قوبل أوبريت "ملاك السلام" الذي أنتجه وبثه التلفزيون الفلسطيني الرسمي، باستياء وانتقاد كبيرين، حيث قال البعض إنه كلف الخزينة الرسمية الفلسطينية مبالغ طائلة، وهي التي تعاني من أزمة مالية خانقة تسببت بعدم قدرتها على تسديد رواتب الموظفين الحكوميين لأشهر.
كما شملت الانتقادات الكلمات التي تمجد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وهو المقصود بـ"ملاك السلام"، اللقب الذي أطلقه عليه بابا الفاتيكان عام 2015، والرؤية الإخراجية للأوبريت الذي اعتمد على ظهور كورال يرتدون ملابس تدل على تخصصات تشمل مختلف فئات المجتمع (مهندسين، أطباء، رجال أمن، مزارعين... إلخ)، متوزعين على جنبات المدرج الضخم في مدينة "روابي" الحديثة القريبة من رام الله، وسط الضفة الغربية، وفي المقدمة وعلى منصات منفصلة غنى 4 فنانين تباعًا، فيما تولى الكورس الإعادة بشكل جماعي.
وقال خالد سكر، المدير العام لتلفزيون فلسطين، في لقاء خاص بثه التلفزيون مع مجموعة من المشاركين في الأوبريت: "إنّ الوزير أحمد عساف المشرف العام على الإعلام الرسمي، لم يبخل على هذا العمل الفني، في خضم الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية".
وانتقد الناشط عامر حمدان كلام سكر قائلًا: "وكأنه يدفع من جيبه!" (يقصد عساف)، وأضاف: "بقي أن تقول إنه تبرع بسخاء عن أرواح أمواته، نقودنا تصرف بلا رقيب ولا حسيب، ثم يقول (لم يبخل كعادته)، طبعًا عندما يموت سنكتب على قبره (أمضى عمره في طاعة الله والسخاء والرخاء)".
وعن الكلفة أيضًا، كتب المصور الصحافي فادي العاروري: "إنتاج تلفزيوني جميل، أوركسترا رائعة، غناء لا يرتقي للمستوى، وبصراحة لديّ فضول لأعرف كم كلّف هذا العمل خزينة الدولة، وما فائدته! أم بات ضروريًا أن نكون كباقي الدول العربية؟".
أما نجم الستاند أب كوميدي، علاء أبو دياب، المعروف بنقده الدائم لسياسات السلطة الفلسطينية، فبثّ فيديو مباشر عبر صفحته على "فيسبوك"، تحدث فيه بإسهاب عن الإعلام الرسمي الفلسطيني، وضعفه الشديد في تناول القضايا التي تهم المواطن وتدافع عن حقوقه، متهمًا المسؤولين فيه بالإساءة للرئيس عباس بإنتاجهم لهذا العمل الفني، قائلًا: "السبيل لرفع شعبية الرئيس يكمن في إغلاق تلفزيون فلسطين".
وسخر الناشط علي عبيدات، في سلسلة منشورات، من الأوبريت، قال في أحدها: "حصل حفل عرسي على 12 ألف مشاهدة، ولم يكلفني سوى 14 كأس شاي وقهوة، ولم ينل سوى 10 تفاعلات سلبية". وقال في آخر: "يتضمن أوبريت (ملاك السلام) مقاطع تتعارض مع برنامج الرئيس وتأكيده على النضال السياسي والمقاومة الشعبية السلمية".
وقال الإعلامي الفلسطيني سعيد وليد الحاج، الذي يعيش في ألمانيا: "لو كان الأوبريت بلغة أخرى، لقلنا إنه تسويق لعباس دوليًا، ولكان ذلك مفهومًا (وإن لم يكن متفهمًا)، أما تسويقه للفلسطينيين بهذه السردية (ملاك السلام) ففيه الكثير من الاستخفاف والاستهبال، إن لم نقل السعي لكيّ الوعي، قبل أن ندخل في تفاصيل المال والهدر والتملق والكلمات وغيرها".
كما شنت منى جبران هجومًا كبيرًا على العمل على صفحتها على "فيسبوك"، وقالت: "وصلت كلفته لـ(200) ألف دولار أميركي، والرئيس عباس هو من موّله"، ووصفت الفنانين الفلسطينيين الذين شاركوا به بـ"المنافقين مع الرئيس من أجل جني الأموال"
ودافع البعض بالمقابل عن الأوبريت، ووجدوا في كلماته وصفًا لما "يبذله الرئيس عباس من جهود في سبيل إحلال السلام وإحقاق الحقوق"، موضحين أنّ تلفزيون فلسطين "قفز قفزات نوعية" في أدائه الإعلامي والإداري، حيث انتقد خالد سليمان الذي يعمل في مفوضية الإعلام والثقافة التابعة لحركة فتح، من وصفهم بأنهم "يكيلون بمكالين"، لأنهم يهاجمون العمل الفني "من منطلقات غير مهنية".
كما وصف ماهر حسين منتقدي العمل بأنهم "ثوار وسائل التواصل الاجتماعي الأبطال"، وقال: "من يضحون بأوقاتهم من أجل (اللايكات)، وينتقدون عملًا فنيًا بإمكانهم عدم مشاهدته، ولكنهم وللأسف صامتون تمامًا عن كل المشاريع التي تعزز انفصال غزة، وتضع قضيتنا في مهب الريح في زمن العقل الحمساوي المنفتح"، وتابع: "لست ضد انتقاد أي عمل فني، ولكني في الوقت نفسه لست مع جلد الذات، الهادف إلى تدمير وطنيتنا والقضاء على أحلامنا الوطنية بالتحرر والسلام".
مزيد من التفاصيل