يوميات الوباء: خلف النافذة عالَمٌ يتيم - منتديات المطاريد
بسم الله الرحمن الرحيم
وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَٰهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَٰهٌ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (84) وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85) "الزخرف"

منتديات المطاريد | الهجرة الى كندا | الهجرة الى استراليا

 


DeenOnDemand


BBC NEWS

    آخر 10 مشاركات

    Arabic Discussion Forum with a Special Interest in Travel and Immigration

    Immigration to Canada, Australia, and New Zealand

    Egypt and Middle East Politics, History and Economy

    Jobs in Saudi Arabia, USA, Canada, Australia, and New Zealand

    العودة   منتديات المطاريد > إعلام وثقافة وفنون > صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح

    صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح وسائل إعلام مسموع ومقروء ومرئى

    صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح

    يوميات الوباء: خلف النافذة عالَمٌ يتيم


    الهجرة إلى كندا والولايات المتحدة واستراليا

    مواقع هامة وإعلانات نصية

    إضافة رد
     
    أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
    قديم 28th April 2020, 04:29 AM المستشار الصحفى غير متواجد حالياً
      رقم المشاركة : 1
    Field Marshal
     





    المستشار الصحفى has much to be proud ofالمستشار الصحفى has much to be proud ofالمستشار الصحفى has much to be proud ofالمستشار الصحفى has much to be proud ofالمستشار الصحفى has much to be proud ofالمستشار الصحفى has much to be proud ofالمستشار الصحفى has much to be proud ofالمستشار الصحفى has much to be proud of

    new يوميات الوباء: خلف النافذة عالَمٌ يتيم

    أنا : المستشار الصحفى




    فجر: أفتحُ عينيَّ لأُباغِت الفجر يُحدّق فيهما بآخر ما فيه من عتمة بريئة، كزهرةٍ تَعتذر عن عنف عذوبتها الآفلة. يُوقظني صياح الديك الذي اتّخذ شجرةَ الليمون في الحديقة منبراً لخطبته الإيروسيّة العصماء التي يستدرج بها الكون إلى مكائد رغبته، وإلى شمسِ وحدته التي لم تشرق بعد. صياح مجّاني ينزّ شبقاً بدائيّاً مزخرفاً لحياة معتكفة تماماً في نفسها وفي لحظتها الأبديّة. أتخيَّلُ الليمون ضاحكاً في الماء الفاتر الذي سأشربه بعد قليل. أمدُّ يداً في العتمة لأتأكّد من قدرتها على نسيان ما اعتراها أمس من هلع وهي تتلمّس طريقَها إلى الكتابة. أنهض بتثاقل متعثّراً بأشباحي دون كلمات أتكّئ عليها، ودون حروف أبلعها وأتغرغر بها لتخفيف خشونة الصمت في الحلق. وفي القلب. أبذل جهداً خارقاً لكي أتجنّب قراءة الأخبار. سأقرأ قليلاً من رواية كواباتا "العاصمة القديمة" لكي أشحن رئتيّ بالأزهار، وبرقّة الربيع التي لا تُحتَمَل.


    عملٌ حيويّ: صباحاً، في الطريق النظيفة من السيارات ومن صوت الراديو، من شفاعمرو إلى الناصرة، مروراً بصفورية المهجّرة، أفكّر، كما لا يمكنني أن لا أفعل دوماً في محاذاة البساتين، بمن هُجّروا ولم يتوقّفوا عن العودة. تحملني موسيقى أنور إبراهيم. مقامات جاز زرقاء مترعة بالحزن. لولا الموسيقى لكنّا لاجئين أكثر ولفقدنا نهائياً حقّ العودة إلى أنفسنا بعد كلّ هذا المنفى. على جانبَي الشارع جرّافات حديثة وعملاقة تمزّق الصخور وتحفر الأعالي دون أيّ ألم سيزيفي يُذْكَر. تُذَكّرُني الجرّافات بكاسحات الجليد الجبّارة التي تشقّ لنا أنهاراً غامضة ودافئة في قارّة الوجود النائية المغطّاة بثلوج سميكة، إلّا أني لا أذكر علامتها التجاريّة: الأمل؟ اليأس؟ الحب؟


    مَشْفى: في المشفى حيث أعمل أضع كمّامة خضراء. أعقّم الهواء ولائحة المفاتيح والشاشات. والخوف. والحنين. والذكريات. ليس كلّ ما يلمع فرحاً. أطلّ من الشباك على سروة تتنفّس زرقتها اليوميّة بحرية لا اقتصاد فيها ولا مشاعر ذنب. أغبط غيمةً ليلكيةً ترتدي قناع شجرة، وتمشي بعيداً عن المبنى الحجريّ، دون قفّازات. أهمس في أذنها الخضراء العالية: لن أخبر أحداً. أبتسم في سرّي وقد قبضت على خيالي متلبّساً بهذيان شعريّ في هذا المكان الحدوديّ الملتبس. خلف النافذة عالَمٌ يتيم، لا أحد يهدهده، أو يهدّئ من روعه، أو يعطيه الحلوى، عالَمٌ دون أمّ. السيدة التي أمامي والتي جرَحها بردٌ قديم تقول: أمّي لم تحبّني يوماً. يصف لي أحد المتعالجين النفسيّين كيف غرقت حياته في شربة ماء، أو في نوبة إغماء، لا يهمّ، وكيف اشتبهت عليه الأسماء، أسماؤه، في الطريق الترابية المغبرّة إلى ذاته. لا يذكر جيّداً. لكن يؤلمُه ما لا يَذْكُر.


    هاتف: هاتف من صديقة تبحث عن الضوء في الرقص، ويبهرها أن تجده دائماً منغمساً في حركة جنينية تنتظر الولادة: من أنا دون رقص؟ دون طيران خارج جاذبية الأزمنة كلّها؟
    نتحدّث عن الجسد البيت وعن البيت الجسد. ماذا سيحدث لفكرة البيت التي أدمنّا عليها؟ هل ستنتقم منّا الجدران؟ هل ستنقذنا الشرفات؟ هل ستهجرنا البيوت؟


    إيطاليا: جمالٌ جاثٍ على ركبتيه. التوابيت الوحيدة في الكنيسة (هل تشعر التوابيت بالوحدة؟)، الغناء على الشرفات، مارشات عسكريّة للفقدان، أناشيد شعبيّة للحياة، Bella Ciao وداعُ مقاوِم لحيوات كثيرة: لحيوات كانت، لحيوات لم تكن، ولأخرى لن تكون. بلاد ذاهلة أمام الإنسان المنسيّ في الأرقام. بلاد سهِرت دون أن تدري على تربيتي العاطفيّة تستيقظ هذا الصباح، وتمضي كعادتها كلّ صباح، تخطف الحياة من سجن أعمالها اليوميّة المملّة ثمّ تعيدها عميقةً وأنيقةً إلى بيتها: الجمال.


    لوحة: "المحنة"، أو "البلاء". بييترو لونغو الإيطاليّ الساردينيّ يحبس الوباء في برزخٍ لولبيّ، يحاكمه ويُحكِم عليه ريشتَه. أيدٍ غارقة تجسّ نبض اللون وتضخّ الدم والحلم في جسده النضِر بضربات دائريّة متتابعة. لون فائر وزاخر بالحواس ونقائضها، بالبدايات والنهايات، بالصراخ وبالصمت، بالهواجس وبالأنفاس. إعصار أحمر وانتظار أحمر ينبجسان من صدفة فارغة. سيرة موجزة للغليان. مصائر مفترسة فاغرة فاها، تنشب أسنانها في اللحم الحيّ للذات المتلعثمة، لكن الحياة، على حالها، عارية ودامية، لا يزيدها النزيف إلّا قوّةً وبلاغةً. وإلغازاً.


    أسئلة: هل أنجو بجلدي أم بمخيّلتي؟ أم أنَّ الأمر سيّان؟ هل أتمترس كآخر سلالة الموهيكيّين في غابة روحي، أم أخرج إلى هذا الليل شاهراً سيف أرقي؟


    هل هو الفردوس المفقود: "دون رغبة، ودون ذاكرة، ودون معرفة"؟

    أين الآخرون؟


    ليل: ...


    * شاعر واختصاصيّ نفسيّ عياديّ من مواليد بلدة شفاعمرو في فلسطين المحتلة. محاضر وباحث يهتم بالخصوص بدراسة الآثار النفسيّة الاجتماعيّة للنكبة. ومن إصداراته في هذا المجال "دليل نفسي اجتماعي للعمل مع الأفراد والمجموعات" (2016). حصل قصقصي على الدكتوراه من جامعة إيسّيكس في بريطانيا. أصدر إلى اليوم مجموعتين شعريتين، وهو يقيم بين فلسطين وإيطاليا، حيث يكتب ويترجم بين اللغتين العربية والإيطالية.







    مزيد من التفاصيل

     

    الموضوع الأصلي : يوميات الوباء: خلف النافذة عالَمٌ يتيم     -||-     المصدر : منتديات المطاريد     -||-     الكاتب : المستشار الصحفى

     

     


     
    رد مع اقتباس


    Latest Threads By This Member
    Thread Forum Last Poster Replies Views Last Post
    هبة المليار يورو أمام البرلمان اللبناني: ترقب... صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح المستشار الصحفى 0 1 14th May 2024 01:30 PM
    حزب الله: استهدفنا أبنية يستخدمها جنود العدو في... صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح المستشار الصحفى 0 1 14th May 2024 01:30 PM
    مراسلة "العربي الجديد": قصف إسرائيلي يستهدف أطراف... صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح المستشار الصحفى 0 1 14th May 2024 01:30 PM
    "رويترز" عن وزير خارجية بريطانيا: هجمات المتطرفين... صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح المستشار الصحفى 0 1 14th May 2024 01:30 PM
    هيئة تحرير الشام تداهم اعتصام المحكمة العسكرية في... صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح المستشار الصحفى 0 1 14th May 2024 01:30 PM

    إضافة رد

    مواقع النشر (المفضلة)



    الانتقال السريع

    Currency Calculator
    Your Information
    RSS RSS 2.0 XML MAP HTML


    Powered by vBulletin® Version 3.8.8
    .Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
    (جميع الأراء والمواضيع المنشورة تعبِّر عن رأي صاحبها وليس بالضرورة عن رأي إدارة منتديات المطاريد)
    SSL Certificate   DMCA.com Protection Status   Copyright  


    تنبيه هام

     يمنع منعاً باتاً نشر أى موضوعات أو مشاركات على صفحات منتديات المطاريد تحتوى على إنتهاك لحقوق الملكية الفكرية للآخرين أو نشر برامج محمية بحكم القانون ونرجو من الجميع التواصل مع إدارة المنتدى للتبليغ عن تلك الموضوعات والمشاركات إن وجدت من خلال البريد الالكترونى التالى [email protected] وسوف يتم حذف الموضوعات والمشاركات المخالفة تباعاً.

      كذلك تحذر إدارة المنتدى من أى تعاقدات مالية أو تجارية تتم بين الأعضاء وتخلى مسؤوليتها بالكامل من أى عواقب قد تنجم عنها وتنبه إلى عدم جواز نشر أى مواد تتضمن إعلانات تجارية أو الترويج لمواقع عربية أو أجنبية بدون الحصول على إذن مسبق من إدارة المنتدى كما ورد بقواعد المشاركة.

     إن مشرفي وإداريي منتديات المطاريد بالرغم من محاولتهم المستمرة منع جميع المخالفات إلا أنه ليس بوسعهم إستعراض جميع المشاركات المدرجة ولا يتحمل المنتدى أي مسؤولية قانونية عن محتوى تلك المشاركات وإن وجدت اى مخالفات يُرجى التواصل مع ادارة الموقع لإتخاذ اللازم إما بالتبليغ عن مشاركة مخالفة أو بالتراسل مع الإدارة عن طريق البريد الالكترونى التالى [email protected]