حمّل المغرب، اليوم الثلاثاء، إسبانيا مسؤولية ما يقع من تطورات على خلفية موجة الهجرة غير المسبوقة من الأراضي المغربية إلى مدينة سبتة المحتلة أول من أمس الإثنين، وذلك في وقت يرى مراقبون أن العلاقات بين البلدين مقبلة على مزيد من التأزّم جراء عزم رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، على زيارة المدينتين المغربيتين المحتلتين مساء اليوم.
ونقلت وكالة "أوروبا برس" الإسبانية، عن سفيرة المغرب بمدريد، كريمة بنيعيش، الموقف الرسمي للرباط في جملة واحدة: "هناك أفعال لها نتائج ويجب تحمّلها"، وذلك إثر استدعاء الخارجية الإسبانية لها، في أزمة جديدة في علاقات البلدين، بعد أزمة استقبال زعيم جبهة "البوليساريو"، إبراهيم غالي، بهوية جزائرية مزيفة، للعلاج بعد إصابته بفيروس كورونا.
وقالت بنيعيش للوكالة إن استدعاءها من طرف الخارجية الإسبانية أمر غير عادي، لافتة إلى أنها لا تستبعد أن تدعوها الحكومة المغربية لإجراء مشاورات في الساعات القليلة القادمة. وشددت السفيرة المغربية على أن هناك "مواقف لا يمكن قبولها"، معتبرة أن العلاقات بين دول الجوار والأصدقاء يجب أن تقوم على أساس "الثقة المتبادلة التي يجب العمل عليها ورعايتها".
وفيما اعتذر مسؤول في الخارجية المغربية، في اتصال مع "العربي الجديد"، عن التعليق على الأزمة الجديدة مع الجارة الشمالية، اتهمت وزيرة الخارجية الإسبانية، أرانشا غونزاليس لايا، الرباط بـ"المخاطرة" بحياة القاصرين كردة فعل على استقبال مدريد لإبراهيم غالي، زعيم جبهة "البوليساريو" الانفصالية.
وكشفت رئيسة الدبلوماسية الإسبانية، في تصريح لوكالة الأنباء "إيفي"، أنها أجرت اتصالا بالسلطات المغربية، دون أن تكشف مضمون النقاش الذي دار بين الطرفين، معتبرة أن ما وقع في سبتة اليوم أمر "غير مسبوق".
واعتبرت أن مسؤولية مراقبة الحدود تبقى مشتركة بين الاتحاد الأوروبي ودول شمال أفريقيا، ومن بينها المغرب، لافتة إلى أن حكومة مدريد ستقوم بترحيل المهاجرين الذين دخلوا إلى سبتة بطريقة غير شرعية إلى بلدهم.
إلى ذلك، دخلت المفوضية الأوروبية على خط الأزمة الجديدة، مطالبة الرباط بالتدخل لوقف الزحف، معتبرة أن تدفق نحو ستة آلاف مهاجر إلى سبتة أمر "مقلق"، داعية المغرب إلى مواصلة منع العبور "غير القانوني" للمهاجرين من أراضيه.
وقالت المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية، إيلفا جوهانسون، اليوم، أمام البرلمان الأوروبي: "الأهم الآن هو أن يواصل المغرب التزام منع العبور غير القانوني، وأن تتم إعادة الأشخاص، الذين لا يحق لهم البقاء، بشكل منظم، وفعال. الحدود الإسبانية هي حدود أوروبا".
في غضون ذلك، استبعد يوسف غرابي، رئيس لجنة الخارجية بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي) حدوث أزمة بين مدريد والرباط على خلفية موجة الهجرة غير النظامية، معتبرا، في اتصال مع "العربي الجديد"، أن ما وقع في منطقة سبتة المحتلة من الأمور المقدور على تجاوزها، وذلك بالتنسيق بين السلطات الأمنية في البلدين، وفي ظل وجود اتفاقات لإعادة المهاجرين إلى معبر باب سبتة، وهو ما انطلق صباح اليوم.
وبحسب غرابي، فإن المغرب كان واضحا في تعاطيه مع إسبانيا، حينما أكد أن الصداقة والشراكة لا تقتصران على الاستفادة النفعية اقتصاديا أو سياسيا أو في مجال الهجرة، وإنما يتعين الحرص على مصالح الصديق والشريك وأمنه، لافتا إلى أن "المغرب لا يقبل الكيل بمكيالين في التعامل الإسباني مع مجرمي الحرب ومنتهكي حقوق الإنسان، حينما أقامت مدريد الدنيا من أجل القبض على الرئيس الشيلي السابق بنوشي، فيما عملت على تهريب زعيم البوليساريو بهوية منتحلة رغم أنه متابع من طرف القضاء الإسباني بانتهاكات حقوقية".
وأوضح أن "المغرب يصدر مواقفه حيال مدريد انطلاقا من منطلق سياسي واضح عنوانه الرئيس أنه عليها أن تدرك أين تكمن مصلحتها؟ هل مع المغرب، أم مع الجزائر وأجندتها المفضوحة؟".
وصباح الثلاثاء، عرفت مدينة الفنيدق، القريبة من سبتة، توافد المئات من الشبان المغاربة والمهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، قادمين من مدن تطوان والمضيق وطنجة، على أمل الوصول إلى داخل سبتة المحتلة. وفيما كان لافتا الحضور الأمني المغربي الذي حال دون دخول المهاجرين الجدد، عملت السلطات الإسبانية على إعادة أكثر من 1500 شخص إلى المغرب من أصل 6 آلاف مهاجر مع تعزيز مراقبة الحدود بنشر بعض قوات الجيش.
مزيد من التفاصيل