نشرتصحيفة "بوبليكو" الإسبانية تقريرا سلطت فيه الضوء على تداعيات قرار المحكمةالجنائية الدولية فتح تحقيق ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم الحرب.
وقالتالصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21"، إن تحقيق المحكمة الجنائية الدولية يشملأساسا تحديد مسؤوليات إسرائيل والميليشيات الفلسطينية في قطاع غزة عن ارتكاب جرائمحرب خلال النزاع الذي استمر 50 يوما في صيف 2014، والتوسع الاستيطاني الإسرائيلي فيالأراضي المحتلة.
وحسبالصحيفة، قد يستغرق التحقيق عدة سنوات، كما أن العقبات التي سوف تواجهها المحكمة الجنائيةالدولية كثيرة جدا، بعضها متوقع والبعض الآخر غير متوقع.
وقدأدت الحرب التي اندلعت في 2014 إلى مقتل أكثر من 2100 فلسطيني، بينهم عدد كبير من المدنيين،فيما قُتل من الجانب الإسرائيلي 67 جنديا و5 مدنيين. ومن وجهة نظر العديد من المراقبين،ليس هناك شك في ارتكاب جرائم حرب، لكن كل المؤشرات تدل على أن التحقيق لن يفضي في النهايةإلى إصدار أي أحكام إدانة.
وقدأطلق الجيش الإسرائيلي عدة تحقيقات في بعض الانتهاكات المثيرة للجدل التي ارتكبتها قواته، ووصف المراقبون تلك الإجراءات بأنها مجرد مناورات تهدف إلى منع أي جهةدولية من فتح تحقيقات بشأن تلك الانتهاكات.
انتقاداتإسرائيلية
كانتالسلطة الفلسطينية قد وقّعت سنة 2015 على نظام روما الأساسي الذي تشكلت على أساسه المحكمةالجنائية الدولية. وانتقدت إسرائيل ذلك القرار بحجة أن فلسطين ليست دولة ذات سيادة،وليس لها الحق في التقاضي أمام المحكمة، وهي حجة رفضتها المحكمة الجنائية الدولية،مع العلم أن إسرائيل لا تعترف بالمحكمة.
وعلىإثر القرار الأخير بفتح تحقيق في جرائم الحرب المفترضة بالأراضي الفلسطينية، وصفت إسرائيلالمحكمة الجنائية الدولية بأنها "معادية للسامية"، وهي التهمة التي تُطلقعادة على كل من ينتقد سياسات الاحتلال.
وحسبالصحيفة، فقد بدأت إسرائيل وحلفاؤها حملة ممنهجة ضد المحكمة منذ صدور قرار فتح التحقيق.وبعد ساعات فقط من إعلان القرار في 5 شباط/ فبراير الماضي، أعلنت صحيفة هآرتس أن السلطاتالإسرائيلية ستبلغ المئات من القادة السياسيين والعسكريين والأمنيين بالمخاطر التيقد يواجهونها عند السفر إلى خارج إسرائيل.
من جانبه،قال ماثيو كانوك، رئيس مركز العدالة الدولية التابع لمنظمة العفو الدولية: "هذهلحظة حاسمة لتطبيق العدالة بعد مرور عقود من انعدام المساءلة عن التجاوزات والجرائمضد الإنسانية". وأضاف: "إنها فرصة تاريخية لإنهاء الإفلات من العقاب الذيتسبب في الانتهاكات الجسيمة في الأراضي الفلسطينية منذ أكثر من نصف قرن".
فرصمعدومة لإدانة إسرائيل
تؤكدالصحيفة أن قرار المحكمة الجنائية الدولية لن يكون له على الأرجح أي نتائج عملية علىأرض الواقع، خاصة أن الولايات المتحدة وحلفاء آخرين لإسرائيل، مثل ألمانيا وكندا وأستراليا،أدانوا القرار. وتمتلك جميع هذه الدول القوة الكافية لعرقلة أي تحقيق جدي أو إدانةلإسرائيل.
وقددفعت المدعية العامة فاتو بنسودة، التي اتخذت قرار فتح التحقيق بعد فحص القضية لمدة5 سنوات، ثمن جرأتها - وفقا للصحيفة-، حيث عاقبتها الولايات المتحدة على الفور، إلىجانب أعضاء آخرين في المحكمة.
وسوفتتنحى بنسودة عن منصبها في شهر حزيران/ يونيو القادم ويأخذ مكانها قاض بريطاني. وتأملإسرائيل أن يؤدي هذا التغيير إما إلى إنهاء التحقيق أو إلى عرقلته.
وبالأساس،لا تستطيع المحكمة الجنائية الدولية التحقيق مع إسرائيل في الجرائم المرتكبة داخل أراضيهالأن إسرائيل لم تصادق على نظام روما الأساسي. لكن المحكمة يمكنها التحقيق في الجرائمالتي ارتكبتها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية، لأن فلسطين دولة عضو.
ومنالمستبعد حسب الصحيفة أن نرى نتائج ملموسة للتحقيق خاصة أن القيادة الفلسطينية نفسهايمكن أن تسحب الاتهام في أي وقت حين تشتد عليها الضغوط من الولايات المتحدة وإسرائيل.
وتختمالصحيفة بأنه على افتراض أن المحكمة أدانت إسرائيل بعد سنوات من التحقيق، وهي فرضيةيصعب تصورها، سيكون من الصعب للغاية معاقبتها في ظل الدعم الذي تحظى به من دول مثلالولايات المتحدة وألمانيا وكندا وأستراليا، وقد يكون السيناريو الأقرب للواقع هو تفكيكالمحكمة الجنائية الدولية بدلا من فرض عقوبات على إسرائيل.
مزيد من التفاصيل