياسي"، لافتافي تصريحات لـ"عربي21" الى أن "الشعب اللبناني خرج الى الشارع وملأالساحات تعبيرا عن حجم القهر والحرمان الذي وصل إليه بفعل تفاقم الأزمة الاقتصاديةوافتقاده لأبسط مقومات العيش الكريم، وفي الوقت نفسه خرج المتظاهرون رفضا لهذهالتركيبة السياسية ومنطق التعايش فيما بينها على الرغم من الاختلافات الجوهرية فيسياساتها وتوجهاتها".
ودعا أبو كروم الىقراءة هذا "الغضب" رافضا الاستخفاف بالشعارات التي يرفعها المتظاهرون،وقال: "مطالبهم محددة ويجب أخذها بعين الجدية بخلاف ما يحصل حاليا من تعاطسلبي مع تلك المطالب وعدم الاكتراث بما يطمح إليه المحتجون"، مبينا أن تلكالمطالب ترتكز على "استقالة الحكومة أو إحداث تغيير حقيقي في تركيبتها الحالية".
وحمّل من أسماهم وزراءالعهد (التيار الوطني) المسؤولية عن الوضع القائم، قائلا: "الوزراء الموالونلرئيس الجمهورية أضروا بسمعة العهد من خلال أدائهم بدءا من التوترات التي حصلتمؤخرا لا سيما حادثة قبر شمون في ظل الخطاب الطائفي الممجوج الذي اعتمدوا عليه فيالآونة الأخيرة"، محملا صهر رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني جبران باسيلالمسؤولية عن "الهوة الحاصلة بين اللبنانيين والعهد".
إقرأ أيضا: استمرار احتجاجات لبنان للأسبوع الثاني.. ومحاولة لفتح الطرق
وطالب أبو كروم رئيسالحكومة بالعمل بشكل محدد على "إحداث التغيير ومنح اللبنانيين الثقة بأنمطالبهم أخذت بالاعتبار، وبأن الاصلاح السياسي بدأ جديا وصولا الى تحقيق الانتعاشالاقتصادي المأمول"، وعن مدى إمكانية ترميم الثقة في ظل مطالبة التظاهراتبتنحية الطبقة السياسية كاملة، قال: "لم نكن بعيدين عن نبض الشارع، والثابتأننا كنا من السباقين في الاعتراض على هذا الأداء الحكومي من خلال مواقفنا وممثليناداخل مجلس الوزراء، ورفعنا الشعارات نفسها التي ينادي بها الشارع الغاضبحاليا".
وأردف: "رفعناالصوت الاحتجاجي مرارا بهدف ترميم الثقة من خلال احتضان هذا الحراك أولا ومن ثمالحرص على عدم تبني خيارات إخماده والاعتداء عليه أو تخوينه وتصنيفه بأنه جزء منمؤامرة خارجية".
وأضاف أبو كروم: "لايمكن ربط لبنان بمنظومة الفسادالموجودة في عدد من دول المنطقة لأن لبنان ليس مشابها لإيران أو العراق أو أي دولةفي المنطقة"، مشددا على أن "منطق التعميم ومقاربة الوضع اللبناني بمايحصل في دول الجوار لا يمر على اللبنانيين، ومن المفيد تكريس الديمقراطية الحقيقيةفي لبنان وعدم الاستمرار في سياسة الاستبداد السابقة".
وحول إمكانية خفض سقفالمطالب لدى الحراك لتفادي التردي المتسارع والانهيار الاقتصادي وارتفاع الأسعار،رأى أن "الوضع الاقتصادي يدفع الجميع الى الاسراع في إيجاد المخارج والحلولفيما يقع العبء الأكبر على رئيس الحكومة سعد الحريري الذي يمتلك خيارات متعددة فيهذا المجال"، مشيرا الى أن "اللبنانيين الذين يتظاهرون يوميا يدركون حجمالمخاطر التي تهدد بلدهم، ولذلك يرفضون أي معالجات شكلية ويطالبون بحلول جذريةللقضاء على الفساد الذي مارسته طبقة سياسية، كما يدعون الى ضرورة ضبط الوضع الماليمن خلال وقف الهدر وتمكين الاقتصاد اللبناني".
ووصف الكاتب والمحلل السياسي صلاح سلام الوضعفي لبنان بأنه "ثورة حقيقية تمر في مخاض كبير قد يكون عسيرا شأنها شأن جميعالثورات، وما يدلل على ذلك المشاهد الرديفة التي يحاول البعض تصديرها الىالمشهد"، موضح: "بعد مرور أكثر من عشرة أيام على اندلاع الثورة يتجرأالبعض على ابتداع شارع آخر، لمواجهة المتظاهرين، وهذا ما حصل فعلا حيث شهدنااعتداء على الساحات".
وتوقع سلام في حديثلـ"عربي21" أن تتصاعد الاعتداءات في الفترة المقبلة وبأشكال مختلفة، قائلا:"يحاول البعض الدفع الى صدام في الشارع تمهيدا لتفعيل سيناريوهات سياسية تخدمأجندات خاصة لجهات داخلية تحاول إجهاض أحلام اللبنانيين الذين خرجوا لى الشارعللمطالبة بالتغيير".
ورأى أن "الشارعالآخر الموالي لأطراف آخر يدفع الأمور نحو مزيد من التعقيد في ظل تفاقم الازماتالحياتية"، محذرا من "مواجهات خطرة وخسائر في الميدان في محصلة سلبيةللمواجهة التي اندلعت شرارتها في الميادين والساحات في ظل وقوف الجيش والقوىالأمنية على الحياد بينما يتوجب عليهم حماية المعتصمين في الساحات والتصدي لمنيحاول الاعتداء عليهم أيا يكن هذا الطرف".
واعتبر أن خروجتظاهرات مضادة من قبل "التيار الوطني الحر الموالي لرئيس الجمهورية ميشال عونوحركة أمل وحزب الله من شأنه تأزيم الأوضاع كافة في البلاد لا سيما الوضع الحياتيالذي يزداد سوءا"، وعن إمكانية حدوث التغيير من خلال استقالة الحكومة سريعا،قال: "الحكومة في حكم المستقيلة ويتوقف إعلان ذلك على الاتفاق على التشكيلةالحكومية الجديدة"، واصفا مجلس الوزراء الحالي "بالجسد الميت الذي ينتظرساعة دفنه والتي ستحدد بعد التوافق على البديل وبالتفاصيل كافة".
مزيد من التفاصيل