قال رئيس الوزراء الفلسطيني
محمد اشتية، "إن لجنة التحقيق في
أحداث النبي موسى ستنهي عملها خلال يومين وسنضع النتائج أمام الناس، سنحاسب وسنضع الأمور في نصابها وسيكون القانون سيد الموقف".
وأوضح اشتية في تصريحات له خلال لقاء مع تلفزيون فلسطين الرسمي الليلة، أن "هناك تحقيقين، الأول إداري يتعلق بشخوص المؤسسة الرسمية، تنفذه اللجنة حول منح الترخيص، والآخر يقوم به النائب العام حول مخالفات جرت بغض النظر عن وجود التصريح أو عدمه".
من جانبها، أكدت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية في بيان صحافي، أن مقام النبي موسى عليه السلام هو مكان ديني وقفي ينطلق في مكانته هذه من المسجد الذي يتواجد في داخله والذي يعطيه الوصف الوقفي التأبيدي، ومن الحجة الوقفية التي تشمل جميع مرافقه وهو (وقفية الظاهر بيبرس)، وهذه المكانة الدينية التاريخية نتجت في العهد الأيوبي وتطورت في العهد الأيوبي واستقرت على وضعها الحالي منذ ذلك الحين وحتى هذه المرحلة التاريخية التي نعيش".
"سوء تقدير واضح"
من جانبها، أكدت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية ومنتدى مناهضة العنف ضد المرأة ومجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية في بيان صحافي، أنها "تابعت بقلق بالغ، تداعيات إقامة حفل موسيقي في مقام النبي موسى يوم السبت الماضي، وما رافقها من توتر مجتمعي يهدد السلم الأهلي"، ورأت أن المسؤولية الأولى بالأحداث تقع على عاتق الحكومة الفلسطينية ممثلة بوزارتي السياحة والآثار ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية لعدم إدارتهما السليمة للمكان، ودون وضع معايير وضوابط لاستخدام المكان، وعدم تقديم توضيح للمواطنين حيال ذلك.
وأكدت المنظمات أن تراشق الاتهامات وتنصّل كل طرف من مسؤولياته، ضاعف من حالة البلبلة والفوضى، والغضب الشعبي الذي لم تثلجه تصريحات المسؤولين ولا معالجة الحكومة لتداعيات الحادثة.
وأشارت إلى "سوء التقدير الواضح من قبل وزارة السياحة والآثار في إعطاء تصريح لهذا الحدث في ظل جائحة كورونا، غير آبهه بالقرارات الحكومية الأخيرة المتعلقة بالإغلاق ومنع التجمعات، والتي تدعو بحزم إلى الالتزام بالبروتوكول الصحي، ما يظهر استهتاراً صحياً".
واستغربت الشبكة والمنتدى ومجلس المنظمات تأجيج بعض المسؤولين للشارع الفلسطيني، دون الأخذ بالاعتبار السلم الأهلي؛ وأشارت إلى أنها تنظر بعين الخطورة لتحميل المسؤولية عن الحدث للمشاركين فيه وتنصل الحكومة من مسؤوليتها في حمايتهم نتيجة مشاركتهم بحدث أعطت الموافقة عليه مسبقاً.
وتابعت، "كما تنظر بقلق بالغ إزاء تمديد اعتقال الشابة سماء عبد الهادي لمدة 15 يوماً، إذا ترى فيه احتجازاً تعسفياً، ومحاولة من قبل الحكومة لامتصاص الغضب الشعبي والهروب نحو الأمام عن طريق تقديمها كبش فداء للجمهور، في حين لم تسمع اقتياد أي مسؤول رسمي، علماً أن المواطنة عبد الهادي لم تخالف القانون طالما حصلت على الموافقات الرسمية من الجهة المسؤولة عن إدارة المكان، وبالتالي نطالب بالإفراج عنها فوراً".
ورغم أنها رحبت بتشكيل لجنة تحقيق في الحدث، إلا أنها أكدت أنها تعتقد أن لجنة التحقيق لا يجب أن تضم موظفين من وزارتي السياحة والآثار والأوقاف والشؤون الدينية، كونهما الجهتين المسؤولتين أصلاً عن إدارة المكان وإعطاء تصريح بإقامة الحفل المذكور.
ودعت إلى إعادة تشكيل لجنة التحقيق لتشمل ممثلين عن المجتمع المدني والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان وديوان الرقابة المالية والإداري، وفي سلوك المسؤولين ما بعد الحادثة، وفي التحريض الواسع الذي ظهر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لأخذ الدروس والعبر ومحاسبة المسؤولين عن التقصير، ومعالجة مواطن الخلل في إدارة شأن عام، لكي لا تتكرر هذه الحادثة مرة أخرى، وعلى الحكومة والوزارات المختصة إصدار تعليمات حول كيفية إدارة الأماكن التاريخية والدينية.
وأكد وكيل وزارة الأوقاف الفلسطينية حسام أبو الرب أن ما يتم تداوله عن تقسيمات تتعلق بما هو في داخل المسجد وما هو في خارجه هي تقسيمات خاطئة وغير صحيحة إطلاقاً، والمقام بمرافقه كافة يخضع للتشريع الإسلامي للوقف الإسلامي.
وأثارت مشاهد فيديو لحفلة صاخبة لفرقة فنية تدعى "بويلر روم" داخل مسجد النبي موسى ومقامه غضب الفلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط مطالبات بمحاسبة أية جهة رسمية فلسطينية سمحت لتلك الفرقة بانتهاك حرمة المسجد والمقام الديني، ووسط اتهامات لوزارتي السياحة والآثار والأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينيتين بشأن السماح للفرقة بتنظيم هذا الحفل، فيما شكلت الحكومة الفلسطينية لجنة تحقيق بما جرى.
وأظهرت مقاطع فيديو مساء السبت الماضي، قيام شبان فلسطينيين من القدس بإخراج تلك الفرقة التي كان يرقص أعضاؤها على نغمات الموسيقى داخل المسجد والمقام، وسط صراخ وإطلاق ألعاب نارية لإخراجهم.
#مقام_النبي_موسى شرق مدينة القدس المحتلة من الأماكن المقدسة في العالم الإسلامي .
تفاجئ المقدسيون بإقامة حفل ورقص داخل المسجد ، وبعد الاستفسار عن من سمح لهم القيام بهذا الفعل المشين ، أجابوا بترخيص من وزارة الاوقاف والسياحة .!!
إلى أين وصلنا ....pic.twitter.com/3ezh8e86BA
— محمد عايد أبو جابر (@Muhmad6AbuJaber) December 27, 2020
وتبع الغضب على ما جرى أن أحرق شبان فلسطينيون (مجهولي الهوية)، مساء الأحد، أثاث غرف فندقية في مسجد النبي موسى ومقامه، بعدما اقتحموا الغرف الفندقية وحطموا الأثاث بداخلها.
واعتقلت الشرطة الفلسطينية، يوم الأحد الماضي، الفنانة العالمية المختصة بموسيقى "التكنو"، سماء عبد الهادي التي أقامت حفلاً في مقام النبي موسى بين القدس وأريحا بالضفة الغربية، وتبع ذلك غضب فلسطيني على إقامة الحفل في المقام، فيما تصاعدت الدعوات المطالبة للسلطة الفلسطينية بالإفراج عن سماء، وعدم تحميلها المسؤولية عن ذلك كونها تملك تصريحا بإقامة الحفل في المقام.
ورغم أن هناك مطالبات بالإفراج عن سماء عبد الهادي وخاصة من فنانين ومثقفين، إلا أن هناك مطالبات أخرى تطالب بمحاسبة سماء عبد الهادي على أنها أقامت حفلا في مكان ديني، وظهر انقسام بالرأي على مواقع التواصل الاجتماعي بين مطالب بالإفراج عنها ومطالب بمحاسبتها، حيث لا تزال سماء معتقلة ومدد اعتقالها للمرة الثانية كان آخرها أول أمس الثلاثاء، لمدة 15 يومًا.
اشتية: المجتمع الدولي لم يقم بخطوة جدية لمواجهة الاستيطان
إلى ذلك، وفي شأن آخر، قال رئيس الوزراء الفلسطيني "إن المجتمع الدولي موحد ضد الاستيطان، لكنه لم يقم بخطوة جدية لمواجهة الاستيطان وحماية حل الدولتين، رغم أن هناك أرضية قانونية غنية لتجفيف الاستيطان عبر قرارات الأمم المتحدة والجامعة العربية، ونسعى لإنضاج هذه الإرادة".
وأوضح اشتية خلال تصريحاته مع تلفزيون فلسطين، "أن إسرائيل تتحمل مسؤولية إرهاب المستوطنين على الطرقات واعتداءاتهم على المواطنين، ونسعى لأن يكون هناك قائمة لدى المجتمع الدولي بأسماء زعماء الإرهاب ضد الفلسطينيين".
وتابع رئيس الوزراء، "صحيح أننا أسقطنا مشروع الضم ضمن الإطار السياسي الذي نادت فيه صفقة القرن، لكن كل مستوطنة على الأرض هي مشروع ضم، وحالياً إسرائيل مقبلة على انتخابات، ونعلم أن الأحزاب متفقة على تكثيف الاستيطان، وهذا اختبار للمجتمع الدولي".
وأكد أن "مواجهة الاستيطان وتعزيز صمود الناس على أرضهم أولوية الحكومة والقيادة، ونتنياهو يحاول مسابقة الزمن بفرض حقائق على الأرض قبل مغادرة ترمب ووصول بايدن".
ولفت إلى أن الجانب الفلسطيني "قام بكل الإجراءات القانونية والإدارية المتعلقة بالجنائية الدولية، ونزود المحكمة بشكل منتظم بوثائق عن الاستيطان، والتأخير متعلق بإجراءات إدارية من جانب المحكمة، نأمل أن يتم الإسراع فيها".
وحول الأولويات الحكومية خلال العام الجديد، أوضح رئيس الوزراء الفلسطيني أنها ستتركز على "استمرار مواجهة تفشي كورونا والحفاظ على أرواح الناس، والحرص على إنجاز الوحدة الوطنية وإجراء الانتخابات، وإعادة تشغيل الاقتصاد وإنقاذ القطاعات المتضررة مثل السياحة، والعناية بالفقراء وخلق فرص عمل، إطلاق برامج التعليم المهني وإنشاء الجامعة المهنية، والسعي لإيجاد مسار سياسي جدي وحقيقي من أجل إنهاء الاحتلال وتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني".
مزيد من التفاصيل