رغم حياتهما العملية في الصحافة منذ سنوات، وتميزهما بها رغم عدم حصولهما على شهادة جامعية، أصر الصديقان الصحافيان، ثائر الفاخوري (31 عاماً) ورائد الشريف (32 عاماً)، من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، على التقدم هذا العام لامتحان
الثانوية العامة، وحصلا على نفس المعدل 84% بفارق أعشار بسيطة.
الصديقان الصحافيان نجحا في حياتهما العملية واستقرا، وأصرا على التقدم وعدم إخبار أحد بتقدمهما للامتحان إلا في اللحظات الأخيرة.
يقول ثائر الفاخوري لـ"العربي الجديد": "لا أحد يعرف بتقدمي سوى زوجتي، لقد كنت أخشى الفشل وتبعاته حتى لا يؤثر على حياتي العملية التي نجحت بها، فأنا ورائد ناجحان بحياتنا العملية، وأصررنا على أن نشق طريقنا في الحياة الأكاديمية".
قبل 15 عاماً، وبعدما أنهى ثائر الفاخوري فصله الدراسي الأول في الصف الحادي عشر بمعدل 93%، اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي، ثم اعتقل عدة مرات لنحو 5 سنوات في سجون الاحتلال، وهو ما حرمه من إكمال دراسته الثانوية والجامعية.
لكن ثائر شق طريقه العملية في مجال التصميم الغرافيكي بعدما حصل على خبرته من شقيقته التي تدرس "الغرافيكس"، ثم دخل مجال التصوير والمونتاج وتفوق بهما ووجد دعماً ومساندة من أصدقائه.
وعمل موظف علاقات عامة في بلدية الخليل، حتى أصبح يمتلك حالياً شركة لتقديم الخدمات الإعلامية تقدم خدماتها لعدة فضائيات، وهو أيضاً لديه خبرات في مجال الصحافة المكتوبة، إلا أن ثائر وبرغم نجاحه العملي على مدار 12 عاماً من الخبرة العملية، كان يشعر بأهمية وضرورة أن تكون لديه شهادة علمية.
وحصل ثائر الفاخوري على معدل 84.6% هذا العام بامتحان الثانوية العامة للفرع الأدبي. وبحسب ما يؤكده لـ"العربي الجديد"، فإنه ينوي إكمال دراسته الجامعية، ويحاول الدراسة في الخارج، ولديه فرصة عمل يوائم بينها وبين دراسته.
لكن العائق أمامه هو منعه من السفر، ويعمل جاهداً خلال هذه الفترة على محاولة إزالة المنع من السفر عنه من خلال مؤسسة حقوقية، وإن لم يستطع السفر سوف يسجل في إحدى الجامعات الفلسطينية تزامناً مع استمرار عمله في شركة الإنتاج والإشراف عليه.
ويؤكد ثائر الفاخوي على أن "الشهادة الأكاديمية أمر مهم للصحافي حتى لو نجح بحياته العملية، ولا بد له من تأطير عمله المهني أكاديمياً". ويقول: "الشهادة سوف تفيدك اقتصادياً وتعمل على تحسين دخلك، وتفيدك أكاديمياً وتهذب معلوماتك، وبالتالي إن لم تنفعك الشهادة لن تضرك. أنا أشجع أي شخص ناجح مهنياً في حياته أن يؤطر عمله أكاديمياً".
الحال ذاته بالنسبة للصحافي رائد الشريف، الذي يعمل مراسلاً لإحدى الفضائيات العربية، فهو كان من المفترض أن يجتاز امتحان الثانوية العامة في العام 2007، لكن الظروف الاجتماعية بوفاة جده حالت دون ذلك، ثم اعتقاله لدى قوات الاحتلال على فترات عدة لمدة عام.
يقول رائد الشريف لـ"العربي الجديد": "لقد أصررت بعد 14 عاماً من الانقطاع عن الدراسة على التقدم وزميلي ثائر الشريف لامتحان الثانوية العامة هذا العام، وحصلنا على نفس المعدل بفارق أعشار. لقد حصلت على معدل 84.4 %، وسوف نكمل دراستنا، فلا بد من تعزيز الحياة العملية بشهادة جامعية، رغم أن الشهادة ليست مقياساً في الحياة العملية، والإعلام موهبة تُنمّى بالمهارات والممارسات، رغم أهمية الشهادة الجامعية".
ويضيف الشريف: "كانت لدي وثائر عزيمة وإصرار على الحصول على الشهادة في الثانوية العامة ومنها إلى الشهادة الجامعية، لقد وصلنا إلى كل شيء بحياتنا الشخصية والعملية وعملنا مع عدة فضائيات عربية، لكن ما ينقصنا الشهادة الجامعية، وأصررت وثائر وشجعنا بعضنا على خوض هذه التجربة، كنا ندرس نفس الكتب ونراجع المواد الدراسية لدى نفس المدرسين، وحصلنا على نفس المعدل بفارق أعشار، لقد تلقينا دعماً من زوجتينا، ولم نخبر أحداً بالتقدم للامتحان، إلا في الفترة الأخيرة".
ولم يكن التقدم بالسن عائقاً لدى الصحافيين الشريف والفاخوري، بل إن التقدم بالسن يوسع المدارك نحو فهم الأمور العلمية. يوضح الشريف: "الإدراك اليوم يختلف عمّا قبل 12 سنة، ووجدنا سهولة بفهم الأسئلة التي تحتاج الإدراك".
مزيد من التفاصيل