لا يجد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أدنى حرج في اللجوء مجدداً، في تصفية حساباته مع النيابة، إلى قضية المعلّم الفلسطيني يعقوب أبو القيعان، الذي قتل بداية 2017 على يد الشرطة بزعم محاولته دهس شرطي، ليتكشف زيف هذا الادعاء.
ودفع ما كشف عنه أمس الاثنين الصحافي الإسرائيلي اليميني، عميت سيغل، في القناة الثانية بخصوص إحجام المدعي العام الإسرائيلي نيتسان إيرز عن الإيعاز بالشروع في تحقيق شامل ضد المفتش العام السابق للشرطة روني الشيخ، وإغلاق ملفات التحقيق في ملابسات اغتيال أبو القيعان، بوزير الأمن الداخلي في حكومة نتنياهو أمير أوحانا إلى التصريح بوجوب إعادة النظر في ظروف استشهاد أبو القيعان، وعدم التمسك بصفة "إرهابي" التي ألصقت به بعد قتله.
ومع أن الشهيد أبو القيعان استشهد بينما كان يركب سيارته مغادرا بيته قبل هدمه، من دون أن يشكل خطراً على أحد من عناصر الشرطة الذين حاصروا القرية، إلا أن دولة الاحتلال أصرت طيلة الفترة الماضية، بما في ذلك وزير الأمن الداخلي السابق جلعاد أردان، ونتنياهو، والمفتش العام للشرطة روني الشيخ، ورئيس قسم التحقيقات مع عناصر الشرطة روني كرمل، أن الشهيد حاول دهس عناصر من الشرطة، وأنه كان ينتمي بحسب زعمهم إلى تنظيم "داعش" الإرهابي.
وكان تصوير من ساعة الجريمة قد أثبت كذب رواية الشرطة، كما أن مركزا رفيعا في جهاز الاستخبارات "الشاباك" أكد، بعد ساعات من الجريمة، أن أبو القيعان لم يحاول تنفيذ عملية دهس، وأن إصابته لشرطي إسرائيلي بسيارته جاءت بعد إصابته بعيار ناري جعله يفقد السيطرة عليها.
وتأتي هذه التطورات والكشف عن رسائل متبادلة بين المدعي العام شاي نيتسان، وبين رئيس قسم التحقيقات مع الشرطة روني كرمل، لتؤكد إحجام نيتسان عن التحقيق مع مفتش الشرطة العام الذي ارتكب، بحسب المراسلات التي كشف عنها فضيحة في قضية أبو القيعان. ويأتي ذلك في سياق محاولات اليمين الإسرائيلي وأنصار نتنياهو تأكيد رواية وجود فساد في الجهات العليا لدى النيابة العامة وجهاز الشرطة، يفترض أن تطعن في قرارات هذه الهيئات بملفات التحقيق الجنائية ضد نتنياهو.
لكن على الرغم من أهمية هذه المراسلات في سياق قضية الشهيد أبو القيعان، إلا أن أدلة كثيرة كانت متوفرة منذ اللحظات الأولى لقتله أكدت براءته من تهم محاولة دهس رجال شرطة ومعارضة إخلاء قريته.
ومن بين هذه الأدلة كان الشريط المصور لقناة "الجزيرة" وتقرير "الشاباك"، لكن نتنياهو ووزير الأمن الداخلي، آنذاك، جلعاد أردان، عمدا لاستغلال الحادث لمواصلة التحريض على الفلسطينيين في الداخل، وتحديدا العرب في النقب، لإتمام مخطط ترحيل أهالي قرية أم الحيران من أراضيهم لإقامة مستوطنة يهودية على أراضيهم أطلق عليها اسم "حيران".
وقد وظف نتنياهو وأردان اتهام الشهيد بأنه "إرهابي" لمصالحهما الحزبية من جهة ولمواصلة مخطط التهجير في النقب.
واليوم تأتي تصريحات وزير الأمن الداخلي أمير أوحانا، بشأن إعادة النظر في ملابسات قتل الشهيد أبو القيعان، ضمن حملة نتنياهو المتواصلة لتقويض شرعية النيابة العامة وقسم التحقيقات في الشرطة، بما يمكنه من الطعن في لوائح الاتهام الجنائية ضده والإفلات من المتابعة القضائية.

مزيد من التفاصيل