فيالوقت الذي كان يستعد فيه السياسي الجزائري المعارض كريم طابو للخروج من السجن، الخميس،فوجئ بإحضاره لمجلس قضاء الجزائر، الثلاثاء، لمحاكمته من جديد والحكم عليه بما يُبقيهوراء القضبان ستة أشهر أخرى.
وقررمجلس قضاء الجزائر الذي يشبه "محكمة الاستئناف" على كريم طابو عقوبة سنة سجنا نافذا وغرامةبـ50 ألف دينار ، ما يعني أنه سيبقى في السجن إلى غاية 25 أيلول/سبتمبرالمقبل، إلا إذا تم الطعن في هذا الحكم وتخفيفه.
وتمتإدانة كريم طابو، أحد رموز الحراك الشعبي الجزائري، في 11 آذار/مارس الماضي،بسنة سجنا نافذا منها 6 أشهر نافذة وهو ما كان يسمح له بالخروج يوم الخميس، لكن هذاالحكم الابتدائي تم استئنافه ما أحال القضية إلى مجلس قضاء الجزائر الذي يعد هيئة تقاضمن الدرجة الثانية.
ويلاحقالقضاء الجزائري طابو الموجود بالسجن منذ 12 أيلول/ سبتمبر، بتهمتين هما: المساس بالوحدةالوطنية والتحريض على العنف، بموجب مادتين في قانون العقوبات الجزائري، وذلك على خلفيةمنشورات على صفحة حزبه (حزب الاتحاد الديمقراطي الاجتماعي) على فيسبوك، كان قد أنكر علاقته بها.
اقرأ أيضا: بسبب كورونا.. رئيس الجزائر يؤجل نقاش تعديل الدستور
وتركتالسرعة التي تم بها برمجة استئناف قضيته ثم مدة الحكم الصادر ضده، انطباعا بأن ثمةإرادة لإبقاء طابو في السجن ومنعه من الخروج، وهو ما خلّف غضبا عارما لدى محاميه الذيناستنكروا بشدة ما جرى له.
"خروقات قانونية"
وقالعبد الغني بادي وهو أبرز محامي طابو، إن هذه المحاكمة عرفت خرقا للقانون وحتى الدستورمن عدة أوجه، ما يجعل الحكم الصادر فيها مطعونا فيه من الناحية القانونية ومريبا منحيث التوقيت.
وأوضحبادي في تصريح لـ"عربي 21"، أن خرق القانون يتمثل في عدم تمكين طابو من حقهفي الدفاع الذي يضمنه له الدستور وقانون الإجراءات الجزائية ورفض طلبه تأجيل المحاكمةثم إصدار حكم عليه وهو غير حاضر بعد أن نقل لعيادة المجلس.
أماشكوك إبقائه في السجن، فيبنيها المحامي على توقيت الجلسة قبل يومين فقط من خروجه منالسجن، علما أن الاستئناف في القضية تم فقط قبل 4 أيام، ما يجعل السرعة التي تمت بهابرمجة القضية غير مسبوقة في القضاء الجزائري.
وروىبادي، أنه لم يسمع ببرمجة قضية طابو، إلا بعد أن جلب إلى جلسة المحاكمة، ونشرت إحدىالمحاميات خبرا بذلك، ليهرع هو وزملاءه إلى مجلس قضاء العاصمة ويفاجؤوا بوضع موكلهم.
وقال:"لما وصلنا إلى المجلس، كان طابو قد نقل إلى العيادة لأنه لم يتحمل ما جرى لهوارتفع ضغط دمه ما تسبب له في نوبة لا نعلم حجم تأثيرها عليه، لأننا لم نُمكّن من رؤيته.لكن حسب ما تم إخبارنا، فإن طابو لم يكن يقوى على الحركة أو الكلام، بعد جدال بينهوبين القاضي الذي أصر على محاكمته بينما هو تمسك بحضور دفاعه وطلب التأجيل".
ودفعهذا الوضع بمحامين آخرين، منهم زوبيدة عسول إلى إلغاء الحكم لأنه غير مؤسس وتمكينهمن الخروج من السجن، بينما دعا المحامي والحقوقي المعروف مقران آيت العربي، وزير العدلالحالي إلى التدخل وإنصاف طابو.
كماتدخلت أحزاب سياسية ومنظمات، للتنديد بما جرى لطابو في وقت تتحدث الحكومة عن التهدئةوتدعو للتعبئة من أجل مواجهة فيروس كورونا، وذهب حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية،حتى للمطالبة بمحاكمة من حاكموه بهذه الطريقة.
أمامنظمة العفو الدولية، فأصدرت بيانا تُطالب فيه بالإفراج الفوري وغير المشروط عن كريمطابو، واعتبرت الحكم الصادر عليه بمثابة "رسالة لتخويف المتظاهرين، والمناضلينالسياسيين ونشطاء المجتمع المدني، بكون أي شخص يعارض أو ينتقد الحكومة سيُعاقب".
قراراتحبس جديدة
واللافت،أن القرارات المثيرة للجدل الصادرة عن القضاء الجزائري، لم تتوقف عند حالة كريم طابو،فقد تم اليوم إيداع الصحفي خالد درارني الحبس المؤقت بعد أن كان مقيدا بنظام الرقابةالقضائية.
كماتم تأييد حبس كل من الناشط السياسي سمير بلعربي والمناضل في قضية المفقودين، سليمانحميطوش، بتهمة التحريض على التجمهر، وذلك في قرار صادر من غرفة الاتهام بمجلس قضاءالجزائر.
ومعهذا التصعيد الحاصل، بات يُخشى أن يعود للسجن بعض النشطاء الذين تم استئناف قضاياهم،أو من الذين جرت محاكمتهم ولم تصدر الأحكام في حقهم بعد.
وقالسعيد صالحي، القيادي في ائتلاف منظمات المجتمع المدني، إن المطلوب اليوم الاحتشاد منأجل إطلاق سراح جميع معتقلي الرأي، وعدم الرجوع إلى نقطة الصفر.
اقرأ أيضا: الرئيس الجزائري يعلن حظر الاحتجاجات بسبب كورونا
وأوضحصالحي في تصريح لـ"عربي 21"، أنه يأمل في أن لا تدفع التطورات الأخيرة إلىإصدار حكم آخر غير البراءة في حق رئيس جمعية "راج" عبد الوهاب فرساوي الذيتم محاكمته مؤخرا بتهمتي نشر منشورات من شأنها الإضرار بالمصلحة الوطنية والتحريض علىالعنف.
واعتبرصالحي أن إدانة فرساوي هي إدانة للمجتمع المدني الذي أدى دور الوساطة والاقتراح والنقد، في كل المراحل منذبدء الحراك الشعبي، من أجل الوصول إلى حلول توافقية تؤدي إلى مسار بناء دولة القانون.
مطالببوقف الحبس المؤقت
وفيظل السياق الحالي الذي تميزه مخاوف انتشار فيروس كورونا، ظهرت مناشدات ومطالبات بإطلاقسراح سجناء الرأي والتخفيف من إجراء الحبس المؤقت واعتماده فقط في الحالات القصوى.
وناشدتالتنسيقية الوطنية للأساتذة الجامعيين من أجل التغيير، السلطات بإطلاق سراح سجناء الرأيالذين يواجهون، حسبها، ظروفا صعبة في ظل ما تعيشه البلاد حاليا من أزمة صحية.
وحذّرتالتنسيقية من أن المماطلة في إطلاق سراح السجناء، ومواصلة قمع النشطاء وتوقيفهم وسجنهمبشكل يخالف القانون، هي ممارسات لا يمكنها سوى أن تزيد من حجم الغضب الشعبي وتعمق الهوةبين المواطنين والنظام السياسي.
وفيحديث مع "عربي 21"، قال رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان،نور الدين بن يسعد، إن سجناء الرأي رغم الإفراج عن عدد كبير منهم بعد استنفاذ عقوباتهم،يبقون بالعشرات في السجون الجزائرية.
وذكربن يسعد أن الوقت حان، لتطبيق ما تنص عليه المادة 59 من الدستور الجزائري التي تعتبرالحبس المؤقت الحبس المؤقت إجراء استثنائي يحدد القانون أسبابه ومدته وشروط تمديده،والتي تشدد أيضا على أن القانون يعاقب على أعمال وأفعال الاعتقال التعسفي.
واعتبربن يسعد أن الإبقاء على الحبس المؤقت في هذا الوقت الذي تعرف فيه البلاد انتشار فيروسكورونا، يشكل خطرا داهما على صحة المساجين الذين يصل عددهم في الغرفة الواحدة إلى20 شخصا.
وأبرزالحقوقي أن الموقف المسؤول في هذه الظروف هو الابتعاد عن أي إجراء بإمكانه أن يكونمؤذيا للمساجين، خاصة الذين يوجد منهم اليوم في الحبس ضمن متابعات تتعلق بأفكارهم وآراءهمفقط.
وزارةالعدل توضح
وفيردها على هذه المطالبات، قالت وزارة العدل إنها قررت إخضاع كل المحبوسين الجدد للعزلوالحجر الصحي لمدة 14 يوما في قاعات منعزلة مع إخضاعهم للفحص والمتابعة الطبية، وتعليقزيارة المحبوسين من طرف أهاليهم بصورة مؤقتة، بالإضافة إلى منع اتصال المحبوسين مع محاميهم بصورة مباشرة.
وخلافالما تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، ذكرت الوزارة، أنه لم يتم تسجيل أية حالةإصابة بفيروس كورونا على مستوى جميع المؤسسات العقابية، عبر كافة التراب الوطني.
مزيد من التفاصيل