يحرص يونس جبارين (40 عاما)على حضور مختلف المناسبات الوطنية؛ رافعا صور والده الأسير محمد جبارين (69 عاما) منمدينة أم الفحم المحتلة عام 1948، والذي دخل في بداية شهر آذار/ مارس الحالي عامه الثلاثينفي سجون الاحتلال.
ويعد جبارين واحدا من 70 أسيرافلسطينيا من مدن الداخل الفلسطيني المحتل، بينهم 12 أسيرا محكومون بالسجن المؤبد، و12من الأسرى القدامى؛ أي الذين اعتقلوا قبل توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، و20 أسيرامن ذوي الأحكام العالية.
ويرفض الاحتلال الإفراج عن أسرىالداخل المحتل في صفقات التبادل التي يعقدها مع فصائل فلسطينية؛ ويصدر بحقهم الأحكامالعالية بشكل مبالغ به باعتبار أنهم "مواطنون إسرائيليون خانوا الدولة".
للأسير جبارين ثمانية أبناء؛كان أكبرهم يبلغ من العمر 20 عاما حين اعتقل عام 1992 وحكم بالسجن مدى الحياة، بتهمةالمشاركة في تنفيذ عملية فدائية، أدت إلى مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين وإصابة آخرين.
ويصف نجله يونس سنوات الغيابالتي عاشتها العائلة بالمريرة؛ فرغم مرور عقود على اعتقاله إلا أنها لم تعتد على غيابه؛وما زال حاضرا في كل تفاصيل الحياة رغم سجنه ومحاولة تغييبه.
وقال لـ"عربي21" إنجميع أبناء الأسير تزوجوا وأنجبوا خلال فترة اعتقاله؛ وأن ما ساعدهم على المضي قدمافي حياتهم تشجيع والدهم لهم ومعنوياته العالية في سجون الاحتلال، إضافة إلى الدعم المعنويالذي تناله العائلة من المجتمع وتقديره لها ولصبرها.
"إسرائيل" تنصلت عدة مرات من تعهدات أطلقتها بالإفراجعن الأسرى القدامى؛ ما شكل في كل مرة خيبة أمل لعائلاتهم التي تنتظر الإفراج عنهم طيلةهذه الأعوام.
اقرأ أيضا: فلسطينيو 48 يواصلون مظاهراتهم ضد الجريمة وتواطؤ الاحتلال
واعتبر يونس أن رفض الاحتلالالإفراج عن الأسرى القدامى يضاف إلى التضييق المتواصل بحق أسرى الداخل المحتل، فخلالالأشهر الماضية قام بقطع المخصصات المالية الخاصة بهم ومنع عن عائلاتهم مخصصات صندوقالتأمين الوطني، في محاولة للضغط عليهم وزيادة معاناتهم.
"شأن داخلي" هو ما يطلقه الاحتلال على الأسرى الفلسطينيينمن الداخل المحتل؛ وذلك كي يزيد من سياساته العنصرية بحقهم، وحاول التضييق عليهم أكثرخلال الفترة التي عُين فيها المتطرف "نفتالي بينيت" وزيرا للحرب في حكومةالاحتلال، حيث هو من قرر الحجز على مخصصات الأسرى وذويهم.
وأكد يونس أنه في كل عام تتجددالمطالبة من عائلات أسرى الداخل للمستوى الرسمي الفلسطيني والهيئات الحقوقية المحليةوالدولية؛ بأن يتم طرح قضية هؤلاء المعتقلين وألا يتم تغييبهم خاصة المحكومون بالسجنالمؤبد.
تراجع الاهتمام
ويحاول الاحتلال أن يضيق علىأسرى الداخل المحتل بكل الطرق؛ فإلى جانب رفض الإفراج عنهم يتعمد مضايقة وملاحقة عائلاتهمكما حدث مؤخرا في المخصصات الشهرية لهم، وأحيانا يصل الأمر إلى تأخير الإفراج عنهملأسباب واهية مثل وجود مخالفات سير قديمة عليهم أو مخالفات بناء تستدعي بقاءهم في الأسرلفترات أطول.
وفي ظل جائحة كورونا كان أسرىالداخل المحتل يتعرضون كما غيرهم من الأسرى لمحاولات حثيثة من إدارة السجون الإسرائيليةلمنع زيارات الأهل عنهم والمحامين كذلك، كما أنهم يتعرضون للعقوبات ذاتها ويحاول الاحتلالأن يقلص نشاطهم في السجون عبر استخدام سياسات عدة بحقهم كالعزل الانفرادي والعقوباتالمختلفة.
بدورها، ترى الناطقة الإعلاميةباسم جمعية نادي الأسير الفلسطيني أماني سراحنة أن الاحتلال يعامل الأسرى الفلسطينيينجميعهم بنفس الطريقة العنصرية والقمعية، ولكن تاريخيا تعرض أسرى الداخل لإجحاف كبيرخلال صفقات التبادل التي رفض الإفراج عنهم خلالها، وهو جزء من تعميق تصنيف الأسرى الذيقام بفرضه.
وقالت لـ"عربي21"إن أغلب المعتقلين القدامى من الداخل المحتل تم تحديد الحكم المؤبد لهم بمدة 40 عاما،وهناك جزء آخر تجاوزت فترة اعتقالهم 38 عاما، مثل الأسير كريم يونس وهو أقدمهم.
اقرأ أيضا: "ما خفي أعظم": إسرائيل متواطئة بنشر الجريمة بين فلسطينيي الداخل
وأشارت إلى أن الاحتلال لم يحددمدة الحكم المؤبد للأسيرين محمد جبارين ويحيى اغبارية بسبب أن أحكام المؤبد الخاصةبهم مكررة لأكثر من مرة، وأن جزءا من التفسير لكل ما يحدث هو الانتقام الذي يحاول أنينفذه الاحتلال ضد المعتقلين ومحاولة تصنيف الأسرى الفلسطينيين، وفعليا يعتبرهم أبناؤهممن الأسرى المنسيين في ظل رفض الاحتلال الإفراج عنهم.
وتابعت: "القضية برمتهاتعرضت منذ سنوات للتراجع على كل المستويات رسميا أو شعبيا؛ وحتى الحديث عن قضية الأسرىذهبت للكثير من الاتجاهات؛ فبدلا من الحديث عن احتمالية الإفراج عنهم بات الحديث عنقضايا أخرى من أجل حلها لأن الهجمة الاحتلالية كبيرة ضدهم؛ ويشن عليهم حربا مضاعفة".
واعتبرت أن قضية أسرى الداخلتعبر عن الحالة الوجودية لمواجهة الاحتلال؛ وتتحدث عن حرب عامة تمس الجميع لا تمس فقطأسرى الداخل، وأصبحت هناك حالة من الخصخصة وكأن قضيتهم خاصة بأهاليهم وحدهم.
وأكدت أن الأسرى في الداخل المحتلورغم حالة التقصير؛ إلا أنهم دائما على سلم الأسماء والأولويات الذين يتم الحديث عنقضاياهم بالنسبة للمؤسسات الحقوقية الفلسطينية؛ في محاولة لإحياء قضيتهم وتفعيلها.
مزيد من التفاصيل