فتحت مكاتب الاقتراع أبوابها في الجزائر، صباح اليوم الأحد، للاستفتاء الشعبي حول مسودة الدستور الجديد، التي طرحها الرئيس عبد المجيد تبون، تزامناً مع الاحتفال بعيد ثورة التحرير، وسط غموض لافت في نوايا التصويت بسبب التقارب الكبير بين الكتلة المؤيدة للدستور والرافضة له.
وبدأ الناخبون الجزائريون في الإدلاء بأصواتهم في 13 ألف مركز انتخاب، و60 ألف مكتب تصويت عبر البلاد. وسجلت مكاتب الاقتراع بداية توافد الناخبين، خاصة في الولايات الداخلية والجنوب الجزائري.
وقال الشاب محمد ناصري، الذي صوت في مركز تصويت مدرسة حديقة الحرية لـ"العربي الجديد": "ليس من عادتي أن انهض باكرا، لكنني فضلت اليوم التوجه إلى مركز التصويت. أديت واجب وصوتت بورقة زرقاء (لا) للدستور"، بينما رافق نجيب بلحاج والدته العجوز، وهي مدرسة سابقة، إلى نفس مركز تصويت، موضحا: "أصرّت الوالدة على أن تأتي باكرا إلى مكتب التصويت، لا أعرف بماذا صوتت، فهي حرة، أما أنا فمازلت مترددا في التصويت أو المقاطعة، سأفكر من هنا إلى المساء".
وعلى غرار سابق الاستحقاقات الانتخابية في الجزائر، تشهد مدن الجنوب والصحراء ومدن الداخل أكبر نسبة إقبال على التصويت، وهو ما تحرص القنوات الرسمية والمستقلة على التقاطه وبثه، لتقديم صورة عن مدى الإقبال الشعبي، إضافة إلى طوابير جنود الجيش وأفراد الأسلاك النظامية، الذين يشرعون في أداء واجبهم الانتخابي والتصويت مبكرا وبالتناوب، قبل أخذ مواقعهم لتأمين مراكز الاقتراع.
على غرار سابق الاستحقاقات الانتخابية في الجزائر، تشهد مدن الجنوب والصحراء ومدن الداخل أكبر نسبة إقبال على التصويت، وهو ما تحرص القنوات الرسمية والمستقلة على التقاطه وبثه
ويجري الاستفتاء اليوم وسط تدابير وقائية مشددة، إذ ركزت السلطة الوطنية للانتخابات نظاما يسمح بالتباعد وضمان سلامة الناخبين، وتم تعقيم كافة المدارس والمؤسسات التعليمية التي تحتضن عمليات التصويت، ووضعت ممرات محددة للناخبين، مع مواد تعقيم اليدين في كل مكاتب التصويت التي حدد عدد المتواجدين فيها بثلاثة موظفين وثلاثة مراقبين مستقلين.
واتخذت السلطات الجزائرية تدابير أمنية مشددة، لتوفير ظروف ملائمة للتصويت، خاصة في مراكز التصويت التي يدلي فيها الوزراء وكبار المسؤولين في الدولة بأصواتهم، كمدرسة أحمد عروة في منطقة سطاوالي في الضاحية الغربية للعاصمة الجزائرية، ومتوسط باستور وسط العاصمة، ومدرسة دالي إبراهيم، حيث سيصوت رئيس الحكومة عبد العزيز جراد.
ونشرت السلطات في العاصمة وحدها 17 ألف عنصر أمن لحماية مراكز التصويت، خاصة بعد تصاعد دعوات للتظاهر منتصف نهار اليوم في العاصمة الجزائرية، كما نشرت أكثر من 120 ألف عنصر أمن، إضافة إلى وحدات الدرك والجيش في المدن والبلدات في عموم البلاد، ضد إجراء الاستفتاء الشعبي، فيما كانت عدة مدن في منطقة القبائل قد شهدت الليلة الماضية مسيرات ليلية وأعمال تخريب لمكاتب التصويت وحرق للمواد الانتخابية بالكامل.
وأحصت اللجنة المستقلة للانتخابات 24.4 مليون ناخب مسجل في اللائحة الانتخابية.
ويعد هذا الاستفتاء الشعبي ثاني استحقاق انتخابي منذ الحراك الشعبي في فبراير/شباط 2019 الذي أطاح بنظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، بعد الانتخابات الرئاسية التي جرت في ديسمبر/كانون الأول 2019، والخامس من نوعه الذي تشهده الجزائر منذ الاستقلال، بعد الاستفتاء على دساتير سنوات 1963 و1976 و1989 و1996.
وتتواصل عمليات التصويت حتى الساعة السابعة من مساء اليوم، ويصعب التكهن حتى الآن بنتائج الاستفتاء، بسبب تقارب لافت بين مؤيدي الدستور والمعترضين عليه، مثلما كان واضحا خلال الحملة الانتخابية التي جرت في غضون الثلاث أسابيع الماضية، إذ تستمر الدعوات الانتخابية ومحاولات التأثير على الناخبين عبر وسائل التواصل الاجتماعي حتى بعد فتح مكاتب الاقتراع.
ويأخذ استفتاء اليوم ميزة خاصة تتعلق بكونه أول استحقاق انتخابي لا يكون فيه الرئيس الجزائري حاضرا في البلاد.
وتحاول السلطات، عبر تكثيف التغطية الإعلامية لأجواء الاستفتاء، صرف اهتمام الرأي العام عن قضية مرض الرئيس عبد المجيد تبون، والذي يتواجد منذ الخميس الماضي في مستشفى ألماني، دون أن تخبر بطبيعة مرضه، والتقليل من تأثير هذا الملف على مناخ الانتخابات.
مزيد من التفاصيل